شعب تمّ التحيل عليه باسم الديمقراطية البرجوازية المغشوشة والمزيّفة تحت غطاء الدين و”الڨفّة” والـ 10 دنانير والمال الفاسد والمغالطات المتتالية من أجل نيل أصواته للوصول إلى السلطة، وهو ما أثبتته دائرة المحاسبات مؤخرا. والحال أنّ من نالوا أصوات المستضعفين ووصلوا إلى سدّة الحكم يكشّرون عن أنيابهم ويكشفون عن وجوههم البشعة والمروّعة ويمرّون بسرعة البرق إلى مزيد استغلال الفقراء على جميع المستويات واستهداف قوتهم وحياتهم وحرياتهم ويضيّقون حتى على تفكيرهم ويتعاملون مع الكادحين الذين نالوا أصواتهم بمنطق العبيد أو العدو الذي وجب التخلص منه أو على الأقل تجويعه حتى يسهل حكمه والتحكم فيه… تحت غطاء الممارسات القذرة يحاولون دفن طموحات الشعب وآماله والمتمثّلة أساسا في العيش الكريم .
لقد فتحت السلطة الحدود نزولا عند رغبة رأس المال لمزيد تكديس الثروة على حساب صحة المواطن. ثم يجبرون الشعب على ملازمة منازلهم بتعلّة الحفاظ على سلامتهم التي هدّدوها بفتح الحدود بلا رقيب ولا حسيب ويحرمون بذلك العمال وصغار التجار والحرفيين من الاسترزاق دون أن يتّخذوا أيّة إجراءات لفائدة الفئات الهشة حتى على هشاشتها وضعفها، ثم يحتجزون محام بالعاصمة (عبد الناصر العويني) بتعلّة عدم اصطحابه لترخيص تنقل، ويتمادون أكثر ليعتدوا ويهينوا راعٍ مرّت أغنامه من أمام مقرّ ولاية سليانة.. ويجنّ جنونهم لشباب خرج ليلا للاحتجاج على الظروف المزرية التي يعيشها، يشيطنونه ويتهمونه بالإجرام والانحراف و”مكلفين بمهمة تخريبية” والحال أنهم من خربوا الوطن وأجبروا الشباب على التمرّد على سياساتهم الفاشلة والمفلسة.
يطلقون الرصاص الحي على المحتجّين بالسرڨاز بماجل بلعباس في ذكرى اندلاع الثورة (17 ديسمبر) يدفعون بتجاهلهم لمعتصمي دولاب القصرين للمجهول في الذكرى العاشرة للثورة (14 جانفي) يعتدون على جرحى الثورة والدكاترة الباحثين…
رقعة الاحتجاجات تتّسع وتشمل شرائح واسعة من الشعب ومختلف القطاعات والفئات ويزداد الغضب الشعبي يوما بعد يومٍ، غضب على الخيارات والسياسات المعادية للشعب، يصنعون صراعات وهميّة بين مختلف مؤسسات الحكم (برلمان وحكومة ورئاسة) من أجل توجيه الرأي العام وتلهيته.
وشيئا فشيئا، تتسع الهوة بين المواطن والسلطة، وتفقد شرائح واسعة من المواطنين ثقتهم في النظام وتتولّد لدى غالبيّتهم رغبة جامحة لكنس منظومة الحكم العميلة التي تَأكّد رضوخها للدوائر المالية العالمية وعداؤها الواضح للشعب وللوطن. ويواصلون فرض خياراتهم وسياساتهم التي لا مصلحة للشعب التونسي فيها، بل لهم مصالح عدة في ما يختارون وما يخططون.
عشر سنوات مضت على إسقاط رأس النظام الدكتاتوري وتولّي الحكم بقيادة الإخوان وشركائهم، رغم تعدّد وجوههم، إلاّ أنهم ظلوا يمارسون نفس الممارسات البالية بل ربما أكثر تعاسة وأكثر عداءً للشعب وللوطن. إنها سلطة مفلسة لم يعد لها ما تقدّمه للشعب سوى المزيد من الفقر والشقاء.. سلطة لم تترك مجالا لاحترام الخطوط الحمراء، وتدفع بخياراتها الموجعة للشعب إلى تجاوز كل القوانين والأعراف. ثم يلقون باللّوم على المحتجين وينعتونهم بالمجرمين والمنحرفين.
لن نأبه لاتهاماتهم ولادّعاءاتهم وسنمضي في ذاك الطّريق الشائك الذي سلكناه منذ زمن من أجل كنس منظومة الحكم وتحقيق العيش الكريم لشعب تونس العظيم…
لتسقط منظومة الإفلاس والإرتهان.
كـمـال فـارحــي