وممّا فاقم من عبثية قرار الحكومة وفضح وجهها الطبقي السافر سماحها بفتح الفضاءات التجارية الكبرى مقابل غلقها للأسواق الأسبوعية. وكأنّ تلك الفضاءات الكبرى “أرض محرّمة” على الفيروس رغم أنها فضاءات مغلقة وإمكانيات العدوى فيها مرتفعة. كما أنّ الحكومة لم تحرّك ساكنا أمام البلاغات والبيانات المتهاطلة من الاتحادات الجهوية للأعراف التي تعلن فيها صراحة عدم التزامها بقرارات الحكومة. بالمقابل لم تتردّد في إرسال بوليسها لغلق الدكاكين ومطاردة الباعة المتجولين وإيقافهم في بعض الحالات التي جدت صبيحة اليوم.
لقد كشفت حكومة المشيشي والأحزاب الداعمة لها مرة أخرى عن انحيازها الطبقي المفضوح للوبيات المتحكمة في مفاصل الاقتصاد التونسي وعدائها الطبقي السافر لأغلبية الشعب التونسي. فهي لا تتردد في كل أزمة قطاعية عن إغداق المساعدات والإعفاءات الضريبية على رؤوس الأموال تاركة عامة الشعب التونسي يواجه مصيره وحيدا. فإمّا الموت بالوباء أو الموت فقرا.
لا معنى لحجر صحي شامل دون سياسة صحية ناجعة وفعالة ترتكز على تعميم التلاقيح.
لا معنى لحجر صحي شامل دون مرافقة اقتصادية للتجار الصغار وأصحاب محلات الخدمات والمشاريع الصغرى ودون تغطية اجتماعية للعمال اليوميين والباعة المتجولين… والعائلات الفقيرة والفئات الهشة.
حجر شامل لتجويع الكادحين ومراكمة أرباح الرأسماليين
حبيب الزموري
لم ينتظر التجار الصغار والعمال اليوميين طويلا لخرق الحجر الصحي الشامل في يومه الأول رغم خطورة وفداحة الوضع الوبائي بالبلاد ورغم وعيهم بأنهم بصدد إلقاء أنفسهم في بؤر العدوى في الأسواق المزدحمة، وهو ما يثير عدة أسئلة حارقة حول مدى سلامة قرار الحجر الصحي الشامل التي اتخذتها الحكومة. ليس من حيث الحجر في حد ذاته. فذلك قرار ربما يكون متأخرا. ولكن من حيث الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية المرافقة لهذا القرار والتي من شأنها توفير أفضل الضمانات لتطبيقه وخاصة توفير شروط العيش الكريم لملايين التونسيين الذين يرتبط قوتهم اليومي بعملهم اليومي.