مرتضى العبيدي
مثل يوم الخميس 13 ماي ثلاثة من مناضلي منظمة “أباهلالي” (وترجمتها “شعب الأكواخ”) بجنوب إفريقيا أمام محكمة مدينة “ديربان” عاصمة مقاطعة “كوازولو ناتال” بتهم كيدية. وكان من المنتظر أن تعلن المحكمة عن إطلاق سراحهم المؤقت مقابل كفالة مالية بعد أن استوفى محاموهم كل الإجراءات لذلك. إلاّ أنّ الحصار الذي ضُرب منذ الصباح الباكر على مقرّ المحكمة لمنع مناضلي المنظمة وأنصارها القادمين من أقاصي البلاد من الدخول كان ينبئ بأنّ أمرا ما بصدد التدبير، وهو ما حصل فعلا، إذ بوغت المحامون بتغيير مفاجئ للمدعي العام الذي أعلن عدم أهلية المحكمة للنطق بالسراح المؤقت وبإحالة ملف القضية أمام محكمة أخرى وتأجيل موعدها إلى يوم الاثنين 17 ماي الجاري.
وكان حزبنا قد وجه منذ انطلاق القضية رسالة تضامن مع المناضلين المحالين كيديا على العدالة معتبرا أنّ عمل الترهيب هذا لا يستهدف هؤلاء الرفاق فقط بل كل المنظمة التي عملت منذ تأسيسها على تمكين سكان الأكواخ والفقراء بشكل عام في جنوب إفريقيا من التنظيم الذاتي في مواجهة سياسة التهميش التي يخضعون لها من قبل السلطات الرسمية لهذا البلد، ومذكرا أنّ نشطاء AbM ليسوا في محاكمتهم الأولى ولكنهم خرجوا من كل المحاكمات السابقة أقوى وأكثر إصرارًا على مواصلة كفاحهم من أجل تحسين الظروف المعيشية لإخوانهم بقيادة منظماتهم المستقلة.
ومنظمة “أباهلالي” هي حركة لسكان الأكواخ في جنوب إفريقيا تقوم بحملات ضد عمليات الإخلاء القسرة والتهجير. نشأت في مدينة “ديربان” في أوائل عام 2005 وتوسعت إلى مدينتي “بيترماريتسبورغ” و”كيب تاون”. وهي أكبر منظمة لسكان الأكواخ في جنوب إفريقيا، تناضل من أجل تحسين الظروف المعيشية للفقراء وإضفاء الطابع الديمقراطي على المجتمع من الأسفل. وفي سنة 2010، بلغ عدد منخرطيها 25000 عضو، وما انفك العدد يتزايد منذ ذلك التاريخ.
وقد نظمت “قاعدة أباهلالي مجوندولو” مظاهرات وانخرطت في أعمال مباشرة مثل احتلال الأراضي والربط الذاتي بشبكات الماء والكهرباء، كما التجأت إلى المحاكم للاعتراض على قوانين الإسكان التعسفية، فهزمت مثلا قانون “كوازولو ناتال” للأحياء الفقيرة لعام 2007. وفي سنة 2010، نظمت احتجاجات على آثار كأس العالم مثل عمليات الإخلاء والهجمات المعادية للأجانب.
وإن رفضت AbM تاريخيًا السياسات الحزبية، وقاطعت الانتخابات في الماضي تحت شعار “لا أرض! لا بيت! لا تصويت!” ولها تاريخ من الصراع مع كل من المؤتمر الوطني الأفريقي والتحالف الديمقراطي الحاكم منذ نهاية نظام الميز العنصري، فإنها أعلنت دعمها التكتيكي للتحالف الديمقراطي في انتخابات 2014. وبحلول موعد الانتخابات العامة لجنوب إفريقيا لعام 2019، أيّدت المنظمة صراحة وعمليا قائمات حزب العمال الاشتراكي الثوري.
وتشارك المنظمة في “تحالف الفقراء”، وهي شبكة من الحركات الشعبية الراديكالية في جنوب إفريقيا. كما أقامت روابط تضامنية مع مجموعات أخرى في جميع أنحاء العالم. وهو ما جعلها عُرضة للقمع المستمر والعنيف أحيانا من قبل الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية والموازية الذي يصل حدّ الاغتيالات. ففي سنة 2009 قُتل شخصان في هجوم على طريق كينيدي، بينما قُتل نكولوليكو جوالا، وهو منظم في “كاتو كريست، ديربان”، في عام 2013. وقتل Nqobile Nzuza بالرصاص في احتلال أرض ماريكانا في ديربان عام 2013. وفي عام 2020، ورغم القرار الرسمي بوقف عمليات الإخلاء بسبب وباء COVID-19، استمرت هذه العمليات في “ديربان” وتم إطلاق النار على العديد من الأشخاص بالذخيرة الحية.
ولا تقتصر المنظمة على النضال من أجل تحسين ظروف السكن وتوفيره لمستحقيه، بل تتجاوزه لعدّة مجالات أخرى سنعود إليها في مناسبات قادمة.
.