عمار عمروسية
لقد مثّل الدّخول القويّ لفلسطينيّي الأراضي المحتلّة عام 1948 في الانتفاضة الدائرة حاليا واحدا من العلامات المضيئة للنّضال الوطني المستعر بجغرافيا “فلسطين” التّاريخيّة.
فانفتاح هذه الجبهة بسواعد شبّانها وأهاليها ضمن فعاليات المقاومة الشعبيّة وجّه طعنة موجعة لسياسات “الأسرلة” الصهيونيّة وأسقط خرافة التشتيت الجغرافي للأرض الفلسطينية المحتلّة ومزاعم “الاندماج العربي” في النّسيج المجتمعي للعصابات الصّهيونيّة.
فكلّ فعاليات المقاومة الشعبيّة بمدن وبلدات احتلال 48 طوال الأيّام الماضية وخلال الإضراب العام اليوم 18 ماي الجاري تؤكدّ بما لايدع مجالا للشّك تلاحم كلّ جبهات المقاومة وتراص صفوف الشعب الفلسطيني في وحدة استثنائية حول مقاومته بجميع أشكالها من أجل التّحرّر الوطني والانعتاق.
فـ”لأسرلة” إنهارت أمام قوّة الانتماء الوطني، وتفكيك النّسيج المجتمعي أخلى مكانه إلى الوحدة حول الأرض واستعادة الحقوق التي تجد ترجمتها في تحوّل جميع تلك المدن والبلدات إلى خناجر في خاصرة الكيان الصهيوني.
فمدن تلك الجغرافيا نهضت كما لم يحدث لتصل النّهار بالليّل ضمن ملاحم بطوليّة متواصلة لم يقدر على وقفها بطش الاحتلال وهمجيته، الأمر الذي أعاد إلى واجهة الإعلام العربي والدّولي أسماء بلدات كانت حتّى وقت قريب في دوائر النّسيان والتّهميش رغم ماضيها النضالي الكبير.
نهض فلسطينيو “عكّا” و”يافا” و”الناصرة” و”اللّد” وغيرهم ليعيدوا الرّبط مع تراث الآباء والأجداد المشرّف.
فتلك الجغرافيا مثّلت منذ “النكبة” وطوال الستينات وسبعينات القرن الماضي معاقل أساسيّة في النّضال الوطني الفلسطيني.
قصائد أشعار كثيرة وأناشيد وطنيّة غزيرة تغنّت بملاحم بلدات ما سمّي “الخطّ الأخضر”.
فبلدة واحدة من تلك المدن ونعني “اللّد” هي بمثابة محضنة كبيرة للعمل الوطني البطولي في أواخر ستينات وحتّى منتصف سبعينات القرن الماضي.
“اللّد” هي بلدة حكيم الثورة الفلسطينية “الراحل جورج حبش” ورفيقه سيدّ العمليّات الفدائية الشهيد “وديع حدّاد”.
ومطارها كان مسرحا لعمليّات فدائية ألهبت حماسة شعوب العالم ونقلت قضية الشعب الفلسطيني وقتها إلى جميع أنحاء العالم.
مطارها، شوارعها، وأزقّتها عرفت ملاحم فدائية أبطالها علامات كبيرة في مسيرة النضال مثل”اوكاموتو” و”ليلى خالد” والفقيد “أنيس النقاش” الخ…..
“لدّ” البطولات والثوار نهضت هذه الأيّامّ في وجه الاحتلال وجعلت رئيس بلديّتها منذ أيّام يعلن خروجها عن السيطرة ممّا أجبر الكيان الصّهيوني على إعلان حالة الطوارئ في سابقة أولى من نوعها.
“لد” الثوار” خرجت عن قبضة التّدجين الصهيوني ولم يتمكّن “حرس الحدود” ولا “المستعربين” ولا العصابات الصهيونية من كبح جموح أهاليها نحو العصيان والمقاومة.