عمار عمروسية
انتصف الأسبوع الثاني من العدوان الهمجيّ على الشّعب الفلسطيني ولم يتمكّن العدوّ الصهيوني بشهادة الجميع بما فيها بعض الإعلاميّين والخبراء العسكريين والأمنيين الصهاينة من تحقيق إنجازات كبيرة يقع تصنيفها ضمن سرديّة الانتصارات الباهرة للجيش “الذي لا يقهر” الخ…
على النقيض من ذلك فقد طفت على السّطح الإعلامي المرئي والمكتوب لدولة الاحتلال بدايات الإقرار من جهة بفشل العدوان في تحقيق أهدافه العسكرية والأمنية وبطبيعة الحال السياسية ومن جهة أخرى بنجاح الانتفاضة الفلسطينيّة في تحقيق نقاط إيجابيّة كثيرة على جميع الواجهات تدفع إلى الاعتقاد بأنّ كلّ قواعد الاشتباك القديمة قد انهارت بما يضمن مواقع أفضل لحركة التّحرّر الوطني الفلسطيني.
فحيثيات عدوان الأيّام الماضية وبقاؤه في دوائر التّّدمير العشوائي في “غزّة” وعجزه عن كبح جماع انتفاضة فلسطينيي أراضي 1948 والضفة الغربيّة مضافا إليهما تنامي القدرات العسكرية والتكتيكية للمقاومة المسلّحة التي عمّمت مشاعر الخوف وحتّى الرّعب في صفوف قطعان المستوطنين على امتداد الأراضي المحتلّة.
تلك الحيثيات وغيرها كثيرة مثل تلاحم كلّ جبهات المقاومة وانصهار مجمل الشعب الفلسطيني في وحدة استثنائية ميدانيّة مكافحة تُجيد المزج بين استعمال السّلاح والحراك الشعبي أسهمت في تعميق تناقضات الدّولة الصهيونية وتغذية عناصر تفكّكها الاجتماعي الذي سرعان ما وجد تعبيراته في شيوع الرّوح الانهزاميّة حتّى لدى كواسر البطش والتّنكيل مثلما ورد بقلم رئيس “الشباك” السابق (يوفال دسيكين) الذي كتب “لا أدري هل هي نهاية البداية أم بداية النّهاية… ؟”أو ما جاء على لسان “افراييم هليفي” رئيس جهاز الموساد السابق عندما قال “نحن على أبواب كارثة، إنّه ظلام ما قبل النّهاية…”.
على هذه الشاكلة تغلي السّاحة السيّاسيّة الصهيونيّة ودخلت حتّى قبل وقف العدوان في تحميل مسؤوليات فشل “الجيش الأقوى” في كسر شوكة سلاح المقاومة المسلّحة ووقف اندفاعة أصحاب الصّدور العاريّة رغم كل صنوف أدوات البطش والاعتقال.
في الضفة المقابلة يرسم شعب الجبّارين ملاحم بطوليّة ويظهر قدرات هائلة في إدارة جميع الجبهات بما يضمن أوّلا صمود جسم المقاومة وثانيا تكبيد العدوّ خسائر بشرية ومادية باهظة.
“الجيش الأقوى” بالمنطقة والخامس في العالم يغرق كلّ يوم في بحر المقاومة ويقف عاجزا عن حسم المعركة لصالحه ولا ينجح إلاّ في بشاعة جرائمه ضدّ العزّل والبنى التحتيّة المدنيّة، تلك الفظاعات التي تلهب مشاعر العداء ضدّه عربيا وعالميّا.
ومفخرة الصناعات العسكريّة “القبّة الحديديّة” انقلبت تحت صواريخ المقاومة إلى غربال ثقوبه الكثيرة قلبت ملايين الصهاينة إلى فئران ملاجئ ودهاليز بالليل والنّهار في كلّ الأراضي المحتلة.
شعب الجبارين رغم اختلال موازين القوى بشكل رهيب ورجحانها للعدّو يخوض معركته بعقيدة الانتصار وحسن إدارة السّلاح والصّدور العارية ضمن مسار طويل من استنزاف كافة مقدّرات الدّولة الغاصبة في الواجهات الاقتصادية والعسكرية والشعبيّة وبطبيعة الحال السياسية.