عمار عمروسية
أطلقت حكومة “الكمبرادور” العميلة مخالبها الحادّة في اللّحم الحيّ لشعبنا من خلال إعلان زيادات مشطّة في الكثير من المواد الأساسيّة الغذائية وغيرها.
فموجة الارتفاع الجنونيّ للهيب الأسعار عاتية وغير مسبوقة. من ذلك أنّ كيلوغرام السّكر العاديّ قفز ثمنه دفعة واحدة من 1150مليم إلى 1450مليم ومعاليم النّقل في الوسطين الحضري وبين المدن وثبت إلى حدود مفزعة يصعب تصديقها خصوصا في المسافات البعيدة، ممّا جعل الكثيرون يتندّرون بسعي الحكومة إلى عزل المدن عن بعضها وتعسير تنقلّ النّاس بينها!!!
لهيب ارتفاع الأسعار طال مواد البناء والحبوب الموجهّة لأعلاف الماشية وشمل فاتورة الماء والكهرباء والمحروقات بزيادة قدرها 100مليم، هي الرّابعة منذ بداية السّنة الجارية (فيفري، مارس، أفريل) مع إعلان بترسيم هذا التّرفيع كلّ شهر!!!
يد حكومة “التكنوقراط” طويلة، ألهبت الأسعار والقادم أشدّ خطورة ويهدّد بتوسيع دوائر الفقر والخصاصة وحرق المقدرة الشرائية للأغلبيّة السّاحقة من شعب تونس.
مخالب “التكنوقراط” قاسية وماضية حتّى النّهاية في تطبيق تعليمات صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي. فموجة لهيب ارتفاع أسعار اليوم مقدّمة صغيرة من مجزرة شنيعة في حقّ العمّال والفلاحين ومجمل الأجراء والمهمّشين.
لهيب أسعار هذه الأيام بداية حريق قادم يعدّ له “التكنوقراط” ببرودة دماء المسامير الصدئة من كبار الإداريين ولفيف العملاء من الأحزاب الرّجعيّة بالتّوافق مع الجهات الأجنبية ضمن ما يعرف بالإصلاحات الهيكليّة التي ستنتهي من جهة إلى وضع البلد وجميع مقدّراته تحت الوصاية الأجنبيّة ومن جهة أخرى إلى تدمير النّسيج الاقتصادي والاجتماعي.
فزيادات الأسعار هذه المرّة استجابة لشروط الجهات الماليّة النّهابة وعربون وفاء لتلك الدوائر حتّى تفتح “فانة” الاقتراض ولو بشروط مهينة وطنيّا وشعبيا ومذلّة قوميا وتحديدا في علاقة بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
حكومة “التكنوقراط” لا تبالي بآفة فيروس كورونا الذي التهم أرواح أكثر من 12 ألف تونسي وتونسيّة ونذر موجة رابعة تلوح في الأفق يعترف وزير الصحة نفسه أنّها أشدّ فتكا. فالوفيات في شهري جويلية وأوت وفق تصريحه قد تتجاوز الأربع آلاف!!!
مشغل الحكومة ورئيسها الحفاظ على البقاء في”القصبة” بدعم من الحزام البرلماني الإجرامي.
فثمن التّربع على رقاب الشعب والمواصلة في اقتسام “الكعكة” في منطقهم لا خطوط حمر أمامه بما فيها القبول بالوصاية الأجنبية والكومسيون المالي مثلما ألمح رئيس الوزراء الفرنسي عند زيارته لبلادنا.
والثمن هو القبول بتدمير الفلاحة من خلال عودة المفاوضات حول “الأليكا”مع الاتحاد الأوروبي.
والفاتورة فيها خصخصة المؤسسات العموميّة وتعميق الفقر والبطالة والتّفويت في الأراضي الفلاحية الدولية للأجانب.
حكومة “التكنوقراط” هي حكومة المهمات القذرة التي يتخفى وراءها أحزاب الحزام البرلماني العميل وهي -أجيال حكومة – رأس حربة المنظومة الفاسدة لتمرير الإجراءات المؤلمة بقوّة البطش إن لزم الأمر.
حكومة “المشيشي” تدير أزمة البلد الاقتصادية والمالية بعقلية تقنيّة مغلوطة تُقصي حاجيات الشعب وقيم الكرامة للأفراد والوطن.
فالأزمة مختزلة في أرقام جامدة والحلّ في تقويم تلك الحسابات بما يفضي لتسوية الموازنات الماليّة بعيدا عن المساس بمصالح الطبقات الثرية والقوى الخارجية النّهابة.
لاشكّ في أنّ أيّاما صعبة تنتظر الطبقات الشعبية تحت حكم هذه الطّغمة التي تسابق الوقت لتمرير سياساتها اللاشعبية واللاّوطنية مستفيدة من دخول فصل الصيف وضغط جائحة كورونا على المجتمع ضمن قصف ديماغوجي إعلامي وسياسي لبث مشاعر اليأس والإحباط وتقبّل هذا الهلاك باعتباره الحلًْ الأوحد.
منظومة الحكم الحاليّة تعمل على تعفين الأوضاع وتعبيد الطّريق أمام أسوإ الحلول سياسيا واقتصاديّا مغتنمة رجحان موازين القوى لفائدتها.
جميع المؤشرات الموضوعية تدفع إلى الاعتقاد بأنّ حكومة “المشيشي” ممعنة في تنفيذ خيارات أسيادها بوقاحة كبيرة فيها الكثير من الاستفزاز والاستخفاف بقدرات الشعب التّونسي وقواه الثورية والديموقراطيّة التي تمكّنت في ظروف أشدّ تعقيدا من هزم النظام الدّيكتاتوري.