عمار عمروسية
لم يبق من الوقت الكثير حتّى تدخل حملة الدعاية لبيعة الرئيس ما عرف بالصّمت الانتخابي الذي سيعقبه حلول يوم 25 جويلية الذي سينتهي دون شكّ بإعلان نتائج أوليّة تؤكدّ الفوز السّاحق لـ”نعم” الرئيس وجوقته.
وما من شكّ أيضا أنّ هيئة الرئيس للانتخابات ستتولّي ترتيب حسابات صناديق الاقتراع وضبط حساباتها لإقرار تلك التّوقعات بما يحقّق أمنية “قيس سعيد” في العلوّ الشاهق أو العبور.
فكتابة التّاريخ الجديد كما يحلو للرئيس دوما الإشارة إليه لا يمكن بالمرّة تصوّرها خارج سياق ليس فقط مرور دستور الأخير والتّقدّم في تكريس مشروعه الشعبوي الاستبدادي وإنّما بنسبة عالية قد تقرب أو تتجاوز 90٪.
لا أحد له القليل من المعرفة بالمناخ العامّ الذي يسود ببلادنا منذ 25 جويلية 2021 وبالأجواء التي تحكم شروط الفعل السياسي مدّة الحملة الدعائية بإمكانه توقع أيّ مفاجئة مرتبطة بنتائج المهزلة الانتخابية.
“نعم” الرئيس معها كلّ الدّولة بجميع إمكانياتها. فالكلّ يشتغل بالقانون وخارج القانون، في الجهر والسّر لإعلاء منسوب الـ”نعم” في مجمل وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية الخ… بغطاء فتاوي من هيئة “بوعسكر” وصمت “الهايكا”.
جمعيات مجهولة ومنظمات مشبوهة وأحزاب مغرمة بالانقلابات ومسكونة بالعجز النضالي، جميعها يلهج بالـ”نعم” ضمن بدعة شعبوية مدروسة لتكثيف القصف المعنوي من خلال وابل من “أشخاص طبيعيين”.
كلّهم يلهجون بنعم لدستور جلّهم لم يكلّف نفسه حتّى عناء الاطلاع على أبوابه وفصوله. ولعلّ بعض ما ورد بالحصص التلفزية ضمن التّعبير الحرّ عيّنات تثير الاشمئزاز وحتّى القرف من المستويات الفكريّة والسياسية التي تعطي صورة عن نوعية الكثير من المفسرين الحاملين لمشروع الرئيس.
في ذاك التّعبير الحرّ لا مكان للمقاطعة وشرح موقفها فهو منبر المشاركين فقط في تعدّي صارخ على أبسط قواعد الدّيموقراطية والتّنافس النّزيه.
“لا” المشاركين ضاعت في زحمة الأشخاص الطبيعيين المنادين بنعم بحجج فيها الكثير من ثقافة “الصبايحية” والاستبداد الوقح من قبيل “يزينا من الأحزاب” أو “نعم يحمنا واحد فقط”.
جماعة حكومة “الرئي” انزلقوا إلى دستور الرئيس ودولة الرئيس.
حماسة الـ”نعم” جعلت البعض يرى في”سعيد” جمال عبد الناصر وعند البعض الآخر “غيفارا” و”صدام حسين”.
مؤسسات الدولة ومسؤوليها في كلْ المستويات يتسابقون لإبراز درجات العمل والحماسة لإنجاح استحقاق البيعة.
عادت أغاني “لطيفة العرفاوي” التي أثثت المهازل الانتخابية زمن “بن علي” إلى السّاحات العامّة لبعض فعاليات جوقة الرئيس.
الكثير من سنوات الاستبداد بعث جماعة المشاركة الرّوح فيه مع بعض التغييّرات.
“الله احد، الله احد” بن علي ما كيفو حدّ” وجد طريقه هذه الأيام على أفواه الجوقة “قيس امضي لست وحدك “.
حملة “النعم” على أرض الميدان باهتة، لا اجتماعات شعبية ولا حتى بيانات انتخابية.
باردة حملة الدستور حتى من أشدّ الدّاعمين فكلّ الضجيج في وسائل الإعلام والتّواصل الاجتماعي.
حملة الجوقة على أرض الواقع باهتة لا طعم لها سوى بعض التجمعات الصغيرة أحيانا في ساحات عامّة أو مقاهي.