عمار عمروسية
يطوي “قيس سعيد” المسافات ويسابق الزّمن نحو إعادة إحياء شكل السّلطة الديكتاتوري بما ينسجم مع المشروع الشعبوي الموغل في المحافظة والرّجعيّة.
فرجل قرطاج في عالمه الخاصّ أو كوكبه البعيد عن اهتمامات الجزء الأوسع من شعبه وقواه السياسيّة والمدنيّة.
يتابع وحده أو يكاد تكريس بنود خارطة الطريق التي أفصح عنها بعد 25 جويلية 2021 تاريخ الاستحواذ على مقود السّلطة.
كلْ الاوضاع تزداد سوءا وتنزل بأثقالها على أغلب الطبقات والفئات الشعبيّة، فخط السّير على جميع الأصعدة نحو الخلف بإقرار جلْ المتابعين للشأن الوطني غير أنّ ساكن قرطاج معتصم في دائرة إنكار الواقع وتزوير الحقائق.
فالبلد تحت حكم “سعيد” يهرول نحو القاع الذي لا نهاية له مرفوقا بخطاب ديماغوجي حول فيض خزائن الدّولة والخير القادم الخ…
عيون الرئيس وجوقته غير عيون الشعب وزمنه غير زمن شعبه. فالأول وزمرته مسكونان بإحكام السيطرة على جميع مفاصل الدّولة بهدف توظيفها لخدمة غلق قوس المسار الثوري وإعادة صرح نظام الحكم الفردي المطلق.
امّا الثاني ونقصد الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء ومجمل الطبقات الكادحة والفئات الشعبية فوقتها منصبّ على ضمان الحدْ ألأدنى من ضروريات العيش.
ثمار اللّحظة التّي بشّر بها “سعيد” فوائدها له ولبعض أنصاره وأتعابها التّي لاتنطاق لعموم الكادحين والشغالين والمهمشين في المدينة والرّيف. فمشغل الرئيس غير مشاغل الشعب وحكاية الشعب يريد ليست له – أي الرئيس – سوى تمويها لإرادته الخاصّة في هدم مؤسسات الدّولة وتفكيكها بما ينسجم مع مشروع البناء القاعدي الطوباوي.
فخارطة طريق “سعيد” المعلنة من الاستشارة مرورا بالاستفتاء والانتخابات لا تعدو أن تكون محطّات للتّحايل والخديعة باسم “الشعب والثورة” للتّنكيل الواسع بالشّعب والإجهاز على الثورة.
ولعلّ ما يلفت الانتباه طوال الأشهر الماضيّة قدرة الرئيس على القفز فوق الوقائع التْي لا تقبل الدّحض في اهمّ المحطّات السياسية.
فالاستشارة الشعبية التّي تجنّدت لها مختلف هياكل الدولة انتهت إلى مشاركة هزيلة (538 ألف) صفّق لها أنصار الرئيس وأشاد بها الأخير وضمّنها ضمن توطئة دستوره!!!!
امّا البيعة-الاستفتاء المدعومة دون رقيب بالمال العام وكلّ هياكل الدولة فقد انتهت ضمن ترتيبات هيئة الانتخابات إلى مهزلة تقطر غشّا وتلاعبا لم يتجاوز ثلث الجسم الانتخابي المسجل.
خيبات تلك المحطّات في عرف الرئيس انتصارات كبيرة غيّرت مجرى التّاريخ مثلما قال ليلة الاعلان عن إقرار الدستور.!!!
هزائم الرئيس في خطابه انتصارات وسقوط رهاناته ارتفاع وعلّو شاهق مثلما قال.