عمار عمروسية
لم ينتظر معدمي ومعدمات “دوار هيشر” شتاء الغضب لرفع الأصوات عاليا ضدّ سياسات التّفقير والحيف الاجتماعي.
فليلة البارحة أعادت حناجر المفروزين اجتماعيّا الحياة الصّاخبة لشوارع وساحات أحد أحياء أحزمة الغبن والتّهميش التي تلامس بعض أطرافها مناطق الثراء الفاحش والرّفاه دون حدود.
مسيرة الغاضبات والغاضبين بحيّ الحرمان “دوار هيشر” قرعت طبول نهوض ضحايا منظومة التّفقير والتّجويع ورسمت معالم طريق الحراك الشعبي تحت أهازيج “يا مواطن يا مقموع زاد الفقر زاد الجوع” أو “يا حكومة عار عار الأسعار شعلت نار”.
تغيّرت الحكومات وتبدّل الرؤوساء في السنوات الماضية غير أنّ “كنتونات” الفرز الاجتماعي ظلّت على بؤس أهاليها.
دولة العقوق بأحزمة الفقر أشاحت بوجهها وقلّصت مجال خدماتها في علاقة بجميع المرافق العموميّة وضخّمت وجودها في التأطير الأمني لجميع حركات وسكنات شبيبة التّمرد الاجتماعي.
خدمات الدّولة في كلْ العهود بهذه المناطق وعود وأكاذيب وهراوات غليظة ضمن تضييق بوليسي متهوّر.
شبيبة “دوار هيشر” خبرت جيّدا ألاعيب الحكم ووجدت تقنيات اللّعب مع كذب رجال السّلطة وعنف الدّولة الكامن.
في مسيرة البارحة غاب عطر “لاكريموجين” وعدّلت الشبيبة مضامين شعاراتها على الواقع الجديد من خلال ترديد شعار “يامواطن يا مخدوع زاد الفقر زاد الجوع”.
أهالي “دوار هيشر “رموا حجرة في بركة الحركة الشعبية وحرّكوا مياهها الرّاكدة ووجهّوا سهام الغضب المسلّح ببداية الوعي بحقيقة الخديعة الكبرى للشعبوية..
لا شكّ في أنّ حراك البارحة محدود من زاويتي جغرافيته وزخمه البشري، فهو الخطوة الأولى لبداية نهوض الضحايا لقلب الطّاولة وإعادة تحرير المسار الثوري المختطف من قبل حكم فردي مدّمر.