عمار عمروسية
تدحرجت بسرعة عجيبة أوضاع بلادنا تحت حكم “قيس سعيد” نحو مزيد السّوء والتّعفنّ.
فخطّ السّير الأوحد مع الشعبوية الرثّة لم يكن سوى الهرولة نحو الخلف على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فكلّ طور ممّا سمّي خارطة طريق الرئيس لإنقاذ البلاد انتهت إلى مزيد الانحدار والتّردي الذي حوّل حياة التّونسيّات والتّونسيين إلى جحيم غير مسبوق.
كثيرون في بلادنا يعتقدون أنّ نجاح الرئيس الأوحد كان من جهة في اقتناص لحظة الانفراد بدواليب الحكم (انقلاب 25 جويلية 2021) ومن جهة أخرى في نقل البلد من الاصطدام بالحائط زمن سيادة “النهضة” وحلفائها إلى الهاوية دون قاع.
تبخرّت كلّ الوعود الشعبوية وتكشّفت عن بشاعة منظومة موغلة في الاستبداد والعمالة وخدمة الأقليّات الكمبرادوريّة، فالمؤشرات الموضوعية في مجمل المجالات السيّاسية والاقتصادية والاجتماعية وحتّى القيميّة الأخلاقيّة تدفع إلى الاعتقاد بأنّ درجة الاختناق المجتمعي أضحت لا تطاق وبأنّ ساعة انفجار فتائل هذه الأزمة اقتربت ولم يعد يفصلنا عنها سوى القليل.
ولعلّ وعي الكثيرين بهذه الحقيقة وإن من مواقع مختلفة وبأهداف متباينة هو المحرّك الأساسي لتكاثر مبادرات “الإنقاذ” ودعوات الحوار التي نشطت بعيد فضيحة الدّور الأول من المهزلة الانتخابية.
فنتائج تلك الفضيحة وعلى الأخصّ هزال المشاركة الشعبيًة مضافا لها اشتداد الأزمة الاقتصادية والمالية نقلا البلاد إلى مرحلة جديدة تتصدّرها حتميّة التّغيير المرتبط مباشرة بالحكم وآلياته.
ومثلما أسلف فالساحة السياسية تعجّ بمشاتل متنوعة من مزاعم “الإنقاذ” التي تختلف حينا وتتقاطع أحيانا أخرى.
فالتغيير مثلما أسلف أضحى ضرورة موضوعيّة وجميع مسوّغاته قائمة ولاجدال حولها إذا استثنينا الرئيس وبعض مريديه غير أنْ الأهمّ من ذاك الإقرار هو مضمون ذاك التغيير وأدواته.
فـ”بازار” المبادارت قد يكون دخانا كثيفا لتسويات وصفقات على حساب الشعب والوطن والحديث عن الإنقاذ قد يكون خلاصا للنظام من تجدّد المسار الثوري الذي يهابه ويخشاه الكثير من أصحاب المبادرات.