عمار عمروسية
تتوالى الأدّلة القاطعة على مضيّ حكم “قيس سعيد” في تنفيذ مشروعه الشخصي على حساب حتى المصالح الدّنيا للشعب والوطن.
فجميع حلقات خارطة الطريق التي أعقبت 25 جويلية 2021 لا تعدو أن تكون خطوات متلاحقة لإعادة بناء نظام حكم فردي استبدادي يصفّى نهائيا الحساب ليس فقط مع المسار الثوري والقليل من مكتسباته وإنّما يقطع الطّريق أمام إمكانات تجدّده.
فطريق الرئيس واحد وهدفه أيضا رغم تعدّد خيباباته التي رافقته منذ خطوته الأولى ونقصد الاستشارة (مشاركة حوالي 500 الف فقط مواطن) إلى مهزلة الاستفتاء-البيعة على الدّستور الذي وقع اعتماده بنسبة مشاركة ضعيفة رغم تلاعب هيئة الانتخابات، انتهاء بفضيحة الدّور الأول من تشريعيّة 17 ديسمبر 2021.
لم يحصد الرئيس من جميع خطواته المذكورة سوى الخسائر المتفاقمة التي عمّقت عزلته بالدّاخل والخارج وجعلت نظام حكمه محلّ سخرية دوليّة ومصدر تغذية خليط من مشاعر الحيرة حول المستقبل والنّقمة على استمرار تدهور الأوضاع وتردّيها.
يمعن الرئيس في تكريس مشروعه الفوضوي الطوباوي ولا يحسب في طريقه سوى النّجاح في الاستفراد بالحكم وتكديس المزيد من السّلطات ولا يلتفت ولو بطرف عينيه لثقل خسائره التي وصلت ذروتها في تآكل شعبيته واستنكاف الأغلبية السّاحقة من شعب تونس عن الإسهام في فضيحة المسخرة الانتخابية.
شعب الرئيس كما كان يحلو لمريدي الأخير القول أشاح بوجهه عن سردية بناء الجمهورية الجديدة، جمهورية العدل المزعوم والسيادة الوطنية الكاذبة.
فكلّ تلك الشعارات والوعود بالرّفاه والإقلاع الاقتصادي تكشّفت عن طابعها الدّيماغوجي الكاذب.
فالجمهورية الموعودة ليست سوى مسخا هجينا من ملوكيّة يدير جميع دواليبها الحاكم بأمره الذي احتكر جميع مناحي إدارة الشأن العام وأردفها بالإجهاز كليّا على جميع السّلطات التي أضحت في منطقه مجرد وظائف.
فالدولة برمتها دولته وجميع مؤسسات الحكم تحت قبضته وشعب الرئيس وفق تصريحاته المفعمة بالتّحريض على الكراهية والتّباغض يتّسع فقط لأنصاره ومريديه من “المخلصين” والأوفياء الثابتين..!!!!
والرّفاه الموعود انقلب إلى توسّع دوائر الفقر وتزايد أعداد المعطّلين عن العمل ودخول البلاد طورا ينذر بإطلالة شبح الجوع وعودة آفة القمع وسياسات تكميم الأفواه.
خسر الرئيس مبكّرا معركة النّخبة في بلادنا وتحديدا بعد الأمر 117 واحترقت بسبب رعونته ورقته القويّة المتمثلة في مقولته “الشعب معي”…
الفراغ حول الرئيس يكبر وحزامه السياسي والشعبي يتآكل وتتّضح حقيقة اعتماده في المحافظة على حكمه على الأجهزة الصلبة ونعني المؤسستين الأمنية والعسكريّة مع سند هزيل من بقايا لفيف من الانتهازيين والطّامعين في بعض فتات مغانم السلطة.