تشير عديد مقالات الرأي وعديد المتابعين للشأن السياسي في تونس، لظاهرة الانفجار التنظيمي الذي حصل بعد الثورة، حزبيا وجمعيّاتيّا. وقد برز للعيان أنّ أغلب هذه الجمعيّات، ارتبطت بفريق سياسي متنفّذ في الحكم، يتستّر على أنشطتهم ويوفّر لهم الدعم اللوجستي والدعائي اللاّزم.
وقد نبّهت عديد الأصوات المدنية والحقوقيّة، وحتى بعض النقابات (الأمنية) على أن هذه الجمعيّات تتمترس في أغلب الأحيان وراء “العمل الخيري” و”العمل التطوّعي”، وفي الواقع ما هي إلاّ رافد لدعم بعض الأحزاب (التيارات الدينية أساسا) وأدوات للدعاية لها. وقد اشارات تقارير استقصائيّة وحتى أمنيّة أن بعض هذه الجمعيّات متورّط في عمليّات تسفير الشباب للقتال في سوريا ومالي.
ما يدعو للريبة والخشية أنّ الحكومات المتعاقبة، غضّت أبصارها عن ظاهرة الانتشار الكبير لهذه الجمعيات وعن ثبوت ارتباطها ببعض مسالك التسفير والتهريب. وحتى حكومة المهدي جمعة، كان من الممكن أن تباشر هذا الملفّ لارتباطه بتهيئة المناخ العام لانتخابات شفافة وحرّة، مثلها مثل تحييد المساجد وحلّ روابط العنف والإجرام ووضع خطّة لتنفيذ قانون تجريم التكفير، وإماطة اللّثام عن شبكة الإرهاب التي نفّذت جرائم الاغتيال في حقّ شهداء الجبهة الشعبيّة ورجال الأمن والجيش.