الرئيسية / صوت الوطن / الديكتاتور والجوقة
الديكتاتور والجوقة

الديكتاتور والجوقة

عمار عمروسية

لم تسعف طويلا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعيّة ببلادنا منظومة الحكم الشعبوي للاستمرار في نحت وترويج خطاب ديماغوجي كاذب حول “جمهورية العدل الجديدة” و”بناء دولة الرفاه المجتمعي”!!!!
فكلّ المؤشرات الموضوعية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تؤكد تسارع وتائر التّقهقر الفظيع واشتداد أزمات البلاد الذي لا يشكّ عاقل وحيد دخولها من الباب الكبير منطقة الانهيار الاقتصادي والهزات الاجتماعية ضمن مناخ عام سماته الأساسيّة العودة القويْة لتشغيل ماكينة القمع السّافر والاستبداد الشامل.
فكلّ الشعارات الشعبويّة الكاذبة سرعان ما أخلت مكانها إلى خطاب رسمي يرشح بأحطّ مضامين الكراهيّة والتفرقة والحثْ على الاحتراب والعنف الرّجعي.
لم تمرْ أشهر فقط حتّى سقطت كلّ أقنعة زيف “بروباغندا” مسار 25 جويلية وانتهى إلى مأزق كبير أعاد البلاد إلى أسوإ فترات العهود التي ثار ضدّها الشعب التونسي.
فنسبة البطالة في تصاعد غير مسبوق ومعدّل التضخم يتزايد بنسق جنوني (10,4%) واحتياطي العملة الصعبة يتآكل (90 يوما) زيادة عن تفاقم عجز الميزان التجاري وتزايد الدّين الخارجي…
فحصيلة مسار لحظة قبض “قيس سعيد” على الحكم والاستفراد به من هذه الزّاوية تبرز انعكاساتها المباشرة في تفشّي الفقر وإطلالة شبح الجوع وتزايد قائمة المواد المفقودة من الأسواق.
فقراء ومسحوقي عشريّة حكم النّهضة /النداء تعزّزت أعدادهم بجموع الوافدين الجدد من ضحايا السياسات الشعبويّة.
فمسار التّنكيل الاجتماعي ارتفعت وتائره تحت زيف معزوفة الكذب القائلة بالقطع مع القديم.
أفظع من ذلك فمسار 25 جويليّة فتح الباب واسعا أمام منظومة “سعيد” لتصفية بعض المكتسبات الاجتماعية مثل اتفاقية عملة الحضائر أو تلك المتعلّقة ببعض التفاهمات القطاعية…
ما من شكّ في أنّ “قيس سعيد” كان بارعا في اقتناص تلك اللّحظة التي بشّر بها مرارا زمن صراعه مع شركائه في الحكم لينقضّ وحده على مجمل دواليب السّلطة بما يخدم مشروعه الشخصي. فاللّحظة كانت لحظته للشروع في تعبيد الطّريق لبناء مشروعه الاستبدادي تحت يافطة المسار الجديد الذي لا تسع مداياته سوى الديكتاتور وخدمه وهو ما يفسّر مسارعته بتحريك آلة البطش والتّنكيل بهدف تصفية كلّ الخصوم ونشر الخوف والرّعب على أوسع نطاق ممكن.
يسابق الديكتاتور الوقت لفرض الأمر الواقع على الجميع رغم فشل كلّ محطّات خارطة طريقه وينغمس أكثر في شتّى فظاعات التّعديات على الحقوق والحريّات العامّة والفرديّة.
يناصب “سعيد” العداء لكلّ الأجسام الوسيطة ويمقت الإعلام الحرّ وتضيق “مزرعته” وتكاد تلفظ حتّى الكثير من مناصريه وعلى الأخصّ من أحزاب المساندة التي رغم خدماتها الجليلة وتصدّرها حملات الدّفاع عن أسوإ فظاعات “سعيد”.
تجتهد الجوقة صباحا مساء وتبدع في اختلاق الذرائع لتبييض كلّ سقطات الرئيس غير أنّها لا تحصد سوى مزيد الازدراء والتّهميش.
فالدستور للرئيس وحده والحكومة تحت قبضته وكلّ مؤسسات الحكم تحت أوامره.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×