يشهد العالم فترة تنامي في نضال العمال والشعوب. فالعمال والشباب والنساء من جميع القارات يناضلون لأسباب مختلفة، ولكن جميعها لها علاقة باحتياجاتهم المادية. فهم وإن كانوا يناضلون أساسا من أجل الدفاع عن القليل الذي لديهم والذي تريد الطبقة الحاكمة انتزاعه منهم، فإنهم يعبرون عن رغبتهم في تحقيق مكاسب جديدة حتى يتمكنوا من عيش حياة أفضل. إنها أيضًا مناسبات تتطارح فيها الشعوب حاجتها إلى تغييرات عميقة، وحتى الى تحولات ثورية.
كل ما يحدث في العالم يؤكد المقولة الماركسية بضرورة تدمير النظام الرأسمالي وبناء مجتمع أرقى، مجتمع الاشتراكية فالشيوعية من أجل تحقيق رفاهية الجماهير، لأن ذلك غير ممكن في ظل الرأسمالية.
أكد انتصار الثورة الروسية عام 1917 أطروحات ماركس وإنجلز: انهيار الرأسمالية حتما بقوة الطبقة العاملة التي ستستولي على السلطة. وأظهر لينين، في كتابه “الإمبريالية، أعلى مراحل الرأسمالية”، أثناء تحليل خصائص الرأسمالية في ذلك الوقت، أن العالم قد دخل عصر الإمبريالية والثورة البروليتارية، أي ليس فقط عصر هيمنة الاحتكارات الكبرى ورأس المال المالي، ولكن أيضًا العصر الذي ستكون فيه الظروف مهيأة لتدمير الرأسمالية الإمبريالية، واستيلاء الطبقة العاملة على السلطة وتحرير البروليتاريا والشعوب.
إن مثل هذا التأكيد لا يعني أن حالة تحلل النظام الرأسمالي هي نتيجة لجموده، وأن الأنظمة الرأسمالية ستتساقط الواحد تلو الآخر، بل يجب على البروليتاريا والشعوب أن تكافح بقوة من أجل إسقاط نظام الاستغلال والاضطهاد هذا.
وقد بيّن أنور خوجا، في كتابه “الإمبريالية والثورة”، انطلاقا من المفاهيم الماركسية اللينينية للثورة البروليتارية، أن هذا “الانفجار يحدث على مستوى الحلقة الأضعف في السلسلة الرأسمالية”. وحتى تنفجر الثورة وتنتصر، يجب استيفاء الشروط الموضوعية والذاتية على السواء، ويجب أن ننتظر اللحظة المواتية لإطلاقها. والشيء الرئيسي هو أنه عندما تندلع الثورة، فإن الجماهير العريضة من الشعب، وعلى رأسها البروليتاريا، يجب أن تكون عازمة ومستعدة للمضي قدمًا بها وقيادتها إلى نتائجها النهائية.
عندما تتقارب الظروف الموضوعية والذاتية، يصبح اندلاع الثورة وانتصارها ممكنين. يرتبط العامل الموضوعي بالظروف المادية للجماهير، ومستويات الفقر، والاستغلال، والاضطهاد. كما أنه يتعلق بالظروف السياسية التي تميز حياة البلد في وقت معين. لكن هذه العناصر يجب أن تعبر عن نفسها بطريقة حادة، أكثر حدّة مما هو موجود بشكل عام في حياة المجتمع، بحيث تكون مستويات السخط بين الجماهير أعلى، مصحوبة بمستويات عالية من النضال. وهكذا، يكتسي العامل الموضوعي طابع الوضع الثوري.
يطرح لينين، في كتابه “إفلاس الأممية الثانية”، السؤال بهذه الكلمات: “بالنسبة للماركسي، لا جدال في أن الثورة مستحيلة بدون وضع ثوري، على الرغم من أن كل وضع ثوري لا يؤدي بالضرورة إلى الثورة. فما هي السمات المميزة للوضع الثوري؟
نحن لا نخطأ عندما نشير إلى السمات الرئيسية الثلاثة التالية:
1) عندما يتعذر على الطبقات السائدة الحفاظ على سيطرتها دون أي تغيير؛ عندما تكون هناك أزمة، بشكل أو بآخر، داخل “الطبقات العليا”، فإن أزمة سياسة الطبقة الحاكمة تفتح فجوة يمكن من خلالها التعبير عن استياء وسخط الطبقات المضطهدة. لكي تندلع ثورة، لا يكفي عادة أن يعيش “من هم في القاع” كما كانوا من قبل، ولكن من الضروري أيضًا أن “لا يستطيع من هم في القمة العيش لفترة أطول كما كانوا من قبل “.
2) عندما تصبح معاناة واحتياجات الطبقات المضطهدة أكثر حدة من المعتاد.
3) عندما يكون هناك، نتيجة للأسباب المذكورة أعلاه، تكثيف كبير لنشاط الجماهير، التي تسمح لنفسها، في أوقات “السلم”، بأن تكون “سلمية”، وتسمح أن يتمّ نهبها دون شكوى، ولكنها، في أوقات الاضطرابات، تجد نفسها مجبرة بحكم ظروف الأزمة وكذلك بحكم سلوك “الطبقات العليا” على إنجاز فعل تاريخي مستقل.
بدون هذه التغييرات الموضوعية، المستقلة عن الإرادة، ليس فقط عن مجموعات وأحزاب معينة، ولكن أيضًا عن إرادة طبقات معينة، تكون الثورة، كقاعدة عامة، مستحيلة. إن مجموع هذه التغييرات الموضوعية هو بالضبط ما يسمى بالوضع الثوري. (لينين).
إن خلق وضع ثوري لا يعني بذاته أن انتصار ثورة البروليتاريا مضمون. هناك حالات كثيرة في التاريخ ظهرت فيها ظروف ثورية في بلدان مختلفة لكنها لم تسفر عن انتصار الثورة. ويرجع ذلك إلى ضعف الظروف الذاتية، أي ضعف الحزب الثوري، أو عدم وجوده، وانخفاض مستويات وعي الجماهير، وبالتالي درجة استعدادها للقيام بالثورة. يتحدث لينين عن “… قدرة الطبقة الثورية على القيام بأعمال ثورية جماهيرية قوية بما يكفي لتدمير (أو تحطيم) الحكومة القديمة، التي لن” تسقط “أبدًا بمفردها، حتى في أوقات الأزمات، ما لم يتمّ إسقاطها.
توضح النظرية اللينينية للثورة أن استيلاء الطبقة العاملة على السلطة ليس مسألة إرادية. “لقد ناضلوا لسنوات عديدة وما زالوا لم يصنعوا الثورة”، هذا ما يردده كثير من الناس بنيّة خبيثة تتمثل في تحقير العمل الذي نقوم به نحن الماركسيين اللينينيين. لكن توصيف نشاطنا الثوري يجب أن يتم في علاقته بمسألة ما إذا كان للحزب سياسة تمثل وتدافع عن مصالح البروليتاريا والشعب، وتحارب الطبقات الحاكمة والإمبريالية، وفيما إذا كانت هذه السياسة هي تطبيق خلاق للمبادئ الثورية للماركسية اللينينية على الواقع الملموس لبلدنا؛ وفيما إذا كانت ممارستنا تتوافق مع هذه السياسة وهذه المبادئ.
إن مهمّة الحزب الثوري للطبقة العاملة هي قيادة الجماهير العاملة وتثقيفها وتعبئتها للقيام بدور ثوري حاسم في انتصار الثورة، أي أن للطليعة مسؤولية حيوية في تطوير العامل الذاتي.
عن صحيفة “الى الأمام”، اللسان المركزي للحزب الشيوعي الماركسي اللينيني بالاكوادور، العدد 2019، 28 سبتمبر ـ 04 أكتوبر 2022