الأزهر الغربي
تفاعلا مع تدوينة الرفيق محمد حليم الأخيرة: وراء الأكمة ما وراءها….!! أدلي بدلوي في موضوع ما تتعرّض إليه المنظمة الشغيلة.
إن الدعوة “لحلّ الاتحاد العام التونسي للشغل” من قبل مجموعة ما أو السلطة الحاكمة ليست بالجديدة على النقابيّين، بل قديمة قِدم المنظمة العريقة، وإنما الجديد فيها أنها جاءت في سياق جديد وبعد ثورة أسقطت نظام حكم ديكتاتوري ومستبد، و قد أطلقها أصحابها استئناسا بالدعوة الصريحة والرافضة للوقفات الاحتجاجية القطاعية والتي اطلقها راس النظام.
وقد عرف الاتحاد عبر تاريخه الطويل وفي إطار علاقته بالسلطة السياسية القائمة في البلاد والتي كانت تتراوح بين التماهي والتوافق إلى حدّ التبعية أحيانا والتصادم أحيانا أخرى. وقد تمّت محاصرة دُور الاتحاد وغلقها وافتكاكها بالقوة في مناسبات وفترات مختلفة من تاريخ البلاد من قبل أعوان نظام الدكتاتورية والاستبداد والقمع وطرد الشغالين والنقابيين منها ثم ملاحقتهم والتنكيل بهم وفبركة القضايا الصورية لهم ومحاكمتهم في ظروف تنعدم فيها أبسط حقوق الدفاع واحترام الحريات الفردية والجماعية. وكم من مرة يقع اعتقال قيادة الاتحاد والزج بهم في غياهب السّجون.
وقد وجدت السلطة السياسية المعادية للاتحاد والمعتدية عليه وعلى حرية العمل النقابي واستقلاليته “أشخاصا” من داخل المنظمة ومن خارجها لتنفيذ مؤامرتها والقيام بالدور القذر التي توكله إليهم من أجل استهداف المنظمة والسّطو عليها فكان :
_ بشير بن لاغة (والي تونس) نصّبه بورقيبة على رأس المنظمة في مؤتمر صوري بالمنستير في 1965 بعد أن تمّ الزجّ بالحبيب عاشور في علاقة بقضية حرق بطاح قرقنة المفتعلة.
_التيجاني عبيد (نقابي وعضو مكتب تنفيذي) قاد جماعة المنصّبين واستولوا على قيادة الاتحاد بقوة الحديد والنار إثر أحداث جانفي 1978 وخميس الدم التي عرفتها البلاد.
_ إسماعيل الاجري تزعّم شرفاء الوزير الأول محمد مزالي واحتلّوا دُور الاتحاد في جانفي 1985.
_ إسماعيل السحباني الأمين العام للاتحاد والمنتخب أول مرة في مؤتمر المصالحة في سوسة ينة 1989 ثم أُعِيد انتخابه مرات عديدة في خطة أمين عام، وقد حوّل الاتحاد إلى وكر للصوص والمتمعّشين والبوليس السياسي وقاطرة تسير في فلك نظام السابع من نوفمبر.
وهؤلاء نقابيون انقلبوا على المنظمة وخانوها وخانوا الشغالين وساروا في ركاب السلطة السياسية اللاديمقراطية واللاشعبية والمعادية للشغالين ولعموم الشعب والوطن.
وفي المقابل صمد النقابيون والنقابيات والشغالون وتصدّوا وبصدور عارية إلى كل المؤامرات وأفشلوا مخططات السلطة في احتواء منظمتهم وتدجينها والسّيطرة عليها.
وفي كل معركة يخرج الاتحاد موحّدا وقويّا ومنتصرا ورافعا شعار الاستقلالية عن السلطة السياسية الحاكمة.
هاهو التاريخ يعيد نفسه وفي شكل مهزلة.
لذلك نسأل:
_ماذا وراء المطالبة بحلّ الاتحاد ؟
_ما هو مشروع السلطة الحاكمة اليوم؟
_كيف يمكن لنا إسقاط المشروع المعادي ؟
ممّا لا شك واختلاف فيه أن الدعوة إلى حل الاتحاد تعني بالضرورة تعيين لجنة تسييريّة موالية لمسار 25 جويلية وتحلّ محل القيادة الحالية والتي قد تتّخذ في شأنها إجراءات بحث في “ملفات فساد” قد تكون وهمية
وتحت تتبّع قضائي.
وقد تكون في شكل تنسيقيات نقابية محلّية وجهوية بقيادة مركزية وعناصرها نقابيون متواجدون اليوم في صلب المنظمة وفي مواقع قيادية ينتظرون اللحظة الحاسمة للانقضاض على القلعة النقابية التاريخية للشغيلة في تونس.
– أما مشروع السلطة فهو لا يخرج عن إطار التدجين والهرسلة وافتعال القضايا الهامشية والجانبية (مثال: التثبّت من صحّة الشهائد!!!!) قصد التلهية وصرف الأنظار عن أمهات القضايا وعن المشاكل الحقيقية للشغالين والشعب (ندرة المواد المعيشية في السوق والأسعار ورفع الدعم وتدهور الطاقة الشرائية وأزمة التعليم والمفاوضات الاجتماعية والعلاقة مع الاوروبيين وصندوق النقد الدوالي وتواجد الافارقة جنوب الصحراء وملف الهجرة……). والقول بأن حكومة الرئيس مخوّل لها وحدها معالجة هذه القضايا وايجاد الحلول وأننا في غنى عن التفاوض وتحرير محاضر الجلسات وتعطيل العمل (!!!!!!) .وهذا يعني بكل بساطة سحب البساط من تحت المنظمة وإلغاء دورها تدريجيا قصد الإجهاز عليها.
_أما كيف يمكن للنقابيين والنقابيات والشغالين إفشال المشروع المعادي؟ فهنا بيت القصيد. فالقيادة النقابية تعلم قبل غيرها أن القلاع لا تفتك إلا من الداخل، لذا وجب علينا ولزاما تحصين الاتحاد، فالخطر داهم و لا يستهان به و ذلك ب:_إعلان القيادة النقابية أنها على خلاف كلّي مع مسار 25 جويلية وأن الاتحاد غير ملزم بمساندة هذا المسار التّدميري وأنه يرفض في مقابل ذلك العودة إلى ما قبل الإجراءات الاستثنائية ل25جويلية وأن موقفه من “العشريّة السوداء” ومن حكم حركة النهضة الإخوانية واضح ولا لُبس فيه.
_ بلورة ملامح الخط الثالث الذي سيتبنّاه الاتحاد. وقد سبق للأمين العام أن أكّد على ذلك.
_الانحياز مع القوى الوطنية والديمقراطية المؤمنة بالاتحاد كمنظمة وطنية يهمّها الشأن العام وصون الحريات وعلوية الدستور ومشاركة الافراد والأحزاب في الحياة السياسية واستقلال الوطن ومناعته.
وأيضا :
_ تفعيل الديقراطية النقابية داخل المنظمة؛ وهو ما يعني العودة إلى القواعد والاستماع إليها وتشريكها في صنع القرار و القبول بالمعارضة النقابيّة الفاعلة والبنّاءة داخل أطر المنظمة وفي المؤتمرات النقابية التي يجب أن يكون فيها الصراع على أساس البرامج الانتخابية لا على أساس الولاء والزبونيّة والحسابات الضيّقة والجهوية المقيتة، ثم العمل على نشر الثقافة العمّالية المناضلة والصادقة.
وفي الختام لا يتحقق هذا إلا ببناء وحدة نقابية صمّاء تتكسّر عليها مؤامرات الأعداء،.
إن طوق النجاة في إعلان الخط النقابي النضالي الثالث ولا غير.
عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرا ومستقلا ومناضلا وديمقراطيا