مرتضى العبيدي
منذ بداية العدوان على غزة، تشهد كبريات مدن العالم تحركات احتجاجيّة للتّنديد بالعدوان الغاشم الذي ترتكبه آلة البطش الصّهيونية ضدّ الشعب الفلسطيني. ويشارك في هذه التحرّكات مئات الآلاف من أحرار العالم، نساءً ورجالًا، من مختلف المشارب الفكرية والحساسيّات السياسية التقدّمية، أحزابا ونقابات وجمعيّات وأفرادًا، ومن ضمنها الأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينيّة التي هبّت في شتّى أرجاء العالم لنُصرة الشعب الفلسطيني.
فمنذ اليوم الأوّل للعدوان، أصدرت الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينيّة (CIPOML) بيانا أشارت فيه إلى دعمها غير المشروط للمقاومة العادلة للشّعب الفلسطيني، ودعت فيه عمّال وشعوب العالم إلى دعم المقاومة وفرض إيقاف الجريمة، بتنظيم الأعمال الاحتجاجية ضد سياسات الكيان الصهيوني العنصري وداعميه من القوى الامبريالية وعلى رأسها الامبريالية الأمريكيّة وحلفائها.
وقد ركّزت بيانات الأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينيّة على ثوابت القضية الفلسطينية وعلى متطلّبات النضال اليوم لوقف العدوان، نذكر منها :
ـ حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على كامل أرضه المسلوبة، من النهر إلى البحر، ورفض حلّ الدّولتين الجائر الذي لم يستفد منه سوى الكيان الصهيوني الذي استعمله للمماطلة والتّسويف في الوقت الذي واصل فيه بكلّ صلفٍ ضمّ المزيد من الأراضي الفلسطينية بإقامة المستوطنات عليها وخلق أمر واقع جديد على الأرض.
ـ حقه في الدفاع عن حياته بكافة الوسائل وعلى رأسها الكفاح المسلّح ضد الاحتلال وقوى الحرب الامبريالية التي تقف وراءه.
ـ إدانة القوى الإمبريالية التي تدعم “إسرائيل”، وخاصة الولايات المتحدة والاتّحاد الأوروبي التي تدعم حرب إسرائيل المستمرّة على الفلسطينيّين منذ سبعة عقود.
ـ كشف الدّعاية الصهيونية الامبريالية المضلّلة التي تتعمّد قلب الحقائق بتقديمها للحرب الجارية على أنها لا تستهدف الشعب الفلسطيني، لكنها حرب بين إسرائيل وحماس، فيبرّرون كل القتل والدّمار بالقول إنهم يقتلون الإرهابيّين فقط، وأنّ القتلى المدنيّين والأطفال والنساء والرجال في “الحرب على الإرهاب” هو من باب ضريبة الحرب.
ـ الدّعوة إلى مواصلة الدّعم وتعزيز التضامن مع نضال الشعب الفلسطيني والكفاح ضدّ كل القوى الإمبريالية.
ـ فالنضال ضدّ الاحتلال الصهيوني هو أيضًا نضال ضد البورجوازيات، المُتعاونة مع الصّهيونية في الإطار الإمبريالي العالمي الذي يُبقي الآلة الإجراميّة للإبادة الجماعية للفلسطينيّين مستمرّة. إذن فهذا هو أحد أوجه النضال من أجل تحرّرنا كطبقة وكشعوب ومن أجل التغيير الثوري.
ـ وآنيّا، ضرورة المطالبة بوقف فوري للعدوان الصهيوني.
ففي البيان الذي أصدره حزب العمال الشيوعي الفرنسي بتاريخ 8 أكتوبر بعنوان ” لن يثبّط القصف ولا سياسة الميْز العنصري الإسرائيليّة عزيمة المقاومة الفلسطينيّة!” نقرأ ما يلي :
“… وأمام سياسة التّرهيب والاستعمار والميز العنصري الّتي تمارسها “إسرائيل” تجاه الشّعب الفلسطيني وإنكار حقوقه الوطنيّة، نؤكّد مرّة أخرى دعمنا لمقاومة الشّعب الفلسطيني بكلّ أشكالها بما في ذلك المقاومة المسلّحة وحقّه في مقاومة جيش مجهّز بأحدث العتاد الحربي ومدرّب تدريبا متطوّرا.
كما ندين دعم الدّولة الفرنسيّة اللامشروط لسياسة دولة إسرائيل الاستعماريّة وقمعها الشّعب الفلسطيني ونطالب بإيقاف تنسيقها الأمني والعسكري مع الدّولة الصّهيونيّة.
وندعو أنصارنا أينما كانوا إلى المشاركة في حشد التّضامن مع الشّعب الفلسطيني، وإدانة القمع الإسرائيلي الذي ينهال عليه والدّعم الذي تقدّمه الحكومات إلى سياسة إسرائيل القائمة على القمع والميز العنصري”.
وفي إطار الردّ على الآلة الإعلامية للغرب، أوردت “منظمة الأرضيّة الشيوعية بإيطاليا” مقالا في صحيفتها “سانتيّا” لشهر أكتوبر 2023، تحت عنوان “مع الشعب الفلسطيني، ضد الصهيونية والإمبريالية” أشارت فيه إلى إدانة “قُطّاع الطّرق الغربيّين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الحكومة الإيطالية، الهجمات “الإرهابية” وأصرّوا على ترديد عبارة “نحن مع إسرائيل، التي لها الحق في الدفاع عن نفسها” بكلّ الوسائل. ولم يتحدّثوا قطّ عن نفس الحق للشعب الفلسطيني طوال سبعة عقود من احتلال فلسطين، في تعارض مع العديد من قرارات الأمم المتحدة، وعن ما لا يقلّ عن سبع هجمات مسلّحة صهيونية منذ عام 2006 حتى العدوان الهمجي الحالي على قطاع غزة الذي يخضع للحصار منذ 15 عاما، ولنظام من العنف والحرمان من أبسط الحقوق الأساسية للسكّان الفلسطينيّين. وقد سقط خلال تلك الحملات عشرات الآلاف من الضّحايا، وسجن أكثر من 5000 فلسطيني، واعتقال حوالي 1250 منهم دون محاكمة”.
وفي نفس الاتّجاه، جاء في بيان الحزب الشيوعي الإسباني الماركسي اللّينيني تحت عنوان “أوقفوا العدوان الإسرائيلي على غزة! من أجل إنهاء الفصل العنصري والاستعمار وإرهاب الدولة ضد الفلسطينيين” :
“… وفي الوقت نفسه، نشهد حملة التضليل المعتادة من جانب إسرائيل، كما هو الحال في كلّ المجازر التي ارتكبتها خلال خمسة وسبعين عاما من احتلال فلسطين، والتي ما يزال يتردّد صداها بشكل مؤلم في العالم، ذاكرة المدن: صبرا وشاتيلا وجنين و”عملية الرصاص المصبوب”… مناورات وأكاذيب يدعمها اليمين المتطرّف، ولكن أيضًا أصحاب موقف الحياد الجبان لأولئك الذين لا يجرؤون على مواجهة همجية “الغرب المتحضّر” وتواطؤه في المذبحة”.
“كما تزعم الدعاية المؤيّدة لإسرائيل أيضًا أنّ الصراع في فلسطين بدأ في 7 أكتوبر، وبالتالي إلقاء اللوم على الضحايا فيما حدث. ومع ذلك، فقد عانى الفلسطينيون لعقود من سياسات الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل، والتي أعلن قادتها صراحة عن نيّتهم استكمال التطهير العرقي الذي بدأ عام 1948 من خلال الفصل العنصري، والاغتيالات الانتقائية، والمجازر الدّورية، واحتلال الأراضي، والاعتقالات غير القانونية، والحصار على غزّة. والإهانات المستمرّة بكافة أنواعها. لا، هذه ليست حربا بين “إسرائيل” وحماس، بل هي عدوان إبادة جماعيّة جديدة ضدّ الشعب الفلسطيني”.
“…وسنواصل نحن الشّيوعيين المطالبة بحق الشعب في تقرير المصير، وسندعم دون قيد أو شرط حق الشعب الفلسطيني الشّقيق في الدفاع عن نفسه ضدّ المحتل بكل الوسائل المتاحة له على غرار شعوب فيتنام والجزائر والعديد من الشعوب الأخرى التي حرّرت نفسها من النِّيرِ الإمبريالي. وسنستمرّ كشيوعيين في تقديم الدعم والتّضامن النشط.
ـ من أجل الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني الشقيق في تقرير مصيره!
ـ من أجل وضع حدّ للاستعمار الإسرائيلي والإبادة الجماعية!
ـ من أجل تسليط عقوبات على “إسرائيل” ومحاكمة قادتها المجرمين!
عاش نضال الشعب الفلسطيني!”
هذه عيّنة من مساهمة بعض الأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينيّة في دعم وإسناد الشعب الفلسطيني، وسنتعرّض في قادم الأعداد إلى مساهمات أحزاب أخرى في بقاع أخرى من العالم.