في خطوة جديدة لسلطة الانقلاب ومواصلتها لسياسة التضييق على المعارضة وخنق كل صوت حرّ، تمّ يوم 14 نوفمبر 2023 إيقاف المنسق العام لحزب القطب وعضو تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية الرفيق رياض بن فضل خلال عودته إلى أرض الوطن.
وتمّ إصدار قرار التمديد في قرار الاحتفاظ ببن فضل خمسة أيام أخرى، وهو ما أثار استغراب كل متابع لملف التتبع القضائي الذي انطلق منذ 4 سنوات فيما يعرف بملف الأملاك المصادرة.
وقد اعتبرت تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية ما حدث إمعانا في الانحراف بالسلطة للتضييق على المعارضة و خنق كلّ صوت يخرج عن سرب التطبيع مع الدكتاتورية وتبرير نهجها القمعي.
وقد أكدت التنسيقية أنّ سلسلة الإيقافات والتضييقات على المعارضة ما هي إلاّ وسيلة لإلهاء الرأي العام والتغطية على الفشل الذريع لسلطة الانقلاب في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدبلوماسية.
الجيلاني الهمامي : الجميع يسير بخطى حثيثة نحو نظام سياسي منغلق وعودة الاستبداد إلى تونس.
وفي تعليقه على قرار التمديد في إيقاف المنسق العام لحزب القطب، قال الجيلاني الهمامي القيادي بحزب العمال وعضو تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية بأنّ القرار غير مفهوم من وجهة نظر قانونية. فلسان الدفاع يؤكد أنّ موضوع التحقيقات مع رياض بن فضل هو موضوع قديم وجرى فيه البحث معه لأكثر من مرة وسبق أن قدّم لهم كلّ الإيضاحات المطلوبة وجميع المستندات اللاّزمة. متسائلا عن الغاية من هذا التمديد، ومضيفا بأنه قد تمّ الاستيلاء على هاتفه وفتحه ما يؤكد تفتيشه بشكل دقيق. معتبرا أنّ المقصود هو أخذ المزيد من الوقت بحثا عن معطى تبنى عليه تهمة وفبركة لملف.
وفي ردّه إن كان إيقاف بن فضل خطوة نحو استهداف مكونات تنسيقية القوى الديمقراطية، أكد الهمامي أنّ ما حصل دليل على ذلك وهو استهداف لها، وهو أمر “طبيعي” بمعنى أنه غير مستغرب في سياق حملات الإيقافات والمحاكمات التي تمسّ أصنافا متنوّعة ومتعدّدة يمينا وشمالا. فمن غير المستغرب إذن أن يقع استهداف هذا الطرف الذي يعتبر اليوم من أكثر القوى السياسية حدة في انتقاد منظومة الحكم الحالية. منوّها في ذات السياق بنسق تصاعد التتّبعات ضدّ من يتّهمون “بفعل فاحش ضد الرئيس” وبتهمة “التهكّم على الرئيس” والذي أصبح أمرا ملفتا للانتباه، بل ظاهرة سياسية قائمة بذاتها وتؤكّد أكثر فأكثر ما تمّ ذكره سابقا بأنّ الجميع يسير بخطى حثيثة نحو نظام سياسي منغلق ونحو عودة الاستبداد إلى تونس.
وفي ذات السياق، أكد القيادي بحزب العمال أنّ عملية الإيقاف حلقة جديدة في مسلسل التضييق على المعارضة. مضيفا أنّ قيس سعيد مصرّ على تطبيق أجندته بكلّ تفاصيلها وبأسرع ما يكون. وهذا أمر مفهوم إذا ما أخذنا بعين الاعتبار اقتراب ٱجال الانتخابات الرئاسية إذا تمّت في آجالها. وينبغي من وجهة نظره أن يكون انتهى من كلّ الأعمال اللاّزمة لتمهيد الطريق له بالفوز بولاية جديدة دون أدني قلق وبلا أيّ مزاحمة. و هذا يتطلّب ليس فقط التضييق على المعارضة بل القضاء على أيّ نفس معارض. وهو ما يقوم به الآن.
بسام الطريفي: إجراءات إيقاف رياض بن فضل تعسفية وليس من باب الصدفة أن نجد 5 أمناء عامين لأحزاب سياسية معارضة في السجن !
وفي تصريحه لـ”صوت الشعب” قال المحامي بسام الطريفي إنّ إيقاف رياض بن فضل قد تمّ حال عودته من الخارج، و هو إجراء غريب بالنظر إلى طبيعة الملف، خاصة أنّ منوّبه قد أجاب عن كلّ الأسئلة التي وجّهت له من الفرق المتعهّدة بالملفّ منذ أكثر من 4 سنوات.
وأضاف الطريفي أنّ رياض بن فضل معلوم المقرّ، وهو شخصية عامة وأمين عام لحزب سياسي معروف، ولذلك فإنّ عملية الاحتفاظ به لمدة خمسة أيّام غريبة وغير مبرّرة باعتبار أنّ منوّبه قد استحاب لجميع الاستدعاءات والاستجوابات وجميع طلبات الحضور من قبل كلٌ الفرق المتخصّصة، وقد تمّ سماعه لدى الفرقة الاقتصادية بالقرجاني وفرقة التهرب الضريبي والنيابة العمومية المتعهدة بالملف.
وفي ذات السياق، قال الطريفي كان بالإمكان توجيه استدعاء مرة أخرى لمنوّبه وكان سيستجيب كما في السابق، وسيجيب عن كل الأسئلة.
وقد أكّد الطريفي أنّ بن فضل لا يخشى منه في المجتمع باعتبار أنّ سبب إيقافه مالي بالأساس، ومن هذا المنطلق، تعتبر هيئة الدفاع أن كلٌ ما حصل من إجراءات في هذا الملف هي إجراءات تعسفية وغير مبرّرة، والهدف من خلالها حملة هرسلة بحقّ السياسيين والمعارضين، كما أنه ليس من باب الصدفة اليوم أن نجد 5 أمناء عامين لأحزاب سياسية معارضة للنظام السياسي القائم يقبعون في السجون بتهم مختلفة.
نجلاء قدية : إيقاف المنسق العام لحزب القطب أوّل خطوة نحو تكميم أفواه الخطّ الثالث
وفي تعليقها على قرار الاحتفاظ بالمنسق العام لحزب القطب، قالت نجلاء قدية القيادية بحزب القطب، إنّ القرار غير معلل وغير مبرر، فطبيعة الأسئلة التي طرحت على بن فضل خلال البحث ووفقا لهيئة الدفاع تمحورت حول أملاكه (عملية جرد لا أكثر ولا أقل) وقد تمّ سماعه في ثلاث مناسبات منذ إيقافه. مذكّرة بأنّه قد تمّ استدعاؤه للبحث سابقا، وقدّم كل الوثائق المطلوبة، كما لم يتخلّف عن أيّ استدعاء من طرف السلط المختصة.
كما وصفت القيادية بحزب القطب إيقاف بن فضل بالطريقة المباغتة، وأنّ الاحتفاظ به لمدة عشرة أيام في ظروف احتفاظ قاسية (بوشوشة) لا غاية منه سوى التنكيل.
وفي ردّها إن كان إيقاف المنسق العام لحزب القطب خطوة أولى نحو استهداف مكونات اليسار، قالت نجلاء قدية أنّه وبالنظر إلى الإيقافات السابقة بتهم مختلفة يتبيّن بكلّ وضوح أنّ المنسّق العام لحزب القطب يمثّل الأمين العام الخامس لحزب سياسي معارض الذي يتم إيقافه، وكأنّ الأحزاب الموالية لمسار الانقلاب لا تشوبها شائبة، مضيفة أنه يجب الانتباه إلى أنّ الإيقافات السابقة قد شملت كلّ مكونات المعارضة اليمينية أو المقرّبة منها أو التي تنسّق معها حتى لا يتعاطف معها الرأي العام لعلاقتها المباشرة أو غير المباشرة بالإسلام السياسي أو منظومة 7 نوفمبر. ويمثّل اليوم إيقاف المنسق العام لحزب القطب أوّل خطوة نحو تكميم أفواه الخطّ الثالث المتمايز مع المنظومتين التي سبق الحديث عنهما وحتى لا يتعاطف الرأي العام مع القضية غُلّفت بغطاء مالي اقتصادي يتماشى مع السياسة الشعبوية لقيس سعيد التي تتغذّى من الحقد والتشويه.
أمّا بخصوص حملات التشكيك والتشويه التي انطلقت إثر عملية الإيقاف، فقد دعت محدثتنا القائمين عليها للاطلاع قليلا على التاريخ النضالي لرياض بن فضل الذي كان قياديا في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين و معارضا لبن علي حين حاول اغتياله، ومعارضا لمنظومة الإسلاميين بعد ثورة الحرية والكرامة.