ضحى قلالي
تحيي منظمة مساواة حملة الـ16 يوما من النشاط لمناهضة العنف ضد النساء هذه السنة تحت شعار “من تونس إلى فلسطين : النساء ثورة ومقاومة“. فبقدر ما تعدّ مناهضة العنف سيرورة يوميّة تهمّ الواقع المرير للنّساء في تونس وفي العالم، فإنّ هذه الحملة هي مناسبة لتأكيد الفعل النّضالي في مقاومة العنف بكلّ أشكاله ومقاومة أبشع الجرائم التي تمارسها الامبريالية العالمية ضدّ النساء.
من تونس : العنف جريمة دولة
في تونس نعتبر العنف ضد النساء “جريمة دولة” وذلك أوّلا عبر التّصريحات المتكرّرة لرئيس الجمهورية والمعادية تماما لحقوق النساء ومكتسباتهنّ. ثم عبر دستور أُلغِي منه مفهوم المساواة التامة والفعلية، ثم عبر تخلّي الدولة عن مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية في حماية النساء وضمان حقوقهنّ، ثم عبر تكريس ثقافة الإفلات من العقاب رغم تواتر جرائم العنف بكل أنواعها وخاصة تقتيل النساء (24 جريمة قتل مُعلنة للنساء سنة 2023) بل والسّعي إلى تبييضها وتبريرها (انظر تصريحات وزيرة المرأة في افتتاح حملة الـ16 يوما ضد العنف)، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتعفّنة وانتهاك الحقوق الاقتصادية للشغّالين والمعطّلين في شتّى المجالات والمواقع. هي أزمة تدفع ضريبتها النساء في المقدّمة كما هو الوضع دائما في كلّ أزمات الرأسمالية وأنظمتها.
إلى فلسطين : حرب الإبادة، استهداف النساء استهداف للحياة
أمّا الشكل الأشدّ قبحا وخطورة للعنف ضدّ النساء وضد المجتمع بأسره فقد رآه العالم بأسره من خلال حرب الإبادة على غزّة، وما تبعها من انتهاكات في الضفّة الغربيّة والقدس وعموم فلسطين. 4000 شهيدة، 1000 أرملة جديدة، آلاف الثّكالى والجريحات ومنهنّ من أُصبْن بعاهات مستديمة، عشرات الأسيرات، مئات المريضات والمهجّرات من ديارهن إضافة إلى الحوامل اللّاتي فقدن أجنّتهن أو وضعن على أرصفة الطرقات وأعتاب المستشفيات المدمّرة بلا تخدير أو أدوية… كلّ هذا في غياب كلّ المرافق الأساسية للحياة. مسرح لجريمة صهيونية متكاملة الأركان برعاية امبريالية مفضوحة وبتواطؤ عربي عميل. هذا كلّه مخطّط واضح لاجتثاث الشعب الفلسطيني من أرضه ومن الحياة بأسرها. فوجود الشعوب واستمراريّتها ووجود المقاومة واستمراريّتها مرتبط بشكل رئيسي بوضع النساء : فكلّما كانت المرأة حرّة، قويّة ونشيطة كانت المجتمعات قادرة على الاستمرار في “فعل الحياة” وفي الدفع بعجلة التاريخ نحو مسار التحرّر والمساواة والعدالة الإنسانية.
إنّ إجهاض النساء في غزّة هو “إجهاض للحياة”، كما أنّ طرد النساء من عملهن أو تهديدهن بالاغتصاب أو استهدافهن بالاعتقال أو التّهجير أو القتل أو قتل أطفالهن أو الحرمان من أبسط حقوقهن هو جريمة صهيو-امبريالية لها تأصيلها الفكري والسياسي والاجتماعي.
النّساء ثورة ومقاومة
ولذلك فإنّ منظمة مساواة تعتبر أنّ دعم النساء ودعم المقاومة في فلسطين بمختلف الوسائل والأنشطة هو فعل تضامني إنساني ولكنّه أيضا فعل نضالي يضيف إلى الفعل التّراكمي في مقاومة الامبريالية والرّأسمالية والذي يبدأ من مقاومة النّظام الفاشي التّابع في تونس.
حملة “من تونس إلى فلسطين : النساء ثورة ومقاومة” تؤكّد أنّ قناع الامبريالية قد سقط وأنّ هزيمة جديدة تنضاف إلى هزائمها التّاريخية وأنّ “مقاومة النساء من أجل تحرّرهن” مهمّة ثوريّة على الماركسيّات أن تكنّ أوّل من يتبنّاها ويدافعن عنها بشراسة المُدافع عن حقّه في الوجود.