جيلاني الهمامي
صوّت مجلس النواب الأمريكي يوم الأربعاء 13 ديسمبر الجاري بأغلبية 221 صوت مقابل 212 صوت معارض على فتح تحقيق للتثبت مما إذا كان الرئيس الأمريكي الحالي دجو بايدن قد استفاد من المعاملات التجارية لابنه او ما إذا كان اساء استغلال منصبه كرئيس للدولة الامريكية. وبذكر ان نجله هنتر بايدن دعي في نفس اليوم إلى المثول امام لجنة الرقابة في مجلس النواب لمساءلته على انفراد حول جملة من التهم الموجهة له. علما وانه سبق ان مثل امام الادعاء العام الفدرالي بتهمة أنشطة تجارية بها شبهات فساد في الصين واكرانيا. كما سبق ان تمت مساءلته في قضايا تهرب ضريبي وهو ملاحق بسبب التحايل واخفاء الحقيقة عند شراء سلاح ناري.
ويعتبر الجمهوريون الذين يتمتعون بالأغلبية في مجلس النواب أن عائلة بايدن “استفادوا بشكل غير لائق من القرارات التي شارك فيها بايدن الاب في أثناء عمله نائباً للرئيس اوباما في الفترة من 2009 إلى 2017”.
تأتي هذه التطورات سنة قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الامريكية وفي ظرف تنشغل فيه إدارة بايدن بما يجري في غزة منذ أكثر من شهرين. فالواضح أن الجمهوريون يعملون قصارى جهدهم من أجل استغلال تبعات الحرب في غزة كأحسن ما يكون لمزيد اضعاف الرئيس الحالي علما وأن استطلاعات الراي في أمريكا تشير كلها الى تراجع شعبيته بشكل لافت لفائدة خصمه المتوقع الجمهوري دونالد ترمب.
إن فتح تحقيق ضد بايدن والسعي الى إثبات تهمة “الكذب على الكونغرس وعلى الشعب الأمريكي” بشأن تعاملات نجله التجارية مع الخارج هو مقدمة لطلب عزله قبل انتهاء مدته الرئاسية. ورغم ان الجمهوريون يعلمون ان هذا الطلب لن يمر وسيكون الرئيس بايدن في مأمن من قرار العزل بحكم سيطرة “الديمقراطيين” على مجلس الشيوخ فإنهم يصرون على اثارة هذا الملف ومحاصرته بالفضائح بغاية تهرئة شعبيته. والوقت مناسب لذلك. فالرئيس الأمريكي يلاقي معارضة متصاعدة لسياسته المنحازة بشكل أعمى للكيان الصهيوني وتتصاعد هذه المعارضة حتى داخل حزبه، الحزب “الديمقراطي”. وقد بلغت نسبة الغاضبين من سياسته أكثر من 60 % وهي مرشحة لبلوغ مستوى أعلى.
وفي حركته منه للتخفيف من وطأة الضغوط في مثل هذا الظرف الحساس غير بايدن من نبرة خطابه في الأيام الأخيرة معبرا عن بعض الانتقادات حيال اليمين الاسرائيلي المتطرف الحاكم، نتنياهو وائتلافه الحاكم. إن خوفه من انقلاب الراي العام الأمريكي ضده، وخصوصا ما يسمى بالجناح التقدمي في الحزب “الديمقراطي” وجمهور الشباب الذي اظهر طوال المدة الفائتة استياء كبيرا بلغ حد الغضب الشديد والاحتجاج الصاخب على موقف قيادته وعلى راسها بايدن هو الذي حدا به إلى إدخال بعض التعديلات في مستوى الخطاب. فهو يدرك أنه بات عليه ان يحذر اثار اللعنة التي ستتابعه طوال المدة القادمة، لعنة يمكن تسميتها “لعنة غزة”.