ترجمة مرتضى العبيدي
مقتطف من المقرر المصادق عليه في الدورة 27 للندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية المنعقدة في شهر ماي 2022 تحت عنوان “العمل اليومي والممنهج والمستمرّ لحزب الطبقة العاملة بين الجماهير”.
كما أشار لينين في كثير من الأحيان، فإن “المسألة الأساسية لأي ثورة هي مسألة سلطة الدولة”. إن تنظيم الطبقة العاملة كطبقة طليعيْة للاستيلاء على السلطة السّياسية هو الشرط المسبق لتأسيس النظام الاجتماعي الجديد (المجتمع الشيوعي) الذي تتحرْر بموجبه. لهذا السبب، يجب أن يكون النضال من أجل تحرّر الطبقة العاملة، في المقام الأول، نضالًا سياسيًا يتمحور حول الاستيلاء على سلطة الدولة، ويجب رفع وعي العمال إلى مستوى الوعي السياسي.
إن تشكيل ونضج الشروط الموضوعية ليسا كافييْن لانتصار الثورة واستيلاء الطبقة العاملة على السلطة. لذا وجب كذلك تهيئة الشروط الذاتية وإعدادها. هذه الأخيرة لا تنضج من تلقاء نفسها، فالحزب هو العنصر الأساسي والمُعٍدّ للشروط الذاتية.
وبما أن موقع البلدان في النظام الرأسمالي الإمبريالي، أي مستوى وشكل تطور الرأسمالية مختلف، فإن العلاقات والتناقضات بين مختلف الطبقات الاجتماعية، وظروف الصراع الطبقي، إلخ تختلف كذلك. لذا فإنْ المهمة الملحة التي تواجه الطبقة العاملة، وكذلك الاستراتيجية والتكتيكات التي يجب اتّباعها تختلف من بلد إلى آخر ومن مرحلة لأخرى. إذ تختلف الطبقة (أو التحالف الطبقي) المطلوب الإطاحة بها، وكذلك حلفاء الطبقة العاملة، والقوى التي سيتم تحييدها وكسبها (القوى الرئيسية والاحتياطية للثورة) من بلد إلى آخر.
ومع ذلك، فإذا ما نظّمت الطبقة العاملة نفسها كطبقة طليعيّة من أجل الاستيلاء على السلطة، و بناء المجتمع الجديد، فإن ذلك يتطلب محافظة حركة الطبقة العاملة على توجّهها في الظروف المعقّدة والمتغيرة باستمرار للصراع الطبقي، والتي تتطور من خلال استراتيجيا وخط تكتيكي صحيحين، أن تتلقى دعم الطبقات المضطهدة والمستغلة الأخرى وتوجّه حركتها، وأن يتمّ تحييد القوى الاجتماعية المتذبذبة. لذلك، فإن التحضير للثورة والعامل الذاتي ينطويان على إعداد الطبقة العاملة، وكذلك حلفائها، لكل فترة تاريخية، من أجل التمسّك بالنضال الثوري وتطوير حركتهم على الخط الصحيح.
وكما أوضحت التجربة التاريخية، فإنه لا يمكن للطبقة العاملة إنجاز هذه المهام ضمن المجال الضّيق للحركة العفوية، بل إن شرط تحقيقها هو انصهار النظرية الثورية مع حركة الطبقة العاملة، وتقدّم عملها ونضالها بتوجيه من هذه النظرية.
فقط حزب متشبّع بالنظرية الثورية يمكنه تطوير الاستراتيجيا والتكتيكات الصحيحة وتنظيم العمل الضروري لتهيئة الظروف الذاتية للثورة بين الجماهير العريضة.
لا يمكن للطبقة العاملة أن تحقّق هدفها المتمثل في إنهاء حكم رأس المال إلا متى كسب الحزب ثقة شرائح متنامية من الطبقة العاملة، التي هي القوّة الرئيسية للثورة، وكذلك الطبقات المضطهدة والمستغلة الأخرى – التي تتكوّن أساسًا من طبقة شبه البروليتاريا الحضرية والريفية، والفلاحين الفقراء، ونسائهم وشبابهم – الذين يشكلون جزءً من القوى المحرْكة للثورة، والقوى الاحتياطية التي يمكن أن تتغيّر من بلد إلى آخر، في النضال السياسي الثوري. إن وجود وتطور حركة عمالية قوية تحت قيادة حزبها هو أيضا شرط لكسب كل الجماهير المضطهَدة والمستغَلة، ولنضالهم الموحّد للمضي قدما على الطريق الصحيح.
إن من أوكد واجبات حزب البروليتاريا تنظيم وقيادة الطبقة العاملة والشعب في صراعهم ضد طبقة الرأسماليين التي تمسك بالسلطة وتجعل من الدولة جهازا لتكريس هيمنتها والحفاظ على مصالحها.
إن الدولة الرأسمالية هي تعبير عن دكتاتورية البرجوازية على الطبقة العاملة وعلى جميع الطبقات الكادحة. وتأخذ هذه الديكتاتورية أشكالًا مختلفة، مثل الديمقراطية الليبرالية، والأنظمة الاستبدادية والرجعية التي تقودها الحكومات النيوليبرالية أو الديمقراطية الاجتماعية وحتى الفاشية، أو الديكتاتوريات العسكرية. وأيًّا كان شكل الهيمنة الرأسمالية ـ الإمبريالية، يجب أن يكون الحزب الثوري للطبقة العاملة هو العنصر الأكثر تصميما في المواجهة اليومية للطبقة العاملة وبقية الطبقات الكادحة مع الدولة الرأسمالية وسياساتها، من أجل فرض الحريات والديمقراطية، والحقوق النقابية والسياسية ضدّ القهر والطغيان. يجب أن يعارض الرجعية والفاشية تحت كل الظروف، وأن يرفع رايات النضال من أجل السيادة الوطنية وضدّ الهيمنة الإمبريالية في البلدان التابعة.
ففي النضال النقابي، وفي النضال السياسي من أجل الحرية والديمقراطية، وفي التّشهير وفضح الرأسمالية وكل مظاهر غطرستها وظلمها، وفي نشر وتعزيز الاشتراكية وأسسها المادية والأخلاقية، مثل التضامن الطبقي، تعمل الطبقة العاملة، تحت قيادة حزبها الثوري، على تطوير فهم واستيعاب الاشتراكية العلمية.
إننا نعيش عصر الامبريالية والثورات البروليتارية حيث يهيمن النظام الرأسمالي الامبريالي على كل العالم. وعلى الرغم من الهزيمة المؤقتة للاشتراكية، فإن الشروط الموضوعية للنضال من أجل تحرّر الطبقة العاملة وإنهاء هيمنة البرجوازية والإمبريالية تنبع من وجود الرأسمالية ذاتها.
لذا فإن النضال ضد الرأسمالية ـ الإمبريالية يتطلْب وحدة الطبقة العاملة على الصعيدين المحلي والدولي، وهو ما يستدعي التصدّي لسعي البرجوازية والإمبريالية الى تقسيمها وإثارة بعضها ضدْ بعض، بالإضافة إلى ضرورة السّعي إلى توحيد نضال الطبقة العاملة مع نضالات الشعوب والأمم المضطهدة، وهذا يستلزم توحيد نضال بروليتاريا البلدان الرأسمالية المتقدّمة مع نضال عمال وشعوب البلدان التابعة.