نعتزّ بتونس وندعو إلى تطوير دورها، فالمعركة اليوم استثنائية وهو ما يتطلّب حدثا استثنائيا
مثّلت عملية طوفان الأقصى التي انطلقت يوم 7 أكتوبر 2023 صدمة لدى الجميع من ناحية استبسال فصائل المقاومة الفلسطينية في المعركة ميدانيا إلى اليوم وتقديمها لأفضل الدروس وأسماها في النضال والمقاومة وصمود شعب الجبّارين رغم جرائم الكيان الصهيوني المدعوم من القوى الاستعمارية وعلى رأسها الامبريالية الأمريكية وحلفائها.
وبمناسبة الزيارة التي أّداها وفد عن حركة المقاومة الفلسطينية حماس إلى مقرّ حزب العمّال يوم 16 جانفي 2024، التقت “صوت الشعب” الدكتور سامي أبو زهري رئيس الدائرة السياسية بإقليم الخارج بحركة حماس وأجرت معه هذا الحوار الخاص..
بعد أكثر من ثلاثة أشهر من عملية طوفان الأقصى، من موقعنا من تونس، نودّ الاطمئنان على وضع المقاومة الفلسطينية؟
رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر للعدوان الصهيوني على غزّة، المقاومة الفلسطينية نجحت في تكبيد هذا الاحتلال خسائر كبيرة ونجحت في مقاومة التوغّلات الصهيونية، كلّ يوم هناك قتلى في صفوف الصهاينة وتدمير لآليات هذا الاحتلال مع الشلل الاقتصادي والسياسي وتلاشي صورته خاصة في المجتمعات الغربية. وهنا أؤكّد أنّ المقاومة الفلسطينية بخير وهي قادرة على الاستمرار حتى وإن طال أمد هذه المعركة أكثر.
أمّا شعبيا، فرغم المعاناة والآلام والقصف والتدمير، فقد برهن الشعب الفلسطيني على قدرته على الصبر وأعطى صورة رائعة من الصمود في وجه الاحتلال وآلة التدمير الصهيونية، واليوم نواجه ما يجري ببسالة المقاومين وصمود الشعب الفلسطيني وقادرين على الاستمرار.
هناك خطّة في إطار الإعداد لغزّة ما بعد الحرب. هل ستساهمون فيها؟
أن يتدخّل الغرب في تحديد صورة غزّة ما بعد الحرب فهو مرفوض بالنسبة لنا باعتبار أنّ هذا شأن فلسطيني داخلي، والفلسطينيون هم أصحاب القرار في كيفية إدارة المرحلة المقبلة. ونحن في حركة حماس نرى أهمية تشكيل حكومة فلسطينية تتوافق عليها الفصائل وتكون مرجعيّتها في إدارة الضفة الغربية وغزّة معا في المرحلة المقبلة.
ما هو موقفكم من مقترح توحيد الضفّة الغربية وغزّة تحت إشراف السلطة الفلسطينية الحالية؟
كما قلت فإنّ المرحلة المقبلة، الفلسطينيون وحدهم يحددّون كيفية إدارتها، وهذا يحتاج إلى تشكيل حكومة تشكّلها الفصائل الفلسطينية وتكون مرجعيتها، أمّا فيما يتعلّق بالقيادة الفلسطينية، خاصة منظمة التحرير الفلسطينية، فهناك حاجة إلى إعادة تنظيمها بغاية مشاركة حركات المقاومة الكبرى خاصة حماس والجهاد الإسلامي، وكلّ هذا يعتبر شأن داخلي ولن نسمح بأيّ تدخّل أجنبي حوله.
المقاومة أصبحت تقاتل على جبهتين، جبهة سياسية وجبهة عسكرية في مواجهة الضغوطات العربية والدولية لوضع ترتيبات لما بعد الحرب. إلى أيّ مدى حركة حماس مستعدّة للتصدّي لمثل هذه الترتيبات؟
اليوم الأولوية للمعركة الميدانية ومواجهة العدوان الصهيوني، فالإدارة الأمريكية تراهن على القضاء على حركة حماس، ونحن نؤكّد أنّ كلّ هذه المساعي ستفشل طالما أنّ حماس والمقاومة بخير ولن يفلحوا في فرض الإرادة الأمريكية والخليجية على الشعب الفلسطيني. ونحن منفتحون على كلّ الخيارات، لكن وفقا للإرادة الفلسطينية بعيدا عن أيّ ضغوط وإملاءات خارجية.
حقّقت المقاومة الفلسطينية فرزا حقيقيا في الوطن العربي وفي العالم بين القوى المساندة للشعب الفلسطيني وبين القوى المتواطئة. أيّ مدى لهذا الفرز في علاقاتكم الخارجية لمرحلة ما بعد الحرب؟
صحيح هناك حالة اصطفاف حقيقي، ولا يوجد أكثر من صفّين، إمّا أن تكون مع المقاومة أو ضدّها. بالنسبة لنا في حركة حماس وفيما يتعلّق بأمّتنا نحن في مواجهة الاحتلال الصهيوني ولسنا معنيّين بالدخول في سجالات أو تجاذبات مع أيّ حكومات في المنطقة بغضّ النظر عن مدى قربهم أو بُعدهم من المقاومة الفلسطينية لأنّ علاقتنا الأساسية مع شعوب هذه المنطقة التي تعتبر القضية الفلسطينية هي القضية الأولى. ونحن نأمل أن تؤدّي نتائج هذه المعركة إلى إحداث تغيير حقيقي في قناعات وسلوك حكّام هذه المنطقة بعيدا عن التعليم، لأنّ هناك تفاوت بين أداء هذه الحكومات.
ماهي رسالتكم إلى الشعب التونسي؟
نحن نعتزّ بتونس في جميع المستويات. فمن خلال هذه المعركة أثبت تونس وفائها للشعب الفلسطيني سواء ديبلوماسيا أو من خلال استقبال الجرحى الفلسطينيّين أو إرسال المساعدات والتفاعل الشعبي والدور الحقوقي وما تقدّمه الأحزاب التونسية. فاليوم الدور التونسي مهمّ، وندعو إلى تطويره باعتبار أنّنا في ظلّ معركة استثنائية وهو يتطلب حدث استثنائية، فما يجري ليس مواجهة بين المقاومة والاحتلال الصهيوني بل إنّ المواجهة تجري بين المقاومة وتحالف غربي تقوده الأمريكية، وعلى كلّ الأمّة أن تتّحد وتتحالف خلف غزّة وخلف المقاومة في مواجهة هذا التحالف الغربي.
ماهي رسالتكم إلى مناضلات ومناضلي حزب العمّال؟
علاقتنا مع رفاقنا في حزب العمّال علاقة وثيقة وقوية ونحن نعتزّ بها وحريصون على استمرارها لأنّ الحزب لديه مواقفه المشرّفة والثابتة من القضية الفلسطينية. ونحن في حركة حماس نتعزّ بهذا ويدفعنا دائما إلى التواصل والتفاعل مع قيادة الحزب. نحن حركة مقاومة تحمل قضية الأمّة، ونرى أنّ مناضلي ومناضلات حزب العمّال يساندون بقوّة قضيتنا وهذا ما يدفعنا إلى تطوير وتمتين هذه العلاقة.