الرئيسية / صوت العالم / شعوب الاكوادور تعاني من تبعات حرب مافيا المخدرات
شعوب الاكوادور تعاني من تبعات حرب مافيا المخدرات

شعوب الاكوادور تعاني من تبعات حرب مافيا المخدرات

بقلم منذر خلفاوي

انفلات أمني غير مسبوق

تصاعدت أحداث العنف المسلح منذ بداية شهر جانفي بين عصابات تهريب المخدرات ممّا سيؤدّي إلى انعكاسات سياسية واقتصادية على الإكوادور، فالأزمة الأمنية المتواصلة منذ شهور تفاقمت مؤخّرا إثر هروب قائد إحدى العصابات من السّجن وإعلان حالة الطوارئ في البلاد يوم 8 جانفي ما أدى إلى ارتكاب جرائم عديدة في أغلب المدن وهروب قائد عصابة أخرى لم يمر ثلاثة أيام على إيقافه مع أربعين سجين حقّ عام.
لقد وقع تسجيل أعلى مستوى من الأعمال الإجرامية في عشرين ولاية من بين الـ24 بإحراق السيارات وتفجير القنابل واختطاف عناصر من البوليس واحتجاز حرّاس السجون وعمليات نهب، ووصل الأمر حدّ السيطرة على إحدى القنوات التلفزية بمدينة قواياكيل، وصاحب ذلك حملات عبر شبكات التواصل الاجتماعي زادت في ترهيب المواطنين الذين باتوا يشعرون أن الوضع منفلت وغير متحكَّمٌ فيه، وبادرت الحكومة في إصدار مرسوم يعتبر أن الصراع المسلّح يتطلب تدخّلا للجيش للتصدي للمجموعات الإرهابية.

جذور الموضوع

تمثّل تجارة المخدّرات وتهريبها مصدر ثروة عصابات المافيا التي تتنافس من أجل السيطرة عليها وهو صراع يقابل بين زعماء وقادة مكسيكيين وألبان تضمّ كلّ منها آلاف العناصر وتدرّ عمليات التهريب مليارات الدولارات. وكدليل على ذلك يمكن ذكر أهم حادثة ديوانية على الإطلاق تمت بإسبانيا تمثلت في حجز 9,5 طن من الكوكايين مخبّأة في حاويات غلال الموز. وتمثّل هذه التجارة ما بين 1 و5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للاكوادور، أي ما يعادل 3.5 مليار دولار في السنة.
لقد كانت من بين تبعات أزمة الكوفيد تباطئ الاقتصاد وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن استغلّته مافيا المخدرات بتشغيل الأطفال مقابل 50 دولار في الأسبوع وهو ما يفوق الأجر الأدنى. كما برزت ظاهرة ابتزاز العائلات والمؤسّسات والتجار باستعمال التهديد وعمليات الاختطاف مقابل دفع فِدْية مالية، كما تضاعف عدد المساجين ثلاث مرات (من 13 ألف سنة 2008 إلى 39 ألف سنة 2023).
إن السياسات النيوليبرالية للحكّام ضاعفت معاناة الشعب، وهو ما نتج عنه احتجاجات اجتماعيّة سنة 2019 ذهب ضحيّتها عشرة قتلى وأكثر من ألف وثلاثمائة جريح، وإضراب الـ18 يوم في جوان 2022 اعتُقل على إثره ألفيْ مضرب. وقد قلّصت الحكومة من ميزانيات وزارات العدل والأمن والمجلس الأعلى لمراقبة المخدرات مقابل دعم التجسّس واختراق الحركات الاجتماعية. لقد اخترقت عصابات الاتّجار بالمخدرات المؤسسات البرجوازية من بوليس وجيش والجهاز التنفيذي والإعلام وأوساط الأعمال في ظلّ حكومات كل الرؤساء من كوريا ومورينو ولاسو حتى اليوم.

سياسة الأحزاب البرجوازية وموقف القوى الثورية

إن التصريح بوجود صراع مسلّح وضرورة مقاومته بالسّلاح جعل المواطن الخائف والمرعوب يقبل بما تقترحه الحكومة من تدابير تحت شعارات الوحدة الوطنية والدفاع عن الوطن التي تتخفّى وراءها في الحقيقة لتمرير سياسة نيوليبرالية تستهدف حقوق الطبقة العاملة وشعوب الاكوادور. كما تتّفق الأحزاب البرجوازية على ضرورة الترفيع في سعر المحروقات لتمويل الحرب على عصابات تهريب المخدرات وضرورة التّفويت في استثمار المناجم لرؤوس الأموال العالمية وتفعيل مرونة الشغل، وهي بذلك ترضخ لإملاءات الامبريالية الأمريكية.
أما بالنسبة للقوى الثورية فهي تدين أعمال العنف الإجرامية المافيوزية وتطالب بضمان أمن وحياة المواطنين ووحدة الشعب لمجابهة الأوضاع الصعبة وتنظيم التضامن لحماية الأحياء ومواقع العمل، وتدعو الحكومة إلى حماية المستشفيات والخدمات العمومية، كما تقترح إجراءات عاجلة في مجالات الأمن والصحة والتعليم والعمل بضخّ التمويلات للمؤسسات المعنية وإيقاف تسديد الديون لهذه السنة وتطهير قوات الأمن ودعم الاستخبارات لضرب العصابات وإعادة التحكم بالسجون والتصدي لتبييض الأموال وحماية الحدود. كما تقوم القوى الثورية بالدعاية في صفوف الشعب لتوضيح أن من يقود عصابات المخدرات ليسوا قادة العصابات بل هم في المراكز العليا للدولة ويجب الكشف عنهم ومحاكمتهم.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×