بقلم منذر خلفاوي
انتهت يوم 31 مارس العملية الانتخابية للمجالس البلدية في تركيا وعددها 81، حيث تمّت دعوة 61 مليون ناخب للاقتراع وبلغت نسبة المشاركة فيها حدود 76.6%. تأتي هذه الانتخابات سنة فقط بعد فوز “حزب العدالة والتنمية ” بالانتخابات الرئاسية والتشريعية في ماي 2023 التي تمتد عهدتها حتى سنة 2028. تقدم 12 ألف مرشح للتنافس على عضوية المجالس المحلية المسؤولة عن عديد الخدمات الاجتماعية كالخدمات الصحية والسكن الخ… كانت النتائج لصالح “حزب الشعب الجمهوري” وهو حزب اشتراكي ديمقراطي أسّسه مصطفى كمال أتاتورك ذو التوجه العلماني الذي تفوّق بنسبة 37.7%، وحصوله على 36 بلدية بين مدينة ومحافظة مقابل 20 في انتخابات 2019. بينما تحصّل حزب العدالة والتنمية على المرتبة الثانية بنسبة 35,5% وحصل على 23 بلدية مقابل 39 سابقا وكان نصيب “حزب الرفاه” مجددا اليميني الإسلامي على 6.1%، وجاء في المرتبة الرابعة “حزب الشعوب الديمقراطي” الكردي الذي أصبح اسمه “مساواة وديمقراطية الشعوب” بـ10 بلديات مقابل 8 سابقا.
التصويت العقابي
رغم قصر المدة الفاصلة بين الموعدين الانتخابيين – تشريعية ورئاسية 2023 ومحلية 2024 – ورغم هيمنة وسطوة “حزب العدالة والتنمية” وزعيمه أردوغان على الإعلام العمومي أثناء الحملة الانتخابية وحرمان المعارضة من نفس الحظوظ في الدعاية لبرامجها فإنّ النتائج كانت مغايرة ومثلت صفعة للحزب الحاكم. فما هي الأسباب؟
تمثل نسبة المشاركة الضعيفة رسالة لأوردوغان وحزبه مفادها عدم رضاء جزء مهم من الجسم الانتخابي الذي صوّت سابقا، إذ يقترب عدد المقاطعين وعدد الأصوات الملغاة من المليونين كما صوّت عديد المتعاطفين مع “حزب العدالة والتنمية” لفائدة حزب “الرفاه مجددا”حليفه السابق كما يمكن تفسير العزوف لاعتبار الأهمية الثانوية للانتخابات البلدية مقارنة بالرئاسية.
أسباب الهزيمة
ثمة أسباب قديمة مستمرّة كالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة وعدم تحقيق أردوغان وعوده الانتخابية. إذ تمثل نسبة التضخم الـ80% وتدهورت الليرة التركية وارتفعت نتيجة ذلك الأسعار وتفاقمت البطالة وتدنّت أجور العمال وخاصة منح المتقاعدين وإلى جانب ذلك يعتبر بعض المحللين أنّ سياسة التقارب مع أمريكا وسياسة الاستبداد وقمع الحريات لها تأثير على النتائج. كما يمكن تفسير النتائج بأسباب مستجدة أهمها موقف أردوغان من الحرب على غزة ومواصلة علاقاته التجارية مع الكيان الصهيوني وعدم تقديمه الدعم الضروري للمقاومة وللشعب الفلسطيني.
أخيرا، لا يمكن التكهّن بالتطورات السياسية مستقبلا مع تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية التي يمكن أن تؤدي إلى المطالبة بانتخابات سابقة لأوانها لتغيير السلطة السياسية وهو ما لن يتحقق إلاّ بتغير موازين القوى لصالح الجماهير المفقّرة وبقيادة القوى الثورية والديمقراطية.