تحلّ ببلادنا يوم الأربعاء 17 أفريل “جورجيا ميلوني” رئيسة وزراء إيطاليا مصحوبة بوزير داخليتها. ويبدو من خلال سياق الزيارة أن هدفها الأساسي هو مواصلة النظر في كيفية تنفيذ برنامج حكومتها فيما يخصّ الهجرة غير النظامية في اتّجاه إيطاليا وأوروبا عامّة والتي تعتبر بلادنا ممرّا أساسيا لها. ومن المعلوم أن سياسة إيطاليا هي نفسها اليوم سياسة الاتحاد الأوروبي الذي تقود معظم أقطاره حكومات يمينيّة ويمينية متطرّفة اتّفقت على برنامج رجعي، عنصري للتصدّي للهجرة. ويركّز هذا البرنامج على المعالجة الأمنية للظاهرة ويتّجه إلى بلدان الجنوب كي تقوم بدور الشرطي وحارس الحدود، بل كي تكون مصيدة للمهاجرين غير النظاميّين الفارّين من الفقر والبؤس والنهب والحروب التي تشعلها أو تغذّيها بلدان المركز الرّأسمالي، مقابل فتات يتمثّل رأسا في آليات للرقابة والملاحقة في عرض البحر وطول الشواطئ.
وقد انخرط النظام التونسي في هذه المقاربة منذ عقود وقَبِلَ لعب دور الدّركي. وتواصل هذا الدور مع نظام قيس سعيّد الشعبوي اليميني المتطرف الذي أصبحت تربطه بميلوني، سليلة الفاشية الإيطالية، علاقات متطوّرة. وهو لا يتوانى منذ مدة عن إطلاق حملات عنصرية ضدّ أشقّائنا من أبناء وبنات جنوب الصحراء المتّهمين زورا وبهتانا بالتآمر على تونس من أجل تغيير “تركيبتها السكّانية” و“هويتها العربية الإسلامية“، وهو ما عرّضهم لاعتداءات مخزية في عدة مناطق من البلاد. وليست هذه الحملات إلّا تمهيدا للخطوة الموالية في تنفيذ سياسات إيطاليا الفاشية والاتحاد الأوروبي اليميني العنصري اللذين يرومان تحويل بلادنا إلى مركز تجميع للعائدين ليقوم النظام القائم بالمهمّات البائسة التي تقوم بها اليوم الشرطة الإيطالية في عرض المتوسط وفي مراكز الإيقاف اللاإنسانية.
ومن الجدير بالذّكر أن زيارة ميلوني لبلادنا تأتي في ظرف يتعرّض فيه الشعب الفلسطيني في غزّة منذ ما يزيد عن الستة أشهر لحرب إبادة على يد الكيان الصهيوني النازي الذي يلقى الدّعم المباشر من الولايات المتحدة الأمريكية ولكن أيضا من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا التي ما انفكت تبارك عربدة الكيان الصهيوني في المنطقة بما يهدّد باتّساع رقعة الحرب. كما تأتي زيارة سليلة موسيليني مباشرة بعد زيارة رئيس اللجنة العسكرية لحلف “الناتو” الذي “يتمتّع” فيه النظام التونسي منذ عهد الباجي قايد السبسي بمرتبة “حليف رئيسي من خارج الحلف“، هذا الحلف الاستعماري الهمجي الذي يمدّ العدو الصهيوني بكلّ المساعدات لمواصلة العدوان الإجرامي على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، مع العلم أن “ميلوني” تقوم بدور كبير في هذا المجال وهي تربطها علاقات وطيدة بالصهيوني–النازي “الناتن ياهو“.
إن حزب العمال إذ يعتبر هذه الزيارة إهانة للشعب الفلسطيني واستهانة بدماء شهدائه، واستفزازا للشعب التونسي في هذه اللحظة وضربا لسيادته الوطنية التي طالما تظاهر الخطاب الشعبوي الرسمي بالدفاع عنها بهدف المغالطة، وإذ يعتبر أيضا أن انخراط نظام قيس سعيد في السياسية الإيطالية/الأوروبية في موضوع الهجرة هو دليل على حقيقة تبعيّته للمراكز الرأسمالية الأوروبية، فإنه:
- يؤكّد أنّ هذه الزيارة بسياقها وأهدافها إنما هي دليل إضافي على التبعيّة العضوية للنظام التونسي للاتحاد الأوروبي ومختلف أجهزته، باعتباره اتحادا استعماريا يعادي الشعوب دفاعا عن مصالح الطغم المالية المتنفذة في أوروبا والتي تُحكم سيطرتها اليوم من خلال حكومات اليمين واليمين المتطرف والتي تعتبر حكومة “ميلوني” أبرزها.
- يدعو حرائر تونس وأحرارها من القوى الوطنية التقدّمية للخروج للتظاهر في وجه الفاشية “ميلوني” التي تنتهك حكومتها حقوق المهاجرين وتساند العدوان على الشعب الفلسطيني، وللعمل المتواصل من أجل التصدي لتحويل تونس إلى مركز تجميع للمهاجرين غير النظاميّين، أو مقبرة للنفايات السامّة الإيطالية وغيرها.
- يدعو الشعب التونسي وقواه التقدمية إلى النضال من أجل إلغاء الاتفاقية مح حلف “الناتو” الامبريالي العدواني المجرم وإلى مواصلة النضال من أجل سنّ قانون لتجريم التطبيع مع العدو الصهيوني الذي تدخّل قيس سعيد لإيقاف النظر فيه من قبل البرلمان المُنصّب.
حزب العمال
تونس، في 16 أفريل 2024