الرئيسية / صوت الشباب / الاتحاد العام لطلبة تونس: مؤتمر وطني في زمن شعبوي
الاتحاد العام لطلبة تونس: مؤتمر وطني في زمن شعبوي

الاتحاد العام لطلبة تونس: مؤتمر وطني في زمن شعبوي

بقلم حسني حمّودي

يخوض الاتحاد العام لطلبة تونس أيام 25 و26 ماي 2024، مؤتمره الوطني في وضع سياسيٍّ عام سمته الرئيسية غطرسة الشعبوية وإرساء نظامها الفاشي، وفي وضع اقتصادي في أعلى درجات الانهيار، ووضع اجتماعي مهترئ ومتعفّن ومرجّح في أيّ لحظة لانفجارات كبرى، وفي وضع دولي جدّ متحرك ومتغيّر ومرجح في أي لحظة لاندلاع حرب مجهولة النهاية، وفي وضع إقليمي تحدد ملامحه يوما بعد آخر أوضاع الداخل الفلسطيني بعد أكثر من سبعة أشهر من المقاومة الباسلة لشعب الجبارين بفلسطين الأبيّة للعدو الصهيوني الغاصب.
في كلّ تلك الأوضاع المعقدة والمتشابكة والمركبة يخوض الاتحاد العام لطلبة تونس مؤتمره الوطني، فأيّ دور لهذا المؤتمر في ظل كل ما سبق؟
لا أحد ينكر الدّور الريادي الذي لعبه الاتحاد العام لطلبة تونس لمدة عقود طويلة من الزمن في الدفاع على منظوريه وفي مواجهة كلّ من يحاول المسّ أوالتلاعب بحقوق التونسيات والتونسيين حيث من أبرز المدافعين على حياة الشعب التونسي ومقدّراته، ولعل أكبر دليل على ذلك الدور الذي لعبته المنظمة الطلابية في انتفاضة الخبز في 84، وفي أحداث الحوض المنجمي في 2008، والمشاركة الفعالة في ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي 2011، وفي مواجهة المدّ الإخواني في السنوات الموالية للثورة (حادثة العلم بجامعة منوبة)…
كما أن دوره كان رياديّا في مساندة كل قضايا تحرر الشعوب وعلى رأسهم القضية الفلسطينية التي كانت ومازالت وستظل بوصلة النضال صلب هذا الصرح العظيم، فكان دور المنظمة الطلابية جوهريا في دعم حركة التحرّر في حرب جنوب لبنان (حرب تحرير الجنوب) ضدّ آلة القتل الصهيونية، وفي الغزو الإمبريالي للعراق في 1991 و2003 وفي انتفاضة الأقصى 2000 / 2001 وفي 2005 زيارة “آريال شارون” إلى تونس وفي الحرب على غزّة 2009 وفي طوفان الأقصى 2023 المتواصل إلى يومنا هذا…
ولذلك يمكن التأكيد بأن المنظمة الطلابية، الاتحاد العام لطلبة تونس، هي منظمة متجذّرة في النضال جنبا إلى جنب مع كل المضطَهدين، وضدّ كلّ نفس استعماري مهما كانت دوافعه، كما يمكن يمكن الجزم أنّ الاتحاد العام لطلبة تونس هو أحد أهم خطوط الدفاع على حياة التونسيات والتونسيين ضد كل أصحاب الخيارات اللاوطنية واللاشعبية وكلاء الاستعمار والدوائر المالية العالمية.
إن كل هذا الإرث النضالي الإنساني يجعل من هذا المؤتمر أكثر أهمية من كلّ المؤتمرات السابقة منذ أكثر من عشرة سنوات وذلك أساسا لأسباب عدة:

محليا:

  • تعيش تونس اليوم لحظات فارقة في تاريخها في سياق الارتداد الكلي على جلّ مكاسب الثورة، ولعلّ أهمها مكسب الحرية، حيث نعيش اليوم على وقع زمن فاشي جديد مرتكزه الرئيسي هو الفصل 54 الذي يمثل الخطر الأعظم على الحرية في تونس في شكلها العام أو الفردي (حرية، التعبير، حرية الصحافة، حرية التنقل…) وعلى معنى الفصل المذكور يحاكم اليوم الشعب التونسي برمته، فالسجون تعجّ بمن حوكموا من أجل تدوينة فايسبوكية (الرفيق وليد الزايدي والعديد من الشباب)، وعلى معنى نفس الفصل يُحاكم اليوم من يعبّر على مساندته لمن وقع محاكمته على نفس الفصل (الصحفي مراد الزغيدي)، في تونس اليوم يحاكم السياسي على رأيه الناقد لسياسات قيس سعيد، ويحاكم الصحفي على رأيه من منظومة الحكم الحالية، ويُحاكم المحامون لدفاعهم على منوبيهم… وعلى معنى ذلك الفصل كلّنا نعيش حالة سراح شرطي. فلا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن لا يكون للاتحاد العام لطلبة تونس من كل هذا موقفا سياسيا واضحا مدافعا عن الحرية والتحرّر ومطالبا بإسقاط هذا الفصل الذي يعتبر رأس حربة مشروع إرساء النظام الديكتاتوري، ولذلك على المؤتمر القادم للاتحاد العام لطلبة تونس أن يدافع في لائحته السياسية على الدولة المدنية التقدمية الديمقراطية المتجذرة شعبيا.
  • وهو يخوض غمار مؤتمره الوطني، على الاتحاد العام لطلبة تونس أن يتداول بجديّة في قضية هجرة الأدمغة التي دمّرت المجتمع التونسي جرّاء الخيارات اللاوطنية واللّاشعبية للحكومات التونسية المتعاقبة ويبحث جدّيا في حلٍّ لها وتحويلها إلى برنامج عمل نضالي ضدّ كل تلك الخيارات المذكورة المتواصلة. كما لا يمكن للاتحاد العام لطلبة تونس وهو يخوض غمار مؤتمره هذا أن لا يضع صُلب اهتماماته ما تعيشه تونس من محاولات الزجّ بها في حروب أهلية معلومة النهاية والنتائج جرّاء ملف مهاجري جنوب الصحراء، واتخاذ موقف واضح من هذه القضية المفتعلة جرّاء نفس سياسات التلاعب بمقدرات الشعب التونسي وتحويل تونس إلى حرس حدود لأوروبا بتواطئ واضحٍ من النظام الشعبوي الذي يتفنّن في استغباء الشعب التونسي.

إقليميا ودوليا:

كما سبق وذكرنا، يخاض هذا المؤتمر في ظلّ واقع دولي وإقليمي جدّ معقد ومحتدم ومرجّح لانفجارات كبرى، فما على الاتحاد العام لطلبة وهو يخوض غمار هذا المؤتمر إلا أن يجدد تذكير منظوريه وكل الرأي العام الوطني والعربي والمغاربي والدولي بتمسّكه بقضايا تحرر الشعوب وعلى رأسهم القضية الفلسطينية وعليه أن يتداول بكل جدية في هذا المؤتمر ويطرح في لائحته الدولية دعمه الدائم واللامشروط لكل قضايا تحرر الشعوب وأن يرفع من درجة دعمه للقضية الفلسطينية ويحوّلها إلى تحركات خارجية تطالب بتطبيق تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني صلب كلّ الجامعات التونسية، وتمكين الطلبة الفلسطينيّين من كل التسهيلات الممكنة بتونس ليتمكنوا من مزاولة ومواصلة تعليمهم العالي.

داخليا:

  • إن أحد أهمّ أهداف هذا المؤتمر الوطني للاتحاد العام لطلبة تونس هو هدف داخلي، حيث سيكون للقيادة المقبلة للمنظمة مهمّات جسيمة لعلّ أصعبها هي إعادة هيكلة الاتحاد العام لطلبة تونس هيكلة علميّة مادية ملموسة على قاعدة الانخراط الطوعي والانتخاب الحرّ لتشكيل مكاتب فيدرالية منتخبة، فما على القيادة المقبلة للاتحاد العام لطلبة تونس إلا الانكباب مباشرة بعد إنجاز المؤتمر على ملف التوجيه الجامعي برمجةً وتخطيطًا وتنفيذا ومتابعة، ومن ثم إعداد العدة لاستكمال حملة توزيع الانخراطات منذ بداية السنة الجامعية القادمة (2024/2025) لاستكمال بناء هياكل الاتحاد العام لطلبة تونس.
  • إن أحد أهم نقائص قيادة المنظمة التي ستتخلى في 25 ماي القادم هو غياب البرنامج العملي المباشر وعليه فما على القيادة المقبلة للاتحاد العام لطلبة تونس إلا إعداد برنامج عمل دقيق يحمل في طياته المهمات المباشرة والمهمات متوسطة المدى والمهمات بعيدة المدى في جل مجالات تدخل المنظمة (التكوين النقابي، الخطوط الكبرى لإصلاح التعليم، الخدمات الجامعية، التظاهرات الأممية والمحلية) ومتابعة تنفيذ ذلك وتطوره متابعة علمية دقيقة.
  • إن الحركة الطلابية في تونس اليوم تعيش أحلك فتراتها وأكثرها تراجعا رغم جسامة المهمات الموكلة على عاتقها، فلا مخرج للاتحاد العام لطلبة تونس اليوم غير النضال المبدئي اليومي والعمل والمنظّم الدؤوب، ولا أفق للحركة دون وحدتها ودون الابتعاد قدر المستطاع على المصالح الفردية أو “الحزبية الضيّقة”، فالخلاص سيكون جماعيّا أو لن يكون.
    الاتحاد لطلبة تونس هو منظّمة طلابية لكلّ الطالبات والطلبة التونسيين ويجب أن تكون كذلك.

– عاشت الجامعة الشعبية والتعليم الديمقراطي والثقافة الوطنية.
– عاشت الحركة الطلابية تقدّمية حرّة مناضلة ومناصرة لكل قضايا تحرّر الشعوب وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

إلى الأعلى
×