الرئيسية / الافتتاحية / فيما ينشغل العالم بحرب الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني السودان الشقيق يئنّ ولا يلتفت إليه أحد!
فيما ينشغل العالم بحرب الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني السودان الشقيق يئنّ ولا يلتفت إليه أحد!

فيما ينشغل العالم بحرب الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني السودان الشقيق يئنّ ولا يلتفت إليه أحد!

يعيش السّودان الشقيق حربا أهلية تكاد تدمّر ما بقي من تماسك المجتمع الذي ظلّ لعقود متتالية يعاني الاضطهاد والقهر. وتطحن الحرب الأهلية الحالية المستمرّة بين قطبي الثورة المضادة ممثلة في جيش البرهان من فلول النظام الإخواني وعصابات “الجنجويد” صنيعة الدوائر الرجعية المحلية من قبائل ودوائر التهريب واقتصاد الجريمة والمسنودة من أعتى الرجعيات الإقليمية الإماراتية والمصرية.
وتتزايد في المدّة الأخيرة الجرائم من الطرفين، والتي تستهدف المدنيّين العُزّل وخاصة من النساء والأطفال الذين فُرض على الملايين منهم النّزوح والتهجير الداخلي والخارجي. فمنذ أفريل 2023 نزح حوالي 10 ملايين شخص، أكثر من نصفهم من النساء ورُبعهم من الأطفال دون سن الخامسة، وهو ما تعتبره المنظمات الدولية، وعلى رأسها المنظمة الدولية للهجرة، أسوأ أزمة نزوح في العالم في الوقت الحاضر.
ويعاني اليوم حوالي مليوني شخص في نفس الفترة، أي منذ أفريل 2023، كلاجئين وطالبي لجوء وعائدين. كما يعاني 18 مليون سوداني وسودانية من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك 3.6 مليون طفل يعانون من سوء التغذية. ويتعرّض 7 ملايين من أصل 10 ملايين شخص نازحٍ إلى خطر المجاعة حسب المنظمة الدولية للهجرة ومنظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي.
وتشير تقارير “اليونيسيف” إلى وجود 14 مليون طفل في حاجة ماسّةٍ إلى الدّعم الإنساني، و19 مليون طفل خارج المدرسة، وأكثر من 4 ملايين نازح.
هذا وقد قُتل 16000 شخص في نفس الفترة المذكورة أعلاه، علما وأن إجمالي عدد القتلى لا يزال غير واضح، مع بعض التقديرات التي تصل إلى 150 ألف حالة وفاة.
هذا ويتورط في هذه الجرائم طرفا الصراع الذين لا هاجس لهما سوى وضع اليد على أكثر ما أمكن من الأراضي ومناطق والنفوذ. وباستمرار الصّراع يتّجه كل طرف إلى حسمه بأيّ شكل وبأيّ أسلوب بعيدا عن أيّ مبادئ أو قيم، بما فيها الخاصة بالحروب. وقد استفحل الوضع الإنساني الكارثي بانشغال العالم بحرب الإبادة الوحشيّة التي ينظمها العدو الصهيوني ضدّ الشعب الفلسطيني والتي تستمرّ منذ بداية أكتوبر الجاري. ويستغلّ طرفا الصّراع هذا الانشغال لارتكاب أفظع الجرائم خاصة مع تواصل عجز الأطر الإقليمية مثل الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، فيما تركّز الفعاليات الشعبية التقدمية على الوضع الفلسطيني الذي خلقت حوله تعبئة أممية هامة.
إن الوضع في السودان الشّقيق صعب ومعقّد ويتطلّب من القوى التقدمية في المنطقة وفي العالم الالتفات إلى ما يجري في هذا القطر وهذا الشعب الذي يُعاقب بسبب إصراره على إنجاح مساره الثوري حتى لا يعرف نفس مصير المسارات الثورية العربية والتي انتهت جميعا إلى الانتكاس. وها هو النموذج السوداني ينتهي إلى مصير أسوأ، فقط لأن الشعب السوداني شعب حرّ ومسالم يتوق إلى الانتصار.

إلى الأعلى
×