الرئيسية / صوت الوطن / “قصائد حب إلى راضية”
“قصائد حب إلى راضية”

“قصائد حب إلى راضية”

بقلم علي بنجدّو (*)

انتظم بأحد نزل العاصمة حفل توقيع حمة الهمامي لكتاب “قصائد حب إلى راضية” يوم الجمعة 21 جوان 2024 وقد كان هذا الحفل في جزء مهم من فقراته مناسبة لتكريم السيدة راضية النصراوي زوجته المحامية والمناضلة الحقوقية على مجمل سيرتها في النضال الطلابي والمحاماة التونسية والنضال الحقوقي وانتهاء تأسيس تجربة فريدة في تونس متعلقة بمناهضة العنف.
وقد كان الحضور في أغلبه مناضلين عايشوا وواكبوا (أو تقاطعوا) في محطات ومراحل زمنية متعاقبة ومتبدلة مع سيرة الأستاذة راضية النصرواي ومنهم من كان ممارسا لمهنة المحاماة بخلفية حقوقية دون همّ/التزام سياسي ومنهم من كان يجمع في سيرته بين الاعتبار المهني/الحقوقي والخلفية السياسية التقدمية في منظمة آفاق اليسارية وما تبعها من انقسامات خطية-تنظيمية ومنهم من كان من دائرة الأصدقاء إلى جانب بعض الصحافيين وجيران حمة وراضية في السكن من الذين كانوا شهودا في مناسبات عديدة على التضييق الأمني والتنكيل والاقتحامات المتلاحقة لمنزله. والمحصلة استتباعا لما تقدم أن راضية النصراوي في شخصها أيقونة تختزل في شخصها جزءا مهما من ذاكرة النضال المركب لفترات متعاقبة من زمن استبداد بورقيبة إلى انقلاب بن علي في 7 نوفمبر 1987 انتهاء إلى الانتهاكات الحاصلة بشأن المواطنين ومناضلي الرأي والحق العام بعد ثورة 17/12-14/01…
حمة الهمامي في هذه المناسبة لم يتكلم باعتباره سياسيا ولا باعتباره أحد مؤسسي حزب العمال أو أمينا عاما له وإنما باعتباره رفيق درب راضية النصراوي زوجا وحبيبا وأبا… كلماته كانت مشحونة بحميمية طاغية ومشاعر اختلط فيها الذاتي بالموضوعي وكان فيها الشعر وتلاوة القصيد تلخيصان تلقائيان/حميميان لنبل المشاعر والحب والتقدير وشهادة على نبل راضية حبيبة، أمّا ومناضلة… المداخلة كانت تكريما بقدر ما كانت اعترافا شفافا بمنزلة راضية بعيدا عن المتداول من قصص الحب في حياة حمة العائلة والأصدقاء…
أمّا المداخلة الثانية فكانت للأستاذ مختار الطريفي المناضل الحقوقي والرئيس السابق للرابطة التونسية لحقوق الإنسان الذي لخّص في مداخلة تجمع بين الجدية ومتعة السرد والفكاهة جزء مهما من سيرة راضية الطالبة الجامعية، المناضلة الحقوقية وزوجة حمة الهمامي الذي عانى تجربة الملاحقة الأمنية والمحاكمات السياسية والتنكيل والسجون في فترات متلاحقة… راضية في شهادة الطريفي لا تختزل سيرتها في كونها مجرد زوجة لمناضل سياسي يساري معرف بصدقه، ثباته ومبدئيته بل تتعدى ذلك إلى أنها كانت منذ البدء شخصية تنتصر للحق والمبدأ والحرية قيما حقوقية عامة وكونية تتجاوز أسيجة الأيديولوجيا والانتماءات السياسية الخطية الصارمة حيث وضعت نفسها وكفاءاتها المهنية والتزامها الإنساني على ذمة مناضلي ونشطاء اليسار كما على ذمة كل التقدميين والإسلاميين والسلفيين في محاكمات مذكورة ومؤكدة في سجل المحاماة التونسية وأرشيف حقوق الإنسان… راضية في أغلب قضايا الدفاع لم تكن تتقاضى أجرا بل كانت تحركها وتدفعها اعتبارات قيمية حقوقية لذلك كتبت لنفسها بنفسها سيرة امرأة حرة ومناضلة موضوع تقدير وحبّ واعتراف حتى من أولئك الذين لا تتفق أو تتقاطع معهم في قضايا ذات علاقة بحقوق الإنسان أو المساواة بين الجنسين أو قيم المواطنة والحرية ومدنية الدولة…
حفل توقيع كتاب حمة الهمامي  “قصائد حب إلى راضية” كان في أسباب كتابته وتوقيعه وإقامة حفل له حالة عاطفية/وجدانية تصل السياسة بالحب وتستفز الكامن كما المعلن من عاطفة تتخطى حدود العلاقة بين راضية وحمة شهادة لتكون عنوانا أصيلا للإنساني فينا…

(*) مناضل يساري مستقل

إلى الأعلى
×