أصدر رئيس الجمهورية ليلة يوم 2 جويلية 2024 أمرا يتعلّق بدعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية والتي من المزمع إجرائها يوم 6 أكتوبر 2024، وهذه الانتخابات التي ستجرى في مناخ سياسي متعفّن، فبين حملات ملاحقة كلّ من يعلن ترشّحه وهرسلة أغلب الأحزاب السياسية وسجن نشطاء وأمناء عامّين لأحزاب وتلفيق تهم سياسية لآخرين وبعد أخذ وردّ تقرّر إجراء الانتخابات الرئاسية.
في هذا الصدد حاورت “صوت الشعب” الخبير في الانتخابات وعضو شبكة مراقبون السيد سيف الدين العبيدي.
بعد الإعلان عن موعد الانتخابات، هل يمكن الحديث عن رزنامة واضحة يحتكم إليها الشعب وكل المعنيّين بهذه المناسبة؟
هناك من تحدّث بأنّ هيئة الانتخابات هي من تعدّ الرزنامة باعتبار أنّ الانتخابات من صلاحياتها، لكن وفقا للفصل عدد3 من قانون الهيئة فهي تعدّ الانتخابات وفقا للدستور. ولذلك لا يمكن للهيئة قانونيا إعداد الرزنامة لكن من الضروري سياسيا أن تتفق الهيئة مع رئيس الجمهورية من أجل تحديد موعد الانتخابات والرزنامة، ولذلك عشنا ضبابية في الفترة الأخيرة حول من يصدر موعد الانتخابات، فالرزنامة مرتبطة جذريا في إطار هذا الاستحقاق بصدور أمر دعوة الناخبين، فمثلا وبخصوص الانتخابات التشريعية فالمسألة واضحة وهو أن الهيئة يتوجّب عليها إعداد الرزنامة أمّا الانتخابات الرئاسية فهي رهينة صدور أمر دعوة الناخبين.
إلى ماذا يعود الغموض الحاصل في الرزنامة؟
الغموض مردّه ضعف تشريعي وقصور في نصّ الدستور إضافة لوجود دوافع السياسية، فكان من المفروض على رئاسة الجمهورية أن تصدر أمر دعوة الناخبين حتّى قبل ثلاثة أشهر من الاستحقاق حتى يفتح المجال للمترشحين والأحزاب بالاستعداد.
إلى ماذا سنحتكم في العملية الانتخابية؟
رغم الغموض الذي يلف ببعض ما ورد في دستور 2022 وخاصة في بعض الأوامر الترتيبية إلا أننا في النهاية سنحتكم إلى هذا الدستور لأن دستور 2014 لم يعد ساري المفعول.
ماهي الشروط الأساسية التي يجب أن تتوفّر لضمان النزاهة والشفافية والمصداقية في الانتخابات؟
بخصوص الشروط الأساسية منها المتعلّقة بالترشّح، فالشروط الجديدة الواردة في الدستور الجديد منها حول الجنسية والسنّ لا يمكن أن تصدر في قرار ترتيبي من هيئة الانتخابات، فبالضرورة يجب أن تكون في إطار مبادرة تشريعية تصدر من رئيس الجمهورية أو من 10 نوّاب، فحسب فقه قضاء المحكمة الإدارية لا يمكن تغيير نصّ قانون أساسي (قانون الانتخابات) بنصّ أقلّ منه درجة. وبالضرورة إن كان هناك تعديل في شروط الترشّح فيجب أن تمرّ عبر ما ذكرته. إضافة إلى ذلك فقد أوصت لجنة البندقية بعدم تغيير قواعد اللّعبة خلال الزمن الانتخابي (سنة الانتخابات)، حتى تكون هناك انتخابات نزيهة من المهمّ المنصوح به عدم تغيير شروط الترشّح أو أيّة قاعدة، خاصة أنّ لجنة البندقية توصي بعدم المساس بالركائز الأساسية للانتخابات وهي شروط الترشّح والدوائر الانتخابية والإدارة الانتخابية.
ماذا تقولون في المناخ العام الحاضن للمسار الانتخابي؟ هل هو سليم ومعافى وملائم لهذا التحدّي؟
المناخ العام الحالي غير سليم، فالمترشّحون في السجون وهناك تضييقات على الترشّحات وأغلب الأحزاب السياسية ملاحقة، إضافة إلى أنّ القواعد والشروط غير واضحة. وكل هذا سيمسّ من نزاهة وشفافية الانتخابات.
هل نحن أمام آليات وضعتها هيئة الانتخابات بشكل هو من صميم صلاحيّاتها، أم أننا نحتكم لما يأمر به رئيس الجمهورية؟
من المفروض أنّ قواعد الانتخابات محدّدة مسبقا ولا يحدّدها رئيس الجمهورية، كما كان من المفروض الاحتكام إلى التشريع الانتخابي. فصحيح أنّ للهيئة الولاية الكاملة على الانتخابات وتنضبط إلى مجموعة من القوانين، كما أنّ رئيس الجمهورية هو سلطة تنفيذية وليست تشريعية، ولكن ما نلاحظه اليوم هو تداخل في كلّ هذا والهيئة أصبح الحديث عن استقلاليتها متداول بداية من تعيين أعضائها من قبل رئيس الجمهورية والحال أنه كان يفترض أن يكون مسارا تشريعيا انتخابيا مستقرّا ولا يمكن تغييره في المسار الانتخابي فالمادة الانتخابية مستقرة، ودستوريا لا يمكن تنقيحها في عطلة برلمانية من قبل رئيس الجمهورية مثلا.
هل يمكن التسليم بـ”استقلالية” الهيئة؟
للاستقلالية شروط وضوابط عند الهيئة والتي من بينها أن تكون طرفا مستقلاّ عن جميع الأطراف، فمن غير المعقول أن يتمّ تعيينها من قبل رئيس الجمهورية إضافة إلى غياب أحكام تهمّها وغير موجودة في الدستور الجديد، أيضا وعند قراءتنا لعضويتها أو كيفية مغادرة عضويتها أو إقالة واستقالة أعضائها فهذا يمسّ من استقلاليتها، وهذه الاستقلالية هي عامل أساسي من أجل أن تكون الانتخابات في مناخ عام نزيه وجيّد وديمقراطي وبعيدة عن كلّ توظيف سياسي من أي طرف سلطة أو معارضة.
بالنسبة للأحزاب التي تطرح مقاطعة الانتخابات: هل سيكون لها الحقّ والحرية في ممارسة دعايتها وحملتها بكل حرية لإيصال مواقفها؟
إنّ المقاطعة حقّ لكلّ طرف، كما هو الحال الحقّ في المشاركة. لكن كلّ المؤشّرات الآن تدلّ على التّضييق، وحتى لا أكون حاسما فإنّ الحقّ في المقاطعة أو المشاركة يجب أن يكون مكفولا عبر التسويق والترويج، وهذه مواقف سياسية موجودة في جميع أنحاء العالم.