بقلم شريف خرايفي
أصدر الاتحاد العام لطلبة تونس بداية الأسبوع الماضي بيانا تضمّن جملة من المطالب المتعلّقة بالحياة الجامعية، وركّز على ظروف اختتام السنة الجامعية الحالية وما حفّ بها من توتْرات في بعض المؤسسات التعليمية.
مطالب عاجلة
في لهجة شديدة عبّر بيان المكتب التنفيذي الجديد، الممضى من قِبل أمينه العام محمد أولاد محمد، عن رفضه تخلّي سلطة الإشراف عن بعض الشُّعب، مثلما ورد واتّضح في دليل التوجيه الجامعي (التخلي عن 45 مسار تكويني على الأقل بالجهات الداخلية، حسب البيان). وقد خلّف هذا القرار موجة غضب في صفوف مكونات نقابية ومدنيّة وجامعية في بعض الجهات (الكاف، قفصة، مدنين، قابس…) واعتبره البعض قرارا مرتجلا وتكريسا للمركزية.
كما ندّد البيان بعدم تمتيع الوزارة دفعتين من طلبة المعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية من حقهم في مواصلة الدراسة بالماجستير وعدم وجود قانون منظّم للإجازة في علوم الشغل.
وكشف البيان عن وجود تشكّيات في صفوف طلبة المراحل التحضيرية والإجازة في الآداب والعلوم الإنسانية وارتيابهم من عمليات إصلاح الامتحانات ومطالبتهم بضمان سرّيّة هويّة الطالب حتى يُضمن مبدأ تكافئ الفرص.
ووفق نفس المصدر، انطلقت حملة “حقّي ننجح” بكلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة منذ أسبوع تنديدا بما اعتبرته تعسّفا إداريّا عبر وضع شروط مجحفة وتعجيزية في احتساب المعدّلات، وتطالب الحملة بالعمل وفق الأعراف المعمول بها في كلّ المؤسسات الجامعية عبر احتساب أفضل العددين في الإصلاح ومنح فترة زمنية مقبولة ومعقولة للمراجعة.
من جهة أخرى يطالب المكتب التنفيذي بإلغاء المرسوم 54 “الجائر” الذي طال عديد الطلبة على خلفيّة نشرهم تدوينات تعبّر عن مواقف وآراء تهم الحياة الجامعة، والتي انتهت بعضها بالإيقافات أو بإحالات على مجالس تأديب “تعسّفية.
نظام “إمد” مطروح للمراجعة!
تضمّن بيان الاتحاد المذكور دعوة مباشرة وصريحة لسلطة الإشراف للتخلّي عن النظام التعليمي “إمد” (إجازة – ماجستير – دكتوراه) كمنطلق لإصلاح منظومة التعليم العالي، بالنظر لكون هذا النظام “مُسقط على الجامعة التونسية ولا يمتّ إلى الواقع بصلة” بل هو نظام “لم يُفرز سوى البطالة وسوء التكوين”، وهو ما يتطلّب عملا تشاركيّا من أجل الانكباب على مراجعة جذرية لهذه المنظومة حتى تستعيد الجامعة وظيفتها ورسالتها التاريخية وتوفير مقوّمات الجامعة الشعبية والتعليم الديمقراطي والثقافة الوطنية”، كواحدة من أهم الشعارات والأهداف التي صاغتها حركة فيفري المجيدة وناضلت من أجل تكريسها أجيال متعاقبة من الحركة الطلابية وذراعها النقابي الاتحاد العام لطلبة تونس.
ما يمكن أن نلمسه من خلال متابعتنا لنشاط المكتب التنفيذي المنبثق عن المؤتمر الوطني (المنعقد أيام 25 و26 ماي 2024)، هو توفّر عناصر وشروط ذاتية واعدة، عبّرت عنها الجاهزية التي أبداها أعضاء وعضوات القيادة الجديدة. وهذه الدينامية ستُثمِر، مع توفر عناصر التخطيط والبرمجة والوحدة العملية، واقعا طلاّبيا جديدا. وهذا، إن دلّ فهو يدلّ على وجود وعي بمتطلبات المرحلة وبالواقع المتأزّم والخطير في الجامعة وفي البلاد، وما يتطلّبه ذلك من طاقات مناضلة، مكافحة وحاملة لمشروع جدّي وعقلاني ينهض بالجامعة وبواقع الطلبة ويتصدّى إلى السياسات الفاشلة المتعاقبة والتي همّشت “عقول“ تونس وحوّلت الجامعات إلى محاضن لتفريخ اليأس والتفاهة.