الرئيسية / صوت الوطن / ندوة أحزاب المعارضة: 6 أكتوبر 2024 موعد انتخابات رئاسيّة أم تزكية؟
ندوة أحزاب المعارضة: 6 أكتوبر 2024 موعد انتخابات رئاسيّة أم تزكية؟

ندوة أحزاب المعارضة: 6 أكتوبر 2024 موعد انتخابات رئاسيّة أم تزكية؟

بقلم شريف خرايفي

عقد كلّ من الحزب الجمهوري، التيار الديمقراطي، التكتّل من أجل العمل والحريات، حزب القطب وحزب العمال، وبمشاركة القاضي الإداري والناشط المدني أحمد صواب، يوم الأربعاء 17 جويلية 2024 بنزل “داون تاون” بالعاصمة، ندوة بعنوان “6 أكتوبر: موعد انتخابات رئاسيّة أم تزكية؟”
قدّمت القياديّة بحزب آفاق تونس ريم محجوب النّدوة ووضعتها في السياق العام الذي تدور فيها استعدادات التونسيّين للانتخابات الرئاسية القادمة وما رافقها من جدل حول الظّروف العامة التي تدور فيها هذه الاستعدادات، على مستوى سياسي واقتصادي واجتماعي.

أحمد صواب، قاضي سابق وناشط مدني

تطرّق القاضي السابق أحمد صواب إلى قضية الحقوق والحريات، ومنها الانتهاكات الحاصلة في حرية التنظّم (غلق مقرات بعض الأحزاب..) والتضييقات على حرية التّظاهر ومنع البعض منها، والمحاكمات والاعتقالات التي طالت الصحفيين والإعلاميين والمدوّنين. وفي مجال الحماية القانونية، تطرّق المتدخّل إلى التهديدات التي ما فتئت تطلقها هيئة الانتخابات لكلّ من قد يتجرّأ على نقد أعمالها أو “التشكيك” في استقلاليّتها.
كما تطرّق إلى التنقيحات الواردة في القانون الانتخابي والتي تصبّ كلّها في إطار التّضييق على الحقّ في الترشّح وتصل حدّ التعجيز (خاصّة لبعض المرشّحين المعتقلين…)
وأشار “صواب” أنّ رئيس الدّولة تدخّل في عديد المناسبات في مسائل وأحداث قضائيّة ممّا أثّر في سير ونتائج هذه القضايا، فكان بهذا التدخل انعكاس مباشر على استقلالية المرفق القضائي وهرسلة القضاة والتنكيل بهم وتجميد المجلس الوقتي وبسط وزيرة العدل عليه نفوذها بعد حلّ المجلس الأعلى للقضاء.
وأشار صواب في نهاية تدخلّه إلى الإقصاء الممنهج للمجتمع المدني، خاصة المختصّ منها في الانتخابات من كلّ العملية الانتخابية، وهذا يعزّز أكثر فكرة الاستفراد بالرّأي وبالقرار.

نبيل حجّي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي

تدخّل السيد نبيل حجي في مسألة “الولاية العامة للهيئة على الانتخابات”، وهو أمر مستحدث وخطير وسابقة، إذ أنّ الهيئة تضع يدها على عديد المرافق (المراقبة المالية والطّعون في الترشحات والمعطيات الشّخصيّة…الخ).
وحول تركيبة الهيئة أشار إلى أنّ رئيس الدّولة، وهو مرشّح للرئاسة، عيّن بنفسه سبعة أعضاء من تسعة، ممّا يجعلنا نتوجّس من حياد الهيئة. ناهيك أنّ ثلاثة أعضاء في هذه الهيئة هم أعضاء للهيئة السابقة التي قال عنها قيس سعيد أنها تشوبها شبهات فساد مالي. وأضاف حاجي أنّه كان من اللازم أن يتمّ تعديل تركيبة الهيئة في ماي 2024 (3 أعضاء جدد)، ولكن ذلك لم يحدث وهو ما يجعل منها هيئة غير قانونية.
وأشار نبيل حجي أنّ كل الهيئات الدستوريّة تلعب دورا أساسيا في تعزيز المسألة الديمقراطيّة، ما عدا “هيئة بوعسكر” التي تكتفي بما هو تقني فقط، مستغلّة ذلك حتى لا توفّر نفس الحظوظ لكلّ المترشّحين، خاصّة وأنّ لا مانع يمنعها من التصريح بالشروط اللاّزمة للترشّح منذ مدّة (التزكيات، بطاقة عدد3، ورقة التزكية..).
من جهة أخرى عرّج المتدخّل على أنّ الهيئة محمول عليها التدخّل لمنع قيس سعيد من الترشّح بما أنّه من صميم مهامها مراقبة الفضاء العام والمرفق الإعلامي (في ظلّ تجميد دور الهايكا) وخاصّة مراقبة خطب وتصريحات الرّئيس حاليا والتي تعجّ بالكراهية والفتنة.

نجلاء كدية، ممثّلة حزب القطب

ركّزت نجلاء كدية على الاعتقالات السّياسيّة. ففي الوقت الراهن، ثمانية أمناء عامون يقبعون في السجون منذ سنة ونصف بتهم مفبركة وملفّقة في غالبها، وتاسعهم (عبد اللطيف المكي) رهين الإقامة الجبرية منذ أيّام، وهو وضع أقرب إلى السجن. إلى جانب سجن خمس إعلامييّن، كما أنّ عديد الصحفيّين والمدوّنين يواجهون تتبّعات قضائيّة، ويجد قرابة ستّين مواطنا أنفسهم أمام القضاء بموجب المرسوم 54، بينما يتمّ غضّ الطّرف عن عديد الأقلام والصفحات و”الأبواق” التي تخوّن المعارضة وتهتك أعراضهم دون أدنى تدخّل من الهيئة أو أعلى هرم السّلطة.
في هكذا مناخ، تضيف نجلاء، والمتّسم بالدّوس على حريّة التعبير كأهمّ مكسب للثورة، عن أيّ انتخابات حرّة وشفّافة نتحدّث في وقت تُنتهك فيه الحريات؟ كيف سيتسنّى لمرشّح أن يقوم بحملته الانتخابية وهو ممنوع من نقد أداء منافسه الممسك بكلّ مقاليد السلطة؟ كيف يمكن مراقبة الانتخابات والطّعن في نتائجها في صورة وجود تجاوزات، والحال أنّ الهيئة تهدّد كلّ من تسوّل له نفسه التشكيك في الانتخابات أو في عملها.
وأنهت مداخلتها بالتأكيد أنّه رغم كلّ التّضييقات والموانع والتّهديدات سيواصل حزبها وبقية مكونات المعارضة الديمقراطية والاجتماعية المقاومة حتّى من وراء القضبان.

وسام الصغيّر، الناطق الرّسمي باسم الحزب الجمهوري

استهلّ وسام الصغيّر مداخلته بالقول إنّ قيس سعيد لن يستطيع بسط استبداده والانفراد بالسّلطة في ظلّ المقاومة والمواجهة التي تبديها أطياف واسعة في الحقل السياسي والمدني، وهو إرث لأكثر من نصف قرن من الآن، في وقت كان “بعضهم” يمتنعون حتّى عن مجرّد إمضاء عريضة أكاديمية أو احتجاج ضدّ قرار من قرارات وزارات التعليم العالي.
وتعرّض المتدخّل إلى الإيقاف التعسّفي الأخير لأمين عام حركة النهضة العجمي الوريمي، وقبله “الاعتقال المهين والمذلّ” للمترشّح لطفي المرايحي، وآخرها الحكم بالإقامة الجبرية على المترشّح عبد اللطيف المكّي وحرمانه من مغادرة “الورديّة” ومنعه من إجراء أي اتّصال أو تقديم تصريح ولو على الشبكة الاجتماعية. وأيضا ما حصل مع عبير موسي التي تمّ منعها من الترشّح تحت تعلّة “التفويض الخاص”.
وذكّر الصغيّر بمساعي بعض الأحزاب لإيجاد مرشّح موحّد للحركة الديمقراطية، والنضّال المشترك من أجل إلغاء المرسوم 54 وإطلاق سراح المساجين السياسييّن وفرض حياديّة الهيئة ووقوفها على نفس المسافة من كلّ المترشّحين، ولكن كلّ ذلك لم يكن. وقد تمّ مؤخّرا إجراء تقييم في قيادة الحزب الجمهوري والوقوف على أنّ المناخ السياسي الحالي لا يضمن إجراء انتخابات حرّة ونزيهة، خاصّة مع حرمان أمين عام الحزب المعتقل السياسي عصام الشابي، مرشح الحزب، من ورقة التزكية في البداية، تحت دعاوي “تعليمات”، ثمّ رفض الترشّح رسميّا بتعلّة “التفويض الخاص”.
وقد تابع وسام قوله:”لقد أصبح واضحا أنّه يُراد ليوم 6 أكتوبر أن يكون عرسا فلكلوريّا، وسنتصدّى لذلك حتى وإن كلّفنا ذلك بعض التضحيات، وسنعمل مع شركائنا ليكون هذا اليوم منطلقا لعمل نضالي جديد”.

حمه الهمامي، أمين عام حزب العمال

أشار حمه الهمامي أنّه بعد الاستماع إلى كل المداخلات، والتي جاءت معظمها على الجوانب القانونية وما رافقها من تلاعب وتوجيه وتجاوزات، وكذلك المناخ السياسي العام المتأزم (اعتقالات سياسية، تضييق على الترشّحات الجديّة المعارضة، تلفيق قضايا بموجب المرسوم 54، عدم استقلالية هيئة الانتخابات والشروط التعجيزية التي وضعتها..)، كلّها تصبّ في استنتاج واحد وهو أنّ موعد 6 أكتوبر هو تزكية لقيس سعيد.
وتطرّق أمين عام حزب العمّال إلى حالة الخوف والترهيب اللّذان تبثّهما السلطة (رئيس الدولة، هيئة بوعسكر، وزيرة العدل..) والتهديد المتواصل بالملاحقة والمقاضاة. وأصبحت حالة الخوف تمسّ قسما كبيرا من التونسيّين وحتى من النخبة السياسية (أحزاب ومنظمات وجمعيات، والإعلام..) وحتى شباب الملاعب الرياضية وفي صفوف المؤسسات وحتى في أوساط بعض مسؤولي الحكم…الخ، وهذا التخويف والترهيب يعني شيئا واحدا: هذه هي الفاشيّة وهذا هو الاستبداد والحكم الفردي المطلق. إنّ الديمقراطية لا تحكم بالخوف والتخويف، وإنما تحكم بالوعي والتوعية، بالتمدّن والتّمدين، وآخر أساليبها هو الرّدع، وهي على نقيض الاستبداد والفاشية. هذا وقد أكّد الهمامي أنّ الاستبداد لا يحتكم إلاّ إلى الترهيب والتخويف، مضيفا أنّ مقاومته ومواجهته بالدّفاع عن الحرية وعلى قيم الديمقراطيّة واجب على كل القوى الديمقراطية والتقدميّة وعلى عموم الشعب التونسي الذي يعاني العطش والمرض وفقدان الأدوية والفقر، وهذه المقاومة أساسها النضال الموحّد والمشترك، سياسيا وميدانيا.
وبيّن المتدخّل أنّ ديمقراطية تشوبها انحرافات وتجاوزات ويمكن إصلاحها عبر حرية النّقد، أفضل من استبداد لا يمكن أن تًصلِح فيه شيئا ولا تًصلِح به شيئا؛ الاستبداد لا يصلَح، وإنما يسقَط.
ودعا في ختام مداخلته إلى ضرورة المقاومة، اقتداءً بأجيال عديدة قاومت العسف والظّلم منذ الاستعمار إلى اليوم، وفي ظروف أتعس وأصعب، وأنّه بالإمكان إسقاط هذا الاستبداد الذي يريدها أن تكون انتخابات بيعة وتزكية للحكم الفردي المطلق.

خليل الزّاوية، أمين عام حزب التكتّل من أجل العمل والحريات

ركّز السيد خليل الزاوية على أنّ القوى الديمقراطية والاجتماعية المعارضة، التي لها موقف واضح من الانقلاب، والمتمسّكة بأهداف الثورة وبالمبادئ الديمقراطية، مطروح عليها التوصّل إلى بديل يتصدّى للاستبداد، خاصّة وأنّ ما بعد 6 أكتوبر توحي بانغلاق سياسي.
وقدّم السيد الزاوية لمحة عن المشاورات التي جرت بين القوى المعارضة منذ مدّة لكي تكون في الانتخابات حاضرة وبإمكانيات أفضل. لكن لم توفّق في ذلك، ممّا جعل قوى أخرى، منها الموالية للرّئيس ولمساره، ومنها المحسوبة على المنظومة القديمة، ومنها قوى محافظة (إسلاميين)، تتصدّر الآن مشهد المشاركة الانتخابية. وحسب أمين عام التكتّل، فبعض القوى كانت لها تقديرات خاطئة بخصوص مآل السلطة وعدم صمودها أمام الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والأزمة السياسية التي تتخبّط فيها. وهذا التقدير ربّما فوّت الفرصة على المعارضة لإيجاد بديل مشترك. وهي مدعوّة الآن وبشدّة للتوصّل إلى بديل ينقذ البلاد ممّا آلت إليه.

إلى الأعلى
×