تسارعت في الأيّام القليلة الماضية والساعات الأخيرة جرائم العدو الصهيوني وبلغت مستويات غير مسبوقة تنذر باقتراب المنطقة والإقليم من بوتقة الانفجار العارم والحرب الشاملة التّي من الأكيد أنّ تداعياتها ستكون كارثية ليس فقط على شعوب الإقليم وإنّما على مجمل العالم، وإن بدرجات مختلفة بطبيعة الحال.
إنّ هذا التّدحرج الخطير الذي تزعم الولايات المتحدة الأمريكية اجتنابه، شأنها في ذلك شأن حكومة الكيان النازي، لم يكن له أن يحدث لولا إمعان الأخيرة، ليس فقط في حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضدّ الغزاويين، وإنّما توسيع مجال الاعتداءات التّي وصلت منذ أيّام، أولا مدينة “الحديدة” باليمن حيث تمّ تفجير خزّانات الوقود وتدمير المحطّة الأساسية لتوليد الكهرباء بتلك المنطقة زيادة عن الأضرار التّي طالت عشرات المدنيين، وثانيا العاصمة اللبنانية، وتحديدا “بيروت الغربية” يوم 30 جويلية أين تركت عشرات الجرحى و6 شهداء من النساء والأطفال، زيادة عن اغتيال قائد أركان “حزب الله” السيّد “فؤاد شكر”، وثالثا اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنيّة” ومرافقه يوم 31 من شهر جويلية بالعاصمة الإيرانية “طهران”.
إنّ سلسلسة الجرائم هذه تجاوزت كلّ الخطوط الحمراء كما يقال، وهي من الناحية العملية الموضوعية توسيعٌ لدائرة البطش الصهيوني واستدراج ممنهج فيه الكثير من الصلف والاستفزاز لفصائل المقاومة نحو مربّع المواجهة.
ومعلوم أنّ مجمل هذه التعدّيات لا يمكن بالمرّة استيعاب حدوثها دون شراكة ودعم أمريكي شامل وقع ترتيب جميع تفاصيله أثناء زيارة “نتانياهو” الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية أين تم استقبال قاتل الأطفال والنساء داخل الكونغرس بحفاوة قل أن نالها غيره من زعماء العالم.
إنّ جملة العدوانات الأخيرة، رغم ظاهرها الذي يوحي بقوّة الواقفين وراءها، ليست في الحقيقة سوى منتوجا لحالة ارتباك ووهنٍ أصابت حكومة الكيان وإدارة البيت الأبيض.
نعم، لقد نجح الكيان النازي في تحقيق الاغتيالات وتدمير المنشآت والبُنى التحتية باليمن، إلا أنّ هذه الإنجازات مجتمعة لم تخرج عن دائرة المكاسب التكتيكية الهزيلة، ولم تسهم ولو قيد أنملة في تغيير مسار المواجهة، لا في قطاع “غزّة” ولا بباقي الساحات.
والأهمّ من كلّ ذلك أنّ كيان القتل والتّدمير وضع نفسه أمام مآزق إضافية ورمى بوجوده الهشّ في أتون جبهات متعدّدة من فصائل مقاومة عنيدة ومصمّمة على الانتصار مهما كانت التضحيات.