الرئيسية / صوت الوطن / … ومع ذلك سيفوز بعُهدة رئاسية ثانية!
… ومع ذلك سيفوز بعُهدة رئاسية ثانية!

… ومع ذلك سيفوز بعُهدة رئاسية ثانية!

بقلم ماهر الزعق

مَالنا، سيفوز حتما بعُهدة رئاسية ثانية، ليس لأنّ فترة حكمه تميّزت بارتفاع نسبة النموّ وبتراجع البطالة والمديونية وبتحسّن ظروف عيش الشغالين وحياة عموم التونسيين، أو لأنّه أنجز المدينة الصحيّة بالقيروان أو في غيرها من المدن التونسية، ليس لأنّه وضع حجر الأساس لإصلاح زراعي يحقّق السيادة الغذائية للبلاد والعيش الكريم للفلاح، أو لأنّه كبح عجلة تدهور التعليم والصحّة والنقل العمومي، ليس لأنّه حقّق شيئا يذكر لعاملات الفلاحة كما للشباب، أو لأنّه تصدّى لثقافة التفاهة والرداءة والاستهلاك، لم يُنجز شيئا من هذا ومع ذلك سيفوز بعُهدة رئاسية ثانية، ليس لأنّه لم يُقبّل أكتاف الصهيوني ماكرون، أو لأنّه تحدّى الاستعمار وراجع اتفاقيات نهب ثروات الوطن ومقدّرات الشعب، ليس لأنّه لم ينفّذ تعليمات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، أو لأنّه جرّم التطبيع مع العدوّ الصهيوني، لا شيئا من هذا حَدث ومع ذلك سيفوز بعُهدة رئاسية ثانية، ليس لأنّه تصدّى للتهريب والتهرّب الضريبي، أو لأنّه تخلّى عن جزء من مُرتّبه لفائدة جمعية لذوي الاحتياجات الخصوصية، ليس لأنّ عائلته وأزلامه فوق شبهات الفساد، أو لأنّه قلّص من نفوذ البنوك وأباطرة المال، لم يُنجز شيئا من هذا ومع ذلك سيفوز بعُهدة رئاسية ثانية، ليس لأنّه دعّم الديمقراطية واستقلال القضاء وحريّة الإعلام ونشر قيم العقلانية والمواطنة والحرية، أو لأنّه احترم الدستور الذي أقسم عليه بالقرآن، ليس لأنّه عزّز الوحدة الوطنية وقلّص من الفوارق الجهوية، أو لأنّه حدّ من هجرة الكفاءات العلمية ، ليس هناك شيئا من هذا ومع ذلك سيفوز بعُهدة رئاسية ثانية، لماذا ؟!، لأنّه مدعوم من الجهاز، من العسكر والبوليس ومن حُكاّم الجزائر، لأنّه نال رضا الصهاينة ودوائر أقصى اليمين في الدول الاستعمارية، لأنّ في حكمه، أصبح تكميم الأفواه هو القاعدة وأضحى الجميع مُهدّدون، الجميع سجناء مع النفاذ العاجل أو مع تأجيل التنفيذ، في حكمه تضاعف منسوب الحُمق والحُنق والشماتة والعنف لدى الأغلبية وبخطى ثابتة يتمّ تحويل المواطنين إلى قطيع والقطيع يلائم من هُم فوق ولا يحتاج سوى إلى راعي وكلب شرس ووفيّ، سيفوز بعُهدة رئاسية ثانية، لأنّه لن تكون ثمّة انتخابات، بل مهزلة مسرحية سيئة الإخراج، فأجهزة الدولة مُسخّرة كليّا لخدمة فخامته، البوليس يُعرقل ويُضايق، الإعلام يُهلّل ويُمجّد، القضاء يصدر الأحكام السجنية على المترشحين المفترضين، الشُعب الدستورية ولجان اليقظة المُكّناة بالمجالس المحليّة جمّعت تزكيات للخليفة، وفي حملة سابقة لأوانها، أموال الشعب تبذّر دون رأفة وتُبدّد بلا اعتدال ..وحيّا على ”أمَرني الرئيس“.. إنّها لَمسخرة كاملة الأوصاف.
الحقّ يُقال، إنّ عبارة ”يفوز“ جديرة بالتهكّم والاستهجان، لأنّ الفوز يفترض المنافسة ومعاليه يعتبر نفسه فوق الجميع ولن يُفرّط في الحكم إلا متى دعاه عزرائيل، بيت القصيد، أنّه في هكذا ظرف وهكذا مناخ، ستكون المشاركة في الانتخابات تدعيم لدولة البوليس، أمّا المقاطعة فهي على الأقلّ، احتجاج على الوضع التعيس وذاك أضعف الإيمان إن كنتم تفقهون.

إلى الأعلى
×