بقلم منذر خلفاوي
تواصلت الاحتجاجات الطلابية الجماهيرية منذ بداية شهر جويلية على خلفية إقرار إعادة العمل بنظام الحصص من طرف المحكمة العليا وهو نظام يحرم خريجي الجامعات من الوظائف في القطاع العام بتعلة تخصيص كوتا لأبناء عائلات قدامى المحاربين في حرب التحرير (حرب انفصل بنغلاديش عن باكستان) سنة 1970 وأصحاب الإعاقة والقاطنين بالجهات النائية، لكنها أصبحت بعامل الوقت وسيلة لشراء الذّمم وامتيازا للمقرّبين للسلطة وحرمان بقية الفئات من الحق في الشغل من قبل الحزب الحاكم ورئيسة الحكومة الشيخة حسينة واجد.
لقد حقّق المحتجّون انتصارا جزئيا بعد أن أصبحت 93 بالمائة من الوظائف الجديدة تُسند حسب الجدارة وليس الكوتا أو الحصص. ورغم حالة الطوارئ وانتشار آلاف العسكر لم تهدا الانتفاضة التي جوبهت بالقمع ممّا أدّى إلى سقوط أكثر من 300 شهيد وآلاف المساجين من المدنيّين العُزّل الشيء الذي حفّزهم على التصعيد بغلق المصانع والدعوة إلى العصيان.
الأسباب العميقة للانتفاضة
لقد تحولت التحركات الطلابية بسرعة إلى انتفاضة شعبية غير مسبوقة منذ الإطاحة بالحكم العسكري سنة 1987 نتيجة عوامل أعمق من مظلمة نظام الحصص، إذ أن البلاد تعاني من الركود الاقتصادي والتضخم المالي وارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب والفساد المستشري على أوسع نطاق. وفي ظلّ حكم الشيخة حسينة واجد، ازدادت الفوارق الطبقية حدة ليغنم الأثرياء والموالين لها الامتيازات وبالمقابل قمعت المعارضة وزج بأغلب قياداتها في السجون إثر الزيارات الليلية لضمان بقائها في الحكم بدعم من الدول الصديقة (الصين والهند) واعتمادا على جهاز الجيش.
تواصل حكم الشيخة حسينة لولاية رابعة على التوالي أي لمدة 15 عاما في ظلّ مقاطعة الأحزاب المعارضة الذين شملتهم حملة اعتقالات لآلاف من أعضائها وتحت مراقبة أجهزة البوليس لوسائل الإعلام واتهامات لمنتقديها بالـ “المعارضة الإسلامية المتطرفة”. كل هذه العامل أدّت إلى تنامي الغضب الشعبي وهروب رئيسة الوزراء إلى الهند تحت حماية الجيش الذي يمثل الجهاز الطبقي الضامن لمصالح البرجوازية حيث بدأ مشاوراته لتشكيل حكومة انتقالية. لكن في ظلّ اختلال موازين القوى وغياب الحزب الثوري القادر على المضي بالانتفاضة إلى الانتصار وكنس منظومة الحكم برمّتها، فإن السيناريو المعتاد سيتكرّر مع الممثل المقبل للطبقة الرأسمالية.