الرئيسية / عربي / الرفيق فهد سليمان، أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في حديث لـ”صوت الشعب”: إسرائيل تسعى إلى حرب إقليمية تحقق لها ما عجزت عن تحقيقه بقوة القتل والتدمير
الرفيق فهد سليمان، أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في حديث لـ”صوت الشعب”: إسرائيل تسعى إلى حرب إقليمية تحقق لها ما عجزت عن تحقيقه بقوة القتل والتدمير

الرفيق فهد سليمان، أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في حديث لـ”صوت الشعب”: إسرائيل تسعى إلى حرب إقليمية تحقق لها ما عجزت عن تحقيقه بقوة القتل والتدمير

تواصل “صوت الشعب” متابعة ما يجري من تطورات يومية على الساحة الفلسطينية والتواصل مع قادة فصائل المقاومة الوطنية الفلسطينية. نلتقي اليوم مع الرفيق فهد سليمان، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، لنستعرض معه مواقف الجبهة ممّا يجري في فلسطين والمنطقة من تداعيات لحرب الإبادة الوحشية التي ينظمها النازيون الجدد.

الأكيد أن اغتيال الشهيد إسماعيل هنية يمثل منعرجا في سيرورة الحرب العدوانية الصهيونية وعلى أداء المقاومة الفلسطينية في الآن ذاته. كيف تقرؤون هذا المنعرج، وما هو المطلوب منكم كحركة تحرر وطني؟

أولا، الشكر لصحيفة “صوت الشعب” ومن خلالها إلى الشعب التونسي الشقيق بجميع مكوناته السياسية والشعبية والنقابية والثقافية على تفاعلهم مع تطورات حرب الإبادة المتواصلة ضد شعبنا منذ أكثر من عشرة أشهر على يد الفاشية الصهيونية وشركائها من الدول الغربية.
ثانيا، لا يمكن أن ننظر إلى جريمة اغتيال القائد إسماعيل هنية إلا باعتبارها امتداد للحرب العدوانية على قطاع غزة، وهي، وإن كانت تعكس إرباكا واضحا وفشلا في تحقيق الأهداف المعلنة من قبل العدو لهذه الحرب، إلا أنها رسالة متعددة الأوجه:
أولا باتجاه فصائل المقاومة بأن فشل العدو في تحقيق أهدافه سواء بتصفية فصائل المقاومة وبنيتها التحتية أو باستعادة أسراه أحياء أو بفرض مخطط التهجير الجماعي والقسري لأبناء القطاع، إنما سيدفعه إلى ملاحقة قادة المقاومة في لبنان وسوريا وطهران، بهدف إشعار المقاومة وقادتها بأن إسرائيل قادرة على استهدافهم أينما كانوا، وأن ليس هناك من مكان آمن لهم لا في قطاع غزة وفلسطين بشكل عام ولا في أيّ منطقة أخرى… الأمر الذي من شأنه أن يقود إلى حرب شاملة بدأت ملامحها تتضح أكثر فأكثر.
ثانيا باتجاه الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، بهدف تأكيد الوظيفة التاريخية التي عُهِدت إلى الكيان من قبل الدول الغربية، ومفاد هذه الرسالة أن إسرائيل قادرة على ضرب قوى المقاومة وحركات التحرر أينما كانت. خاصة بعد سقوط قوة الردع الإسرائيلية بنتيجة عملية طوفان الأقصى التي شكلت زلزالا كبيرا ستبقى نتائجه ماثلة أمام الجميع لعقود قادمة، لكن اغتيال القائد هنية، وإن كانت خسارة كبرى لشعبنا ولكل قوى المقاومة، إلا أنها محاولة يائسة وعاجزة عن استعادة هيبة الاحتلال وجيشه، خاصة بعد الحشد العسكري الأمريكي والغربي الواسع في البحر المتوسط، ما يؤكد فشل الاحتلال وعجزه عن الدفاع عن نفسه…
ثالثا باتجاه إيران وحزب الله اللذين يخوضان حربا حقيقية ضد العدو الإسرائيلي، سواء من خلال جبهات الإسناد في لبنان واليمن كمثال أو عبر احتضان إيران لفصائل المقاومة ومدّها بكل أشكال الدعم المطلوب. وباعتقادنا أن استهداف الشهيد القائد إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية لم يكن ليتمّ، لو لم يكن العدو قد حصل على ضوء أخضر أمريكي، وهذا ما يفسر مسارعة الولايات المتحدة بإرسال أساطيلها ومدمراتها إلى المنطقة، رغم أن إسرائيل هي المعتدية على دول ذات سيادة، وهي أيضا التي تسعى بأفعالها على جرّ المنطقة إلى حرب شاملة.
في معظم الحالات نحن الآن أمام تطور جديد يتمثل بسعي إسرائيل إلى حرب إقليمية تحقق لها ما عجزت عن تحقيقه بقوة القتل والتدمير وحروب الإبادة والتجويع التي ترتكب في قطاع غزة. وهذا ما يضعنا كحركة تحرر فلسطينية وعربية أمام مسؤولياتنا لجهة الاستعداد لما هو قادم سواء بمواصلة عملية الدفاع عن أرضنا وسيادتنا وحقوقنا أو برفع درجة التنسيق بين كافة قوى المقاومة بالاستفادة من تجربة الوحدة الميدانية بين كافة الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، رغم أن العدو أعجز من أن يقوم بحرب مفتوحة على أكثر من جبهة بدون مساعدة من الولايات المتحدة بشكل خاص. وبالتالي، وبغض النظر عن تداعيات أيّ حرب محتملة، فمن يتحمّل مسؤوليتها هما إسرائيل والولايات المتحدة.

كيف تستقرؤون التداعيات الإقليمية والدولية لهذا الاغتيال؟

إن جريمة اغتيال الأخ القائد أبو العبد هنية، وإن كانت تقع في مسار عمليات الاغتيال التي اعتادت عليها إسرائيل منذ بدء الصراع مع المشروع الصهيوني، إلا أنها تشكل تحولا في توقيتها ومكانها. وإذا كانت حركة حماس هي المستهدف المباشر بالعملية، إلا أن إسرائيل وبشخص نتنياهو تحديدا أرادت خلط الأوراق، سواء لإحداث إرباك على المستوى التنظيمي للحركة، وهو ما لم تنجح به، أو في محاولة يائسة لفرض صفقة تستجيب للمطالب الإسرائيلية بشكل كامل وهو ما لم يتحقق أيضا.
أمّا في التداعيات الإقليمية، فإن جريمة الاغتيال تمثل نقطة مفصلية في تطور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي تكتسي أبعادا إقليمية ودولية، لأن الحرب الحالية تختلف عمّا سبقتها من حروب ومواجهات، سواء خلال الانتفاضة الأولى أو الثانية لجهة جذريتها وامتداداتها ومدتها الزمنية وحجم التضحيات التي قدّمت، وبالتفعيلات التي أحدثتها، كونها أبرزت نقاط الضعف الموجودة في هذا الكيان، وكشفت عجز النظام الرسمي العربي عن دعم القضية الوطنية الفلسطينية.
إن رئيس حكومة الفاشية الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لم يكف عن إشعال نار المنطقة بجرائمه الإرهابية، مستهدفاً قادة المقاومة ومناضليها، في فلسطين ولبنان وإيران، دون أيّ حساب لأيّ رد فعل من المجتمع الدولي، بالترافق مع ارتكاب المجازر في أماكن إيواء النازحين في قطاع غزة، مستنداً في ذلك إلى تأكيد الولايات المتحدة، استعدادها لدعمه وإسناده عسكرياً، وقد ترجمت ذلك في تحشيد أساطيلها في المنطقة، واستنفار قواعدها العسكرية، والعمل مع “الشركاء” العرب والأطلسيين، لبناء حلف عسكري في المنطقة تحت مسمى “الدفاع عن إسرائيل”، وهو الأمر الذي يزيد القيادة الفاشية في تل أبيب غيًّا وتغولاً، في عالم الجريمة المنظمة ضد شعبنا في حرب إبادة لم تتوقف خلال أكثر من 300 يوم.
إن عملية اغتيال الأخ القائد إسماعيل هنية وإن كانت تعكس وجه إسرائيل الحقيقي التي لا تتوانى عن ارتكاب المجازر كما يحدث في قطاع غزه واللجوء إلى عمليات الاغتيال، إنما تسلط الضوء على البعد الإقليمي للصراع الدائر. فمنذ بداية الأحداث أخذت الأمور بتداعيات إقليمية معينة، وتمثلت بالجهد المساند للنضال الفلسطيني الجاري، الذي وصل إلى نقطة مفصلية تتمثل بأنه بات أمام استحقاقات معينة شروطها باتت متوفرة للانتقال إلى حرب إقليمية… إذن نحن نقف الآن على شفا حرب إقليمية والأيام القادمة ستكشف ذلك.

جاءت عملية الاغتيال الجبانة بعد لقاء بكين للفصائل الفلسطينية. كيف تسير الأمور صلب الفعاليات الفلسطينية وهل تتقدم لتنفيذ ما تمّ الإمضاء عليه؟

من المؤكد أن إسرائيل والولايات المتحدة لا يروق لهما رؤية إنجاز الشعب الفلسطيني لوحدة وطنية تنهي الانقسام وتضع القضية الفلسطينية في مسار نضالي مختلف. ونحن في الجبهة الديمقراطية دعونا منذ اليوم الأول للعدوان إلى مغادرة الحسابات الفئوية والفصائلية الضيقة وعدم الرهان على العامل الخارجي، واعتبار أن وحدة المقاومة بجميع فصائلها والتحامها مع شعبها هي العامل الحاسم للتحرر من قبضة الفيتو الذي يفرضه الحلف المعادي على وحدتنا.
لذلك دعونا ونكرر دعوتنا عبر صحيفة “صوت الشعب” إلى انعقاد الإطار القيادي الوطني المؤقت، في أسرع وقت، للشروع بترجمة مخرجات إعلان بكين الذي شكل خطوة متقدمة لجهة نصه على تشكيل هذا الإطار الجامع وحكومة وفاق وطني، ومقاومة شعبية بمختلف أشكالها. هنا تكمن أهمية العمل الآن على تشكيل حكومة الوفاق الوطني من الفعاليات والكفاءات لإدارة الشأن العام في أراضي السلطة الفلسطينية، بما فيها قطاع غزة، وقطع الطريق على الخطط والسيناريوهات والمحاولات الهادفة إلى تمزيق أراضي دولة فلسطين، وتقويض مشروعنا الوطني، وتصفية الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا.
ونحن نعتقد أن الإسراع في انعقاد الإطار القيادي الموحد والمؤقت، من شأنه أن يبعث برسالة إيجابية إلى شعبنا في القطاع، كما في الضفة الغربية، وباقي مناطق الشتات، عن جدية القيادات الفلسطينية، في العمل على إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية، ورسم القرارات والخطط التي من شأنها أن ترتقي بها، نحو مواجهة المخاطر الكبرى التي تهدد مصالح شعبنا ومشروعنا الوطني. كما يبعث برسالة أخرى إلى التحالف الأميركي – الإسرائيلي، بأن مشاريعه التصفوية لن يكون مصيرها إلا الفشل الذريع.

السنوار رئيسا لحماس، ماهي تداعيات ذلك فلسطينيا وخارجيا؟

حظي انتخاب الأخ يحيى السنوار بترحيب واسع من فصائل المقاومة، ورأى الجميع في عملية الانتخاب وتولي الأخ أبو إبراهيم السنوار لمسؤولياته الجديدة، علامة إضافية على وحدة حركة حماس وتماسكها وصلابتها، وقدرتها على تجاوز المحنة، التي أصابتها باستشهاد القائد الوطني الكبير إسماعيل هنية.
إن اختيار السنوار رئيساً لحركة حماس، يؤكد لشعبنا صلابة خيارها الوطني في متابعة مسارها النضالي، في المقاومة، دفاعاً عن شعبنا وأرضنا وحقوقنا الوطنية المشروعة، دون مساومة أو تساهل، فضلاً عن أن الاختيار هذا، يشكل تأكيداً على الوفاء لدماء شهداء شعبنا، قادة ومناضلين، خاصة من سقط منهم ضحايا لحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة والضفة الغربية.
وإذا كان من ضمن أهداف إسرائيل في عملية الاغتيال إحداث نوع من البلبلة التنظيمية داخل حركة حماس بما ينعكس على أداء المقاومة في قطاع غزة، فإن انتخاب الأخ السنوار، رئيساً للحركة، وهو في قلب الميدان، يصارع جيش الاحتلال، إنما يشكل تحدياً صارخاً لدولة الهمجية الإسرائيلية، وإصراراً على مواصلة المقاومة، حتى يحمل العدو قتلاه وجرحاه، ويرحل ذليلاً عن أرض الوطن، مكللاً بالخزي والعار.
وإن اعتقد الاحتلال أن اغتيال القائد إسماعيل هنية سيضعف المقاومة ويخفض سقف مطالبها التفاوضية، فان عملية الانتخاب وبالسرعة التي جاءت مترافقة مع إنجازات ميدانية على الأرض لجهة نجاح المقاومة في عدد من العمليات والكمائن ضد جنود الاحتلال أوقعت منهم العديد من القتلى وإطلاق الصواريخ من كافة مناطق القطاع، كل هذا يؤكد أن المقاومة ما زالت وفية لشعبها وتضحياته العظيمة وثابتة على مواقفها التي تتحدد برفض أيّ صفقة ما لم تتضمّن وقفا للعدوان أولا وانسحاب الاحتلال من كافة أراضي قطاع غزة، بما فيها محوري فيلادلفيا ونتساريم وضمان حرية الحركة لشعبنا من جنوب إلى شمال القطاع وبالعكس وإنجاز صفقة تبادل للأسرى تضمن إطلاق سراح جميع أسرانا ومعتقلينا من سجون الاحتلال ورفع الحصار عن القطاع بما يضمن إدخال كافة أنواع المستلزمات الحياتية الغذائية والطبية والمشتقات النفطية وضمان إعمار ما دمّره العدوان.

إلى الأعلى
×