الرئيسية / صوت الوطن / بوادر النهوض الجديد
بوادر النهوض  الجديد

بوادر النهوض الجديد

بقلم الناصر بن رمضان

كل المؤشرات تدل على أننا مقبلون على بداية نهوض جديد. إذ المشهد الاجتماعي والسياسي يعتمل ويشتغل وقانون التطور ولو البطيء والتدريجي يفعل فعله. لا شيء ثابت والكل في حركة وتغير: الحراك الاجتماعي تؤثثه قطاعات التربية والتعليم التي تضفي على الصورة ديناميكية جديدة ترفض الخنوع والاستسلام لوزراء تربية موظفون لدى الحاكم بأمره، تجمعات اقليمية واعدة تنفض الغبار عن ركام من المطالب المهنية المشروعة، تدافع عن الحق النقابي غير القابل للمساومة والتصرف وتعيد للعمل النقابي ألقه، شأنها في ذلك شأن نقابة الصحفيين التي دخلت في وقفات احتجاجية أمام مقر الهيئة غير المستقلة لانتخابات الحاكم المستبد، نقابة مستقلة ديمقراطية تدافع عن حرية الكلمة وحرية التعبير ولا تدّخر جهدا في القيام برسالتها النبيلة وتدفع فاتورة الطرد والمحاكمات وسحب الاعتماد، تعاضدها أم المنظمات الديمقراطية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي سجلت مزيدا من الجرأة والوضوح في التدليل على أننا ذاهبون بسرعة إلى انتخابات غير ديمقراطية وغير نزيهة. بل بيعة غير محمودة العواقب في مناخ يتسم بمزيد من الاحتقان السياسي والاجتماعي والسقوط في المجهول.
في الجانب الآخر من لوحة المشهد تتداعى القائمة الأولى المفتوحة للأحزاب السياسية الديمقراطية والجمعيات والمنظمات المدنية المستقلة (حوالي 15 حزب وجمعية) لتدشّن مسارا جديدا من العمل المشترك على قاعدة القطيعة مع الانقلاب والتصدي للملهاة الانتخابية الرئاسية بكل الأشكال والأساليب والمقاربات وهي حريصة كل الحرص على ردم الهوة بين العمل الحزبي والعمل الجمعياتي تماما مثل حرصها على ربط الموقف السليم بالحركة النضالية في الميدان من خلال الشارع الذي يختزل هذا الكل المتنوع فيقول كلمته في التوقيت المناسب والحال أنه مرة أخرى لا تقرأ له سلطة الاستبداد الحساب المناسب.
نعم هناك أمل كبير في التغيير من جديد ولا مجال لليأس والقنوط والوقوف على الربوة او اللامبلاة. فهذا هو الشعب الذي رفع ونفّذ شعار ديقاج للطاغية بن علي. وهذه هي النخب الديمقراطية والتقدمية والثورية التي تقضّ مضاجع المستبد الجديد.
يبقى الأمل معقودا على أكبر قوة في البلاد: اتحاد الشغالين الذي يعقد اليوم هيئته الإدارية على امتداد يومين استعدادا للمجلس الوطني الذي نأمل أن يتعافى من خلاله هذا المارد النائم ويتجاوز أزمته الداخلية هو الآخر. وهنا في الواقع لا يمكن أن ننتظر تغييرا داخليا كبيرا ما لم تتجمع قوى المعارضة النقابية الديمقراطية لتدلي بدلوها وتمارس الضغط المطلوب على قيادة بيروقراطية تعودت على اللعب على كل الحبال.
هل يكون خريف الغضب؟ غضب الأحزاب على بؤس الحياة السياسية وتصحرها؟ غضب المجتمع المدني على ضرب الأجسام الوسيطة؟ غضب النقابيين على قيادتهم التي تتجاهلهم وعلى السلطة والسلطان الذي يسعى لتدجين العمل النقابي وتصفيته؟ غضب الشباب المعطل والمهمش؟ غضب الفئات الشعبية على غلاء المعيشة والتدهور الفظيع للمقدرة الشرائية؟
غضب الكل ضد الكل؟
نعم هذا وذاك
الأكيد أنّ المرجل يغلي ونحن غير بعيدين عن ملامح مشهد سنوات 2009/ 2010، فليتهيأ الجميع ويعدل ساعته على غسالة النوادر بسحبها المتلبدة وتغيراتها القادمة والتي نأمل أن تكون أفضل من سابقاتها وتلعب فيها القوى التقدمية والديمقراطية دورا جديدا مغايرا.

الناصر بن رمضان
ناشط سياسي
سوسة في 27/ 8/ 2024

إلى الأعلى
×