الرئيسية / الافتتاحية / تحوير وزاري يكرّس حكم الاستبداد
تحوير وزاري يكرّس حكم الاستبداد

تحوير وزاري يكرّس حكم الاستبداد

قام قيس سعيد بإجراء تحوير وزاري يعتبر الأوسع منذ تشكيلة حكومة بودن التي عيّنها أسابيع بعد انقلاب 25 جويلية. وتزامن الإعلان عن التحوير مع إقالة رئيس الحكومة السابق وتعيين خلفا له، هو وزيره للشؤون الإجتماعية، وبطبيعة الحال دون إعطاء أيّ معلومة إلى الشعب الكريم ولا إلى وسائل الإعلام حول سبب الإقالة الفجئيّة لأحمد الحشاني ممّا فتح الطريق واسعا للتأويل كالعادة منذ تربّع سعيد على كل منظومة الحكم.

تزامن التحوير أيضا مع خطاب لسعيّد حول تعطّل دواليب الدولة وتحميل المسؤولية للحكومة، وهو وإن تعوّد سعيّد على ترديده خاصة في المدة الأخيرة فإنه بات من الواضح اليوم توظيفه في سياق الحملة الانتخابية. فسعيّد يعرف أكثر من غيره أن أوضاع الشعب والبلاد تزداد سوءًا وتدهورا، ولكنه، وعوض الاعتراف بفشله وعجزه، رمى أحمال ذلك على حكومته التي عيّنها فردا فردا، والتي من المفترض أن يتحمّل هو ترتيبيا وسياسيا وأخلاقيّا مسؤولية فشلها المتواصل والمتّسع.

ولئن حافظت التركيبة على خاصية التكنوقراط في إطار عداء سعيد للسياسة والسياسيّين والوسائط، فإن هؤلاء كانوا على الدوام عنوانا لاستمرار نفس الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التابعة والفاسدة، فضلا عن كونهم إحالة على أفظع مظاهر الزبونيّة عوضا عن النزاهة والشفافية التي تنسب لهم بمناسبةٍ وبدونها، علما وأن تسريبات راجت في بعض الأوساط عن ارتباط بعض الموزّرينبأوساط سياسية حاكمة سابقا وهو ما راج حول عديد التسميات في عديد المواقع، بما يؤكّد أن ماكينةالحكم تُستغلّ اليوم بنفس البراغي القديمة ضمانا لاستقرار كرسي قرطاج الذي خيّر الارتباط بالدولة العميقة وارتباطاتها الطبقية المحلية والخارجية.

هذا ولم يفت قيس سعيد الحفاظ على وزيرته للعدل والتي ارتبط دورها بالقيام بأكبر انتهاك لهذه السلطة التي تحوّلت إلى مجرّد وظيفة تابعة للرئيس ووزيرته.

ولئن علّق البعض على أنه كان من الأفضل القيام بمثل هكذا تحوير بعد البيعة الانتخابية، لكن فاتهم أن الحاكم بأمره يتصرّف في شؤون الدولة كما تصرّف كل المستبدّين قبله، أي بمنطق خوصصتها تكريسا لقناعة عميقة لديه/م وهي: “أنا هو الدولة، الدولة هي أنا“.

إلى الأعلى
×