الرئيسية / الافتتاحية / كل الشروط توفّرت كي تكون مهزلة لتمرير بيعة
كل الشروط توفّرت كي تكون مهزلة لتمرير بيعة

كل الشروط توفّرت كي تكون مهزلة لتمرير بيعة

يتأكد يوما بعد يوم عمق الأزمة التي فرضتها الشعبوية في بلادنا. لقد مرّ قرابة الأسبوع على ما يفترض أنه “حملة انتخابية”، لكن ولا مؤشر يشير إلى ذلك. لقد فرض سعيد من يترشّح ومن لا يترشّح، كما ألقى بأحد المرشحين في السجن بعد أن انهالت عليه التّهم والأحكام، كما ظلّ سيادته يمارس صلاحياته كرئيس مباشر عوض تفويض مهماته إلى رئيس الحكومة والانشغال بحملته كمترشح. لكن شيئا من هذا لم يقع. وها هي الجدران تكاد تكون فارغة من البيانات والصور في أغلب الجهات، كما أن وسائل الإعلام تقريبا غير مكترثة بالأمر وكأن الاستحقاق الانتخابي يصير في بلد بعيد عنا. إنها حملة باردة والأقرب أنها ملغاة بقرار من السلطان، فلا الشارع و لا المجتمع ولا النخب معتنية بالأمر، وهي حالة غير مسبوقة في بلادنا حتى قبل الثورة حيث كان بن علي والذين اختارهم للترشّح يقومون ببعض الحركة رغم كون النتائج معلومة مسبقا.
إن ملامح الوضع في تونس تكاد تكون نادرة إن لم نقل غير موجودة في العالم العقود الثلاثة الأخيرة. إنه صمت المقابر والإصرار على فرض الحالة صفر من النشاط الانتخابي والسياسي الخليق بدكتاتوريات الثّلثين الأوّلين من القرن الماضي.
وما زاد الوضع قتامة البيان الانتخابي الذي أصدره قيس سعيد والذي خصّصه، مثل خطبه، للتهديد والوعيد والسّب والتخوين والشّيطنة مستعملا معجمه المميّز ذي النزعة الحربية الفاشستيّة. ومع ذلك فإن هيئة بوعسكر لا تتدخل. وقد كشف فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بالمهدية عن عملية تزوير تزكيات لصالح سعيد من قبل أحد أنصاره الذي بعث “شركة أهلية” استغلّ موقعه فيها للسطو على المعطيات الشخصية لشركائه وتدليس تزكيات لصالح الدكتاتور، لكن هيئة بوعسكر المنصّبة لا تتدخل. هذا وقد تمّ استعمال موضوع التّزكيات سببا لإلغاء ترشّحات أعادتها المحكمة الإدارية لكن الهيئة رفضت الإذعان إلى ذلك تحقيقا لرهانات الحاكم بأمره، وهو ما ينزع عن هذه الانتخابات كل شروط الشفافية والنزاهة والتعدّدية والحرية، وهي مهزلة معلومة النتائج مسبقا لا يريدها الحاكم إلاّ بيعة للاستمرار في الحكم لا غير.
إن سعيد مرعوب من أيّ نقاش حرّ حول حصيلة حكمه، إذ لم يُشر إليه أصلا في بيانه الانتخابي، وهو ما يعتبر إقرارا واضحا بالفشل والعجز، وهو فشل وعجز سيتواصل بقدر استمراره في الحكم.
إن مصلحة تونس وشعبها ليست في مهزلة انتخابية للتلاعب وبثّ الوهم، بل في التّعبئة الشعبية العارمة من أجل إسقاط الانقلاب واستئناف المسار الثوري الذي قصفته كلّ القوى الرجعية التي حكمت تونس بعد 14جانفي من حركة النهضة ونداء تونس وحلفائهما إلى قيس سعيد.
إن الوقائع اليومية تؤكد وجاهة موقف حزب العمال وبقية القوى التقدمية التي دعت إلى مقاطعة هذه المهزلة، فلنلتحم بشعبنا وبقواه الحرّة كي ننهي الاستبداد والتّبعية والتّفقير.

إلى الأعلى
×