الرئيسية / صوت الشباب / ماذا قدّم قيس سعيد إلى الشباب؟
ماذا قدّم قيس سعيد إلى الشباب؟

ماذا قدّم قيس سعيد إلى الشباب؟

بقلم فرات السلامي

تعيش البلاد التونسية حدثا سياسيا مهمّا الأيام المقبلة قد يحدد مصيرها لسنوات، ألا وهو الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها بتاريخ 6 أكتوبر 2024. هذه الانتخابات، معلومة النتيجة، ستمثل انطلاق مرحلة جديدة تتمثل في تركيز آخر أركان نظام فاشستي وما يعنيه ذلك من إجهاض لكل مكاسب ثورة 17 ديسمبر – 14 جانفي التي قدّم من أجلها الشعب التونسي التضحيات الجسام.
شرع قيس سعيد منذ الأيام الأولى من حملته الانتخابية سنة 2019 في استمالة الشباب في الجامعات والأحياء الشعبية بخطاباته الرنانة عن أهمية الشباب وعن عزمه على إيلائهم الأهمية الكبرى إن فاز في السباق الانتخابي وحتى بشعاراته المزيفة مثل “الدستور هو ما كتبه الشباب على الجدران”.
الطريف في الأمر هو أن قيس سعيد هو أكثر من كسر طموحات وأحلام الشباب التونسي في مستقبل أفضل. فما خطه الشباب على الجدران هو ذات الشعار المركزي الذي رفعه في ثورة 17 ديسمبر – 14 جانفي، ألا وهو “شغل حرية كرامة وطنية” فلنا أن نتساءل إذن: ما الذي قدّمه قيس سعيد للشباب التونسي؟

تفاقم أزمة البطالة

البطالة هي الآفة الكبرى التي يعاني منها الشباب التونسي. تعرّف منظمة العمل الدولية المعطل عن العمل بالشخص الذي تجاوز سن 15 ولكنه يعجز عن إيجاد وظيفة رغم البحث عنها. تبيّن الأرقام الرسمية تفاقم فشل نظام قيس سعيد في حل مشكلة البطالة رغم إشكالية تعريف المعطل عن العمل والمؤشرات والحدود الفاصلة التي تعتمد في تحديد المعطل عن العمل وتحديد السكان النشيطين، مثل احتساب المعطلين عن العمل المسجلين إداريا فقط لا واقعيا. فحسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء ارتفعت نسبة البطالة في تونس من 15.2% سنة 2022 إلى 16.2% سنة 2024، خصوصا في صفوف الإناث حيث بلغت 22%. بينما تؤكد أرقام البنك الدولي لسبتمبر 2024 أن نسبة بطالة من تتراوح أعمارهم بين 15 سنة و24 سنة قد بلغت 38.34%، أي أن أكثر من ثلث الشباب من هذه الفئة العمرية يعجز عن إيجاد وظيفة تسدّ رمقه وتحفظ كرامته.
أمّا بالنسبة لأصحاب الشهائد فالوضع سيّئ أيضا خصوصا في شريط القيروان وسيدي بوزيد والقصرين. فحسب أرقام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يعاني أكثر من 85% من أصحاب الشهائد من البطالة، نتيجة تواصل نفس المنوال الاقتصادي الذي همّش هذه المناطق.

ضرب التعليم وضعف الخدمات الجامعية

مثل الطلبة جزءا مهمّا من الجسم الانتخابي لقيس سعيد، لكن على عكس توقعتاهم لم يشهد التعليم أيّ إصلاح يذكر ناهيك عن ضعف الخدمات الجامعية والإحاطة الاجتماعية. ينزل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمستلزمات الدراسية وتكاليف الترسيم بثقله على الطالب لكن في المقابل لا يتمتع سوى 39% من الطلبة بالمنحة الجامعية حسب معطيات وزارة التعليم العالي.
من المعلوم أن السكن الجامعي ركيزة مهمة في الإحاطة الاجتماعية بالطالب لتسهيل وتحسين مردودية التعليم الجامعي، إلا أن نسبة الإيواء لم تتجاوز 20%، أي أنّ أغلبية الطلبة محرومون من خدمة السكن الجامعي، فيدفعون إلى التعويل على النقل العمومي والخاص لمزاولة دراستهم، لكن هذا القطاع نفسه يشكو من صعوبات. ففي تونس الكبرى مثلا يوجد 86 خط نقل جامعي فقط لطلبة 106 مؤسسة جامعية. أمّا الإيجار فهو أيضا يثقل كاهل الطلبة وأهاليهم، نظرا للأسعار المشطة للمنازل والشقق والارتفاع المستمر لأسعار الإيجار، نتيجة الارتفاع الحاد لأسعار المنازل بـ15.4% خلال الثلاثية الأولى من 2024 حسب معطيات المعهد الوطني للإحصاء. ففي المركب الجامعي بحي الرياض بسوسة والأحياء المجاورة له على سبيل المثال، لا يقل إيجار منزل ذو غرفتين عن 500 دينار دون احتساب فواتير الماء والكهرباء. سعر يعادل تقريبا الأجر الأدنى.
أمّا شبكة الإطعام الجامعي فهي أيضا تشهد وضعا مترديا، نتيجة تجميد الانتدابات وضعف تمويل المطاعم الجامعية. حيث تعوزها الموارد البشرية من ذلك لم تتجاوز نسبة الأعوان المختصين في الطبخ 40% كما لم يتجاوز عدد المطاعم الجامعية المطبقة للمواصفات 14 مطعما من إجمالي 74 مؤسسة، أي بنسبة لم تتجاوز 18%. ناهيك عن ضعف التغطية الصحية للطلبة، حيث تعتبر المراكز الصحية ضعيفة الانتشار جغرافيا كما أن المراكز الموجودة تشكو من نقص التجهيزات والأدوية.
أما بالنسبة لمنظومة التعليم، فقد حافظ النظام القائم على اعتماد منظومة إمد، التي تمثل ضربا لجودة التعليم وللبحث العلمي. كما أنها ليست سوى مصنع ضخم للمعطلين عن العمل.
كما يشكوا الفضاء الجامعي من تفشي ظاهرة العنف وهي من أكثر الظواهر انتشارا في الأوساط الشبابية، سواء تعلق الأمر بالكليات أو المعاهد أو الأحياء الشعبية، حيث أكد 94.1% من الشباب الذين أجرى معهم المرصد الوطني للشباب دراسة ميدانية، أن العنف منتشر في الوسط الشبابي. ويعتبر الإقصاء الاقتصادي والحرمان الاجتماعى أبرز العوامل المنتجة لهذه الظاهرة.

الهجرة الغير شرعية

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والواقع الاجتماعي الخانق، يندفع الشباب بحثا عن بصيص أمل وراء البحار مخاطرين بحيواتهم، واعين بخطورة عملية الهجرة الغير نظامية وخطورتها بل وحتى احتمال أن يلقوا حتفهم قبل الوصول لأهدافهم. ووفق دراسة أجراها المرصد الوطني للهجرة، فإن 65% من المستجوبين من فئة الشباب يرغبون في الهجرة حتى لو كانت غير نظامية، هربا من البطالة وضيق الأفق والمستقبل الضبابي. وحسب معطيات وزارة الداخلية الإيطالية نلاحظ ارتفاع عدد المهاجرين، فعلى سبيل المثال هاجر 17073 تونسي إلى إيطاليا ووصل سواحلها خلال سنة 2023 مقابل 2654 خلال سنة 2021 وهي سنة انقلاب قيس سعيد واحتكاره كل السلطات وتمتعه بصلاحيات إمبراطورية. وحاول 80 ألفا الوصول إلى إيطاليا سنة 2023 قبل أن تبوء محاولاتهم بالفشل. كما نلاحظ أيضا ارتفاع عدد الضحايا والمفقودين من 440 سنة 2021 إلى 1300 سنة 2023.
لم ينجح نظام قيس سعيد في حل جذور ظاهرة الهجرة الغير نظامية، إذ تعود هذه الظاهرة إلى تفاقم ظاهرة البطالة التي سبق أن تعرّضنا لها وانتشار الفقر وارتفاع أسعار المعيشة، وهو ما يتطلب منوالا اقتصاديا يقطع مع الخيارات السياسية والاقتصادية السابقة، القائمة على الارتهان للخارج والتبعية الاقتصادية.

تواصل ظاهرة الانتحار

كشف تقرير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن تونس سجلت 95 حالة انتحار و52 محاولة انتحار سنة 2023، أغلبهم من الشباب. تصدرت ولاية القيروان المرتبة الأولى في عدد حالات الانتحار بنسبة 17.7%، كما رصد نفس المصدر 11 حالة انتحار في هذه الولاية خلال شهر جانفي 2024. يعود تفشي هذه الظاهرة إلى الاكتئاب وفقدان الأمل الناتج عن الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية وغياب أشكال الإحاطة الاجتماعية بالشباب في ظل أوضاع ضبابية ومستقبل مجهول.
لم ينجُ الأطفال من براثن هذه الظاهرة، فحسب مصادر رسمية حاول 259 طفلا الانتحار سنة 2022 مقابل 194 سنة 2021، أي أن محاولات انتحار الأطفال ارتفعت بـ33% في سنة واحدة فقط. يعود تفشي هذه الظاهرة في صفوف الأطفال حسب رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل إلى تنامي الإحباط لدى هذه الفئة العمرية نتيجة الأزمات التي تعيشها تونس.
يرتبط تفشي ظاهرة الانتحار في المجتمع التونسي بين فئة الشباب ارتباطا مباشرا بحالة الاحتقان والغضب والإحباط التي يعيشها الشارع التونسي وتعمق الفقر والخصاصة، بالتالي لا يمكن أن نعتبرها ظاهرة طبيعية أو مرضية مرتبطة بحالات فردية معزولة، بل هي نتاج اجتماعي محملة بمعاني ودلالات مرتبطة بسياقها. إن الانتحار في جوهره رفض للواقع المفروض على الفئات الهشّة، لنا أن نذكر هنا بحالات الانتحار الجماعية التي وقعت في فترة معينة كردّ فعل جماعي ومحاولة للتكتل وتسجيل رفض رمزي لواقع يسوده اللاعدل واللامساوة.

انتشار المخدّرات في الوسط الشبابي

مثلت ظاهرة الإدمان على المخدرات من أكثر القضايا التي شهدت جدلا في الشارع التونسي، سواء بتحليلات علمية في القنوات والإذاعات الإعلامية أو حتى من خلال الأعمال الدرامية التي تابعها الشارع التونسي. تشير الأرقام التي نشرتها منظمات المجتمع المدني إلى أن عدد المدمنين على المخدرات في تونس قد بلغ 400 ألف مدمن إلى حدد سنة 2022 وهو ما يطرح تساؤلا حول غياب إجراءات وضع اللبنات الأولى للتصدي لهذه الظاهرة. كما كشف المعهد الوطني للصحة سنة 2023 أن 16.2% من تلاميذ المعاهد المستجوبين يجدون سهولة في الحصول على مادة القنب الهندي. وتقدر نسبة التلاميذ الذين يستهلكون الأقراص المخدرة بـ8%. وهو ما يعكس تحوّل الفضاء التعليمي إلى سوق يروّج فيها المنحرفون شتى أنواع المخدرات.
في الأثناء لا يقترح نظام قيس سعيد أيّ برنامج حقيقي للحيلولة دون تفاقم هذه الظاهرة مع تعويل فقط على الإطار التشريعي البالي. وحتى هذا الأخير لا يمثل سوى مقاربة قمعية لضحايا الإدمان وهو ما تدل عليه أحكام القانون 52/92 المتعلق بالإدمان والمخدرات. في حين يتطلب التصدي لهذه الظاهرة ضرب أباطرة المخدرات في تونس وحاشيتهم وأذنابهم ومسالك الرشوة وبيد من حديد ووضع حد للتواطؤ من قبل الأجهزة، أخيرا بإرساء مقاربة علاجية تقوم على بعث مراكز علاج وإعادة تأهيل تمكن ضحايا المخدرات من التخلص من الإدمان.

على الشباب أن يقاطع المهزلة الانتخابية

لقد واصلت سلطة الانقلاب اعتماد نفس الخيارات السياسية والاقتصادية للأنظمة السابقة وهي خيارات قائمة على تبعية الاقتصاد التونسي للقوى الاقتصادية المهيمنة في العالم، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الارتهان للدوائر المالية العالمية، مثل صندوق النقد الدولي، التي ما انفكت تعمّق أزمة المديونية التي بلغت أرقاما قياسية في ظل حكم سعيد، ناهيك عن التفريط في السيادة الوطنية والخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي وتحويل تونس إلى خفر سواحل لصالح الحكومة الإيطالية ومركز لاحتواء المهاجرين. ولقد بيّننا سابقا انعكاسات هذه الخيارات على الشباب من تفاقم لأزمة البطالة وضرب للتعليم وهشاشة الخدمات وتواصل لظواهر الهجرة الغير نظامية والانتحار والعنف، فأيّ خيار للشباب لتغيير أوضاعه وأوضاع البلاد؟ هل تمثل انتخابات 6 أكتوبر 2024 آلية تغيير حقيقية؟
قطعا لا، لقد عملت سلطة الانقلاب منذ الأيام الأولى على تركيز حكم فاشستي قائم على حكم الفرد الواحد وسيطرته على كل السلطات بحل المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء الذي يضع المسار المهني للقضاة مرهونا بجرة قلم من رئيس الجمهورية وهو ما يمثل ضربا لمبدأ الفصل بين السلط، وفي نفس السياق تحول مجلس نواب الشعب إلى مؤسسة خاضعة لإرادة رئيس الجمهورية. لقد منح قيس سعيد نفسه صلاحيات فرعونية بدستور 2022 وأصدر المرسوم 54 سيئ الذكر الذي استعمله سلاحا للتضييق على حرية التعبير وضرب معارضيه وتعريضهم للملاحقات الأمنية والقضائية.
عيّن قيس سعيد لجنة صياغة الدستور بنفسه من أساتذة مختصين في القانون، إلا أنه رمى بالمسودة التي قدمتها اللجنة عرض الحائط، وصاغ الدستور بنفسه ثم عرضه على الاستفتاء الشعبي. ورغم عدم مشاركة أكثر من ثلاثة أرباع المسجلين في الاستفتاء، إلا أن الحاكم بأمره اعتبر أن دستوره قد نال موفقة الأغلبية، ناهيك عن مقاطعة عدد مهم من مكونات المجتمع المدني والسياسي الاستفتاء.
اعترف بعض أعضاء اللجنة، مثل الأستاذ الصادق بلعيد والأستاذ أمين محفوظ، بجسامة الخطأ الذي اقترفوه، أي المشاركة في لجنة صياغة الدستور، واعتبر الأستاذ أمين محفوظ أن دستور 2022 هو دستور يؤسس للدكتاتورية. لكن قيس سعيد لا ينصت لأحد ولا يعير اهتماما لا لزملائه ولا مستشاريه ولا للشعب الذي قال كلمته بمقاطعة الاستفتاء.
وهو ما يبيّن عدم استعداد قيس سعيد إلى احترام رغبة الناخبين، وهو أمر لا يخفيه، فقد عبّر مرارا في خطاباته أنه يخوض “معركة تحرر وطني” وأنه لن يفرط في السلطة للّاوطنيين. إن الانتخابات التي تنظمها سلطة الانقلاب لا يمكن أن تكون انتخابات نزيهة وشفافة، لقد وظف قيس سعيد المؤسسات لجمع التزكيات ناهيك عن التحيل الذي مارسه مساندوه باستعمال المعطيات الشخصية للمواطنين في تزوير التزكيات. وفي سابقة خطيرة رفضت الهيئة المستقلة للانتخابات تنفيذ حكم قضائي صادر عن الجلسة العامة القضائية وهي أعلى هيئة في تنظيم المحكمة الإدارية وقراراتها نهائية وباتّة وغير قابلة للطعن بأيّ شكل من الأشكال، حيث أقرّ منطوق حكمها صراحة بقبول الطعن الذي قدمه ثلاثة مترشحين للانتخابات وإقرار حقهم في الترشح، إلا أن الهيئة المستقلة للانتخابات رفضت تنفيذ الحكم مقدمة في ذلك عديد المغالطات، التي ردت عليها رئيسة اتّحاد القضاة الإداريين رفقة المباركي لاحقا.
تفتقد هذه الانتخابات إلى الشرعية، وهو ما تبيّنه البيانات المتلاحقة لنخب القانون مثل بيان الجمعية التونسية للقانون الدستوري، التي كان سعيّد نائب رئيسها منذ 1995 إلى حدود ترشحه سنة 2019، وبيان أساتذة القانون والعلوم السياسية، إضافة إلى بيان جمعية القضاة التونسيين. لقد نددت البيانات بالخرق القانوني الخطير الذي مارسته الهيئة ودعتها إلى تنفيذ أحكام الجلسة العامة القضائية والالتزام بمقتضيات دولة القانون وذلك بالامتثال للقواعد الدستورية والقانونية. مع ذلك تجاهلت الهيئة المستقلة للانتخابات هذه الدعوات ومضت قدما في خياراتها. من ما قد يفضي إلى أن تصدر المحكمة الإدارية حكما بعدم شرعية الانتخابات نظرا للعيوب الخطيرة التي تشوبها، حيث تصبح هذه الانتخابات في حكم العدم، أي كأنها لم تقع، وهو ما يطرح تساؤلات حول مآل الصراع بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية.
إذ أصبح واضحا أن هذه الانتخابات تفتقد للنزاهة وتشوبها خروقات خطيرة هذا بالإضافة إلى أن تزويرها احتمال وارد، إن لم نقل مؤكد، بالتالي فإن المشاركة فيها بأيّ شكل من الأشكال هو خيار غير سليم ولا يساهم سوى في شرعنتها. هذا وبالإضافة إلى أن التصويت لمرشح في إطار دستور يؤسس للدكتاتورية لا يمكن أن يعيد مكانة الديمقراطية، إذ لا يمكن توظيف الدكتاتورية في إقامة نظام ديمقراطي حتى في أدناه البرجوازي وهو ما تبينه مختلف التجارب في التاريخ. فما العمل إذن؟
إن المطروح على الشباب هو السعي للإطاحة بنظام قيس سعيد، فإسقاط قيس سعيد كرأس للنظام لا يكفي وهو ما بينته تجربة ثورة 17 ديسمبر – 14 جانفي، بل يجب الإطاحة بكامل المنظومة على أن تتولى قيادة البلاد بعد ذلك حكومة ثورية مؤقتة تكرس السلطة السياسية للشعب ببناء دولة العمال والفلاحين. وتتولى هذه الحكومة القيام بإجراءات اقتصادية مباشرة لعل أهمها تأميم القطاعات الاستراتيجية ومصالح الإمبريالية والثروات الطبيعية والتجارة الداخلية والخارجية كما تتولى أيضا إنجاز إصلاحات زراعية مثل تأميم الأراضي الكبرى وتشكيل تعاونيات فلاحية تمثل ركيزة القطاع الفلاحي. وللتخفيف من حدة الفقر والبطالة، فإنها تتولى تجميد الأسعار ومضاعفة أجور العمال وإسناد منحة بطالة للمعطلين عن العمل وغيرها من الإجراءات.

إلى الأعلى
×