صادق برلمان الدُّمَى كما هو منتظر يوم الجمعة 27 سبتمبر الجاري على تنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء لنزع صلاحية النظر في النزاع الانتخابي من المحكمة الإدارية والقضاء المالي وتحويلها بكليّتها إلى القضاء العدلي المتحكم فيه. وبالطبع تمّت مجمل العملية في وقت قياسي وقبل أيام معدودات من التصويت، وتحوّل برلمان الدُّمَى بقدرة قادر إلى صدارة أجهزة التحكم في قواعد اللعبة بعد أن كان صامتا ومهمّشا. وقد استعجل برلمان الدُّمَى النظر في هذا التنقيح في حين أنّ مشاريع أخرى ظلت في الرفوف رغم طلب الاستعجال مثل تنقيح بعض فصول المرسوم 54 سيء الذكر. ولم يخف النواب/الدُّمَى سياق التعديل وعبّروا بكل فجاجة عن ولائهم لرأس النظام وعملهم من أجل سدّ الباب أمام الطعن في نتائج التصويت وأعلنوا أن المحكمة الإدارية تحوّلت إلى جسم معارض سيقبل الطعون ويلغي شرعية الانتخابات، لذلك وجب افتكاك اختصاصها وتحويله إلى جهة مضمونة.
لقد صوّت مجلس الدُّمَى بأغلبية نوابه على مقترح التعديل دون احترام أدنى الشكليات، فتنقيح قانون أساسي يتمّ بهذه السرعة المكوكية سواء في لجنة التشريع أو في الجلسة العامة، وتعمّد عدم استشارة المحكمة الإدارية كما جرت العادة، ورغم رفض المجلس الأعلى المؤقت للقضاء هذا التعديل الذي طلبته هيئة بوعسكر المنصّبة، فقد تمّ التمرير من قبل الجوقة التي أعادت إلى الأذهان نفس المعجم ونفس الممارسات لبرلمان بن علي.
إن جوقة بودربالة عبّرت كما يجب التعبير عنه، عن كونها جهازا في خدمة سلطة الانقلاب، وهي تضع بذلك نفسها مرة أخرى ضمن الجهات التي ستُسأل إن عاجلا أو آجلاً، مثلها مثل هيئة بوعسكر وكل أدوات التنفيذ التي اعتمدها سعيّد لتكريس الدكتاتورية والحكم الفردي المطلق.
إن برلمان الدُّمَى لن يستطيع مغالطة الشعب التونسي بشعارات الوطنية والسيادة وتمثيل الشعب، فلو كانوا فعلا كذلك لرفضوا التدخل بالقوة لإيقاف النظر في مشروع قانون تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني، وهو ما سيبقى وصمة عار ستلاحقهم كما تلاحق سيدهم إلى أبد الآبدين. أمّا مسار المهزلة الانتخابية فسيسقط مثلما سقطت مهازل بن علي ونظامه الدكتاتوري.
فإلى المقاطعة، مقاطعة المهزلة.