الرئيسية / عربي / الكيان الصهيوني يمعن في جرائمه الوحشية
الكيان الصهيوني يمعن في جرائمه الوحشية

الكيان الصهيوني يمعن في جرائمه الوحشية

بقلم عمار عمروسية

بعد أشهر من تهديدات مجرمي الحرب في حكومة الكيان النازي القائلة بتدمير “لبنان” وكسر شوكة “حزب الله” بما يضمن عودة وأمن المستوطنين في المغتصبات الشمالية من فلسطين المحتلّة، نقلت حكومة “نتانياهو” ثقل أعمالها العسكرية الإجرامية إلى الأراضي اللبنانية وبالأخصّ جنوبها.
فكلّ أيّام الأسبوع الماضي كانت من جهة بمثابة المذابح المتواصلة ضدّ المدنيين العزّل على امتداد مدن وقرى وبلدات الجنوب، ومن جهة أخرى حلقات فظاعات استخباراتية / أمنية وعسكرية بالضاحية الجنوبية لبيروت.
لقد وضع مجرمو الحرب، أعداء الإنسانية والحياة، الجزء الأساسي من جميع ترسانتهم الحربية بما فيها أرقى منجزاتهم في مجال الحرب السيبرانية والمعلوماتية، للقتل العشوائي والتّدمير زيادة عن الاغتيالات الممنهجة لقادة المقاومة وكوادرها.
عمل الكيان الصهيوني كعادته على إحداث صدمة معنوية لدى المقاومة وحاضنتها الشعبيّة من خلال توظيف تفوّقه الجوّي وتكثيف غارات الطيران الحربي الذي فاقت طلعاته في اليوم الواحد الألف طلعة تاركة أكثر من 1240جريحا ومئات الشهداء (500) بالإضافة إلى مئات الألوف من النازحين من الجنوب.
وقبل ذلك، وتحديدا يوم 17 من شهر سبتمبر الجاري، أقدمت هيئة أركان التوّحش على تنفيذ مجزرة فظيعة بوسائل قذرة ومُحرّمة وفق القانون الدولي تمثلّت في تفجير ما عرف بالـ”بايجر” ضمن شبكة مستعمليه الذين تجاوزت أعدادهم 4 آلاف، أغلبهم من المدنيّين، وأردفها في اليوم الموالي، أي 18 سبتمبر، بالإقدام على تفجير أجهزة “الطولكي وولكي”.
لقد كان العدّو الصهيوني وفيّا لسلوكه الدائم القائم على القفز عن كلّ القيم الإنسانية ودوس أبسط مبادئ القانون الدولي والقانون الإنساني مستفيدا في مراكمة جرائمه أوّلا من ضعف المجتمع الدولي وتهاونه في كبح هذا النهج الإجرامي، وثانيا من الدعم الشامل على جميع الأصعدة الذي تقدّمه بعض الدول الإمبريالية مثل أمريكا وبعض الدول الغربية، وثالثا من غدر وتواطؤ جلّ مكوّنات النظام الرسمي العربي.
إنّ مجمل حيثيات العدوان الصهيوني على لبنان الشقيق تشي بأنّ قرار الشّروع منذ الوهلة الأولى كان بعد ضوء أخضر أمريكي وحصيلة اتّفاقات وراء الأبواب المغلقة في البيت الأبيض وضمن مكاتب “البنتاغون”، على عكس ما يتظاهر به الخطاب الرّسمي الذّي أعاد على مسامع شعوب العالم سرديات الكذب والنفاق من قبيل ما ورد ببيان وزارة الخارجية الأمريكية مساء 17 سبتمبر حيث ورد: “نشعر بالقلق من هذا التدهور….”، أو ما جاء على لسان “بايدن” في اليوم الموالي عندما صرّح: “… قلبي مع المدنيين في لبنان”، وأضاف وفق مقال في صحيفة “الواشنطن بوست”: “نعمل ليلا نهارا على إيقاف نزيف الدّم….”.
لا شكّ في أنّ كلّ تلك التصريحات ومجمل الخطاب الرّسمي للإدارة الأمريكية ليس سوى مساحيق تجميل للدّور الإجرامي التقليدي لحكّام الولايات المتحدة الأمريكية، سواء من حزب الجمهوريين أو الديموقراطيّين.
فالكلّ هناك، خصوصا في هذه الفترة الانتخابية الرئاسية، يسعى لتأمين الشروط الأفضل لفوزه من دماء ودموع شعبيْ فلسطين ولبنان، والكلّ هناك في ماراطون استرضاء دعم اللوبي الصهيوني للانتفاع بأصوات جمهوره.
إنّ توجّه جيش الاحتلال لفتح جبهة عدوان جديد على شعب لبنان ومقاومته أمر يتجاوز حدود محاولة تحقيق المصالح العامّة لدولة الاحتلال وكذلك الحسابات الشخصية لرئيس حكومتها وتحالفه السياسي. فالعدوان على قطاع “غزّة” على هذه الشاكلة وهذا الوقت كلّه، الذي يشارف على إنهاء سنة كاملة، وتوسعّه نحو لبنان يندرج ضمن استراتيجية عدوانية شاملة لبعض القوى الإمبريالية العالمية وفي صدارتها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض القوى الغربية بهدف إعادة ترتيب أوضاع المنطقة ضمن ما يعرف بـ”الشرق الأوسط الجديد”.
فحرب الإبادة الجماعية ضدّ شعبي فلسطين ولبنان ومحاولات سحق المقاومة ومحورها الناشط والفعّال مطلب صهيو/أمريكي/غربي تقاسمت القوى الأخيرة مهمات تنفيذه بشراكة نشطة مع أنظمة العمالة العربية.
فاندفاعة الآلة الحربية نحو “لبنان” لا يمكن استيعابها إلاّ ضمن دورها الوظيفي بالمنطقة، الذي أخذ على عاتقه منذ إنشاء هذا الكيان، أقذر مهمات كلب حراسة المصالح العامّة بالمنطقة والإقليم عموما.
والاستدارة نحو شعب لبنان ومقاومته ليست سوى توسيعا متعمّدا لنطاق العدوان الذي وضع كلّ منطقة الشرق الاوسط على مشارف الانفجار والحرب الشاملة التّي يزعم قادة البيت الأبيض وبعض رؤساء الدول الغربية بذل جهود لتلافيها والحيلولة دون حدوثها.
فكلّ الوقائع تدفع إلى أنّ التصعيد الأخير هو بمثابة صبّ الوقود على نارٍ مشتعلةٍ واستدراج وقح لشعوب المنطقة ومقاوماتها نحو المواجهة التّي مهما كانت كلفتها البشرية والمادية باهظة على شعوب المنطقة وقواها الوطنية فإنّ فاتورة حسابها ستكون أكثر ثقلا على قوى العدوان ومصالحه بالمنطقة.
فآلة التقتيل والإبادة عالقة في وحل “غزة” ومقاومته الباسلة وهي في طريقها إلى مستنقع “لبنان” وقدرات “حزب الله” العسكرية والقتالية الكبيرة.

إلى الأعلى
×