بقلم مرتضى العبيدي
التأمت في بداية الشهر الجارى الدورة التاسعة والعشرون للندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية بحضور أغلبية أعضائها القادمين من القارات الأربع. وتناولت بالدرس النقاط المدرجة في جدول أعمالها ومنها بالخصوص:
تطوّرات الأوضاع الدولية على ضوء ما يجري من حروب في شتى أرجاء العالم وخاصة في فلسطين المحتلة التي يعيش شعبها حرب إبادة وتطهير عرقي لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلا لهما، وكذلك الحرب الامبريالية الدائرة رحاها على الأرض الأوكرانية.
تطوّرات نضالات الشعوب الرافضة للسياسات الامبريالية والرأسمالية الساعية لتحميل أعباء أزمتها المستفحلة على كواهل العمال والشعوب، على ضوء ما قدمه ممثلو الأحزاب من تحاليل للأوضاع المحلية والإقليمية.
تقييم جدي، صريح وعميق للعقود الثلاثة الأولى من حياة الندوة التي تأسست سنة 1994 لجمع شتات التنظيمات الشيوعية في العالم من أجل تنظيم ردّ فعل الطبقة العاملة وأحزابها على الهجمة الشرسة التي كانت تديرها الامبريالية المزهوة بسقوط الجدار وتفكك الاتحاد السوفياتي. وقد تمّ التركيز بالخصوص على كيفية تحقيق النقلة النوعية في حياة هذه الأحزاب حتى تصبح فعلا الممثل الحقيقي للطبقة العاملة وهيئة أركانها على طريق الثورة والاشتراكية.
كما أصدرت الندوة باقتراح من أحزابها ومنظماتها عديد لوائح التضامن والمساندة مع نضالات الشعوب التي تخوض اليوم أشرس المعارك ضد الغطرسة الامبريالية ومن أجل حقها في تقرير مصيرها وهي على التوالي:
لائحة تضامن مع الشعبين الفلسطيني واللبناني في حربهما المشروعة ضد العدوان الصهيوني الامبريالي الذي يتعرضان له (انظر نص اللائحة صفحة 6).
لائحة تضامن مع الشعب السوداني الذي تسعى القوى الامبريالية والإقليمية والكيان الصهيوني على تأزيم أوضاعه حتى يبقى السودان لقمة سائغة متاحة لهذه القوى المتكالبة عليه.
لائحة تضامن مع شعوب المستعمرات الفرنسية التي هبت تطالب بحقها في تقرير مصيرها والاستقلال كما هو الحال في “كاناكي” المسماة “كاليدونيا الجديدة”.
لائحة مساندة للشعب الباكستاني الذي يتعرض إلى حملة قمع رهيبة تستهدف المعارضات الديمقراطية والأقليات تحت مسوّغات دينية وتكفيرية.
هذا وأصدرت الندوة في ختام أشغالها بيانا نورده أسفل هذا لأهميته:
البيان الختامي للجلسة العامة التاسعة والعشرين للندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية (CIPOML)
انعقدت جلستنا العامة التاسعة والعشرون، التي اتسمت بالحيوية الثورية التي تميّز أعمال أحزاب ومنظمات الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية، في جو من الصداقة والرفاقية الحميمة، وتناولت تحليل التطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في العالم بشكل موضوعي ونقدي مميّز. كما قمنا بتحليل مسؤولياتنا لتنظيم وقيادة نضال الطبقة العاملة والشعب من أجل الثورة والاشتراكية إلى النصر.
يمرّ العالم اليوم بفترة معقدة تتسم بتفاقم الأزمة العامة للنظام الرأسمالي. إذ تطورت الصراعات بين الإمبريالية والنزاعات بين الاحتكارات والدول الرأسمالية الإمبريالية الأكثر تقدما إلى حد أن الحرب أصبحت تعتبر الوسيلة المثلى لحل النزاعات. إن الحرب الإمبريالية في أوكرانيا ليست الوحيدة في الوقت الراهن؛ هناك أكثر من خمسين حربا محلية تجري في أنحاء مختلفة من العالم، وفي كل واحدة منها تكون مصالح هذا البلد الإمبريالي أو ذاك، أو هذه الكتلة الرأسمالية الإمبريالية أو تلك، على المحك. أما الضحايا الرئيسيون لكل هذه الصراعات فهم العمال والشعوب.
إن الحروب بين الدول الرأسمالية والإمبرياليين وكذلك العدوان على الشعوب هي نتاج الرأسمالية، ومن أجل كسب السلام العالمي من الضروري إنهاء هذا النظام.
إن الطبيعة الإجرامية والعدوانية للإمبريالية تتجلى بوضوح وبشكل مثير للسخط في الإبادة الجماعية التي يواجهها الشعب الفلسطيني والتي تمتد الآن إلى الشعب اللبناني. إن الصهيونية الإسرائيلية والإمبريالية الأمريكية وحلفائهم مسؤولون عن هذه الجرائم التي أودت بحياة الآلاف من الأطفال والشباب والنساء والشيوخ. إن العمال والشباب والشعوب في العالم يرفضون الإبادة الجماعية، ويعبرون عن ذلك من خلال التعبئة الجماهيرية في جميع أنحاء العالم. وترفرف أعلام السلام في انسجام تام مع إدانة الصهيونية الإسرائيلية ومؤيديها.
إن النتائج الاجتماعية السلبية للاستغلال الرأسمالي مرفوضة من قبل العمال والشباب والنساء والشعوب. ولذلك تنتظم التعبئة الجماهيرية والإضرابات العمالية والانتفاضات الشعبية ضد سياسات التعديل الهيكلي التي تنفذها حكومات البرجوازية، سواء كانت ليبرالية أو نيوليبرالية أو ديمقراطية اجتماعية أو “تقدمية”. وفي خضم النضال من أجل الشغل، وتحسين الأجور، والتعليم العمومي الجيد والرعاية الصحية، والضمان الاجتماعي، وحماية البيئة وقضايا أخرى، هناك رفض شعبي متزايد للرأسمالية وطموح للتغيير. لكن هذا السخط الجماهيري يتم استغلاله من قبل البرجوازية والأوليغارشية، المسؤولة أصلا عن وجوده.
كما أننا نلاحظ النمو الخطير لليمين واليمين المتطرف في أجزاء معينة من العالم. لقد أثبتت القوى الفاشية والمؤيدة للفاشية قدرتها على التلاعب بوعي الجماهير من خلال خطاب مناهض للمنظومة ظاهريًا والاستيلاء على حكومات العديد من البلدان، لكن في الواقع لديهم وجهات نظر رجعية وعنصرية ومعادية للأجانب وكارهة للنساء.
ونحن نعمل على تحذير العمال والطبقات الشعبية من هذا الخطر. ونوجه تحذيرا مماثلا ضد أولئك الذين يتبنون مواقف سياسية ثورية ويسارية مزعومة، ولكنهم في الواقع يمثلون المصالح الاقتصادية والسياسية للفصائل البرجوازية والقوى الإمبريالية.
لقد أكدت الجلسة العامة التاسعة والعشرون لـ CIPOML التقدم الذي أحرزته أحزابنا خلال هذه الفترة، إذ هي أظهرت في نضالها اليومي التزامها الثوري تجاه العمال والشعب، لكننا ندرك تماما أنه يجب علينا أن نعمل بشكل أفضل ونبذل المزيد من الجهد للإيفاء بمسؤوليتنا السياسية التاريخية.
انعقدت جلستنا العامة هذه السنة في خضمّ الاحتفال بالذكرى الثلاثين لتأسيس الندوة. وبعد مرور ثلاثين عاما على التأسيس، ما زلنا نرفع رايات الماركسية اللينينية والثورة البروليتارية بنفس التفاؤل والتصميم. ونعتقد أن وحدها ثورة البروليتاريا الاجتماعية هي القادرة على تحرير العمال والشعوب من الاستغلال الرأسمالي الإمبريالي.
من أجل الماركسية اللينينية والثورة والاشتراكية!
الجلسة العامة التاسعة والعشرون للندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية (CIPOML)
ألمانيا، نوفمبر 2024