الرئيسية / صوت الاقتصاد / ميزانية الدولة لسنة 2025 ميزانية المجبى والاقتراض
ميزانية الدولة لسنة 2025 ميزانية المجبى والاقتراض

ميزانية الدولة لسنة 2025 ميزانية المجبى والاقتراض

بقلم محمد الميزوري

قدّرت حكومة الشعبوي سعيد وبتوجيه مباشر منه ميزانية الدولة لسنة 2025 بـ78.231.000 أ.د كمبلغ إجمالي مقسم كما يلي :

أ. مداخيل ميزانية الدولة : 50.028.00 أ.د

  • المداخيل الجبائية: 45.249.000 أ.د
  • المداخيل غير الجبائية: 4.429.000 أ.د
  • هبات : 350.000 أ.د

ب. القروض: 28.203.000 أ.د

  • اقتراض خارجي : 6.131.000 أ.د
  • اقتراض داخلي : 21.872.000 أ.د
  • اقتراض من الخزينة : 200.000 أ.د

ففي قراءة لأرقام ميزانية الدولة لسنة 2025 نلاحظ في البداية أنها من ناحية هيكلتها لا تختلف في شيء عن الميزانيات السابقة في مختلف العهود حيث حافظت على نفس الهيكلة، الجباية والقروض ونسبة ضعيفة من الموارد غير الجبائية.

ميزانية مجبى للمواطن

يمثل مبلغ المداخيل الجبائية المقدر بـ45.249.000 أ.د حوالي 58% من المبلغ الإجمالي لميزانية الدولة. تستخلص المداخيل الجبائية في أغلبها من جيب المواطن المستهلك مهما كان موقعه في المجتمع كموظف أو عامل أو معطل عن العمل ومهمش في شكل جباية مباشرة من الأجور والجرايات وفي شكل جباية غير مباشرة متكونة من الأداء على القيمة المضافة ومن الأداء على الاستهلاك ومن المعالم الديوانية… الخ، التي يساهم فيها المواطن بأكبر نسبة، لأن المواطن عند اقتنائه لأيّ بضاعة، لباس وغذاء وأدوية وتجهيزات منزلية ووسائل نقل أو مواد بناء … الخ، فإن صاحب الشركة الصناعية أو التجارية يحتسب في ثمن البضاعة كل الأداءات ليستخلصها من المواطن ويحوّلها لخزينة الدولة، وبالتالي فإن صاحب المؤسسة التجارية يمثل وسيطا بين المواطن كمستهلك والدولة في تجميع الأداءات.
في الحوصلة فالمواطن يساهم بأكبر نسبة في الجباية المباشرة وغير المباشرة مقارنة بمساهمة رؤوس الأموال الذين يملكون حوالي 90% من مجموع ثروات البلاد.

ميزانية اقتراض

يمثل مبلغ الاقتراض المقدر بـ28.203.000 أ.د نسبة 36% من المبلغ الإجمالي لميزانية الدولة لسنة 2025، والمشكل أن هذه القروض ستوجه في جزء منها للاستهلاك وفي الجزء الآخر لخلاص الديون ولا توجه للاستثمار، مع العلم أن الديون التي ستتولى الدولة تسديدها سنة 2025 قدّرت بـ18.403.000 أ.د مقسمة بين تسديد أصل الدين الداخلي المقدر بـ9.734.000 أ.د وتسديد الدين الخارجي المقدر بـ8.469.000 أ.د وتسديد قروض الخزينة المقدرة بمبلغ 200.000 أ.د، وبالتالي لن تعود هذه القروض بالفائدة على الاقتصاد الوطني بإنجاز مشاريع كبرى بل ستزيد هذه القروض في حجم الدين العمومي البالغ حتى موفى شهر جوان 2024 مبلغ 127.351.000 أ.د والذي يمثل حوالي نسبة 80% من الناتج الداخلي الخام للبلاد.
كل هذه الديون التي تراكمها الحكومات المتتالية الفاشلة لتحلّ بها أزمتها الوقتية ستكون حملا ثقيلا على مستقبل أبناء الوطن وسيدفعها المواطن من عرق جبينه.
كما أن نسبة التداين المرتفعة في ميزانية الدولة لسنة 2025 تفضح خور مقولة التعويل على الذات. إضافة لذلك فإن مبلغ الاقتراض الداخلي المقدر بـ21.872.000 أ.د سيلتهم نسبة كبيرة من السيولة لدى البنوك التونسية وبالتالي سيكون بمثابة العائق للاستثمار لأنه لن يمكّن المستثمرين والمستهلكين من الحصول على قروض لإنجاز بعض المشاريع ولقضاء شؤونهم، أمّا التقليص في قيمة الاقتراض الخارجي في حدود 6.131.000 أ.د فيعود لصعوبة الولوج للسوق الخارجية نتيجة رفض صندوق النقد الدولي منح قرض لتونس من جهة ولارتفاع نسب الفائدة من جهة ثانية.

المداخيل غير الجبائية

قدّرت المداخيل غير الجبائية بـ4.429.000 أ.د بنسبة 6%من المبلغ الإجمالي لميزانية الدولة لسنة 2025 وهي متأتية أساسا من عائدات التمور وزيت الزيتون والفسفاط ومن بعض المنشآت العمومية التي مازال لها فائض وهذه النسبة الضعيفة تعود لضعف الاقتصاد الوطني الذي فقد العديد من منشآته العمومية التي تمّت خوصصتها مع بداية السياسة الليبيرالية للهادي نويرة وقد واصل بن علي في إطار سياسته النيولبيرالية نفس سياسة الخوصصة، stia ،confort وبعض البنوك وشركات الإسمنت والاتصالات… الخ من جهة، وللتدمير الممنهج لما تبقى من منشآت عمومية وعدم إصلاحها في اتجاه خوصصتها وهذا ما عملت عليه حكومات ما بعد الثورة من جهة ثانية.
في الخلاصة فإن ميزانية الدولة لسنة 2025 هي ميزانية محاسبتية بين تجميع الموارد وضبط النفقات، ولقد بنيت على جباية المواطن والاقتراض من الخارج بنسبة حوالي 94% من المبلغ الإجمالي للميزانية.
ميزانية لا تتضمن أيّ منوال تنموي واضح، عاجزة عن بعث مشاريع كبرى لتشغيل اليد العاملة وغير قادرة على خلق الثروة للمراكمة من أجل بناء اقتصاد وطني.
إن حزب العمال لا يقف عند نقد السياسات الفاشلة بل يقدم مقترحات عملية على غرار القوى الثورية والتقدمية لتلافي إغراق البلاد في المديونية والخروج من الأزمة ونذكر من أهمها:

  • تجميد خلاص المديونية لمدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات مع إقرار التدقيق في الديون حتى لا يتمّ خلاص الديون الكريهة التي انتفعت بها الرجعيات الحاكمة
  • سن ضريبة استثنائية على الثروات الكبرى
  • إقرار ضريبة تصاعدية على المداخيل والأرباح
  • استخلاص الديون المتخلدة بذمة المؤسسات الخاصة ورجال الأعمال
  • منع المؤسسات الأجنبية من تصدير مرابيحها لمدة ثلاث سنوات وإعادة استثمارها في البلاد
  • ترشيد التوريد بالاقتصار على توريد فقط ما هو ضروري للاستهلاك وللاقتصاد
  • الزيادة في الأجور لدعم المقدرة الشرائية، أخذا بعين الاعتبار معدل ارتفاع الأسعار
  • الترفيع في الأجر الأدنى الصناعي والفلاحي في حدود 1200 دينار
  • إعفاء البحارة والحرفيين وصغار الفلاحين من الديون المتخلدة لدى البنوك
  • تمتيع المعطلين عن العمل من منحة بطالة وتمكينهم من التنقل والعلاج مجانا
  • تجميد ارتفاع أسعار المواد الأساسية لمدة معينة

هذه الإجراءات لا تقرها الحكومات اللاشعبية واللاوطنية الممثلة لمصالح البرجوازية الكمبرادورية ولراعيتها الإمبريالية الغربية والأمريكية، بل تقرها وتنفذها حكومة وطنية ديمقراطية شعبية ممثلة للأغلبية الشعبية ومدافعة عن السيادة الوطنية.

إلى الأعلى
×