يتواصل العدوان الصهيوني الغادر على لبنان في تحدّ سافر لكل الأعراف والقوانين التي وضعتها كبريات الدول الإمبريالية ذاتها وقرارات المؤسسات التي أحدثتها هذه الدول والتي ظلّت تصوغ من خلالها الهيمنة والسيطرة على العالم. يتواصل العدوان ولكن النتيجة هي ذاتها التي حصلت في غزة إذ أنّ الكيان المجرم لئن نجح في الأساس في تقتيل المدنيين العزّل وفي تدمير المساكن والمنشآت المدنية وفرض النزوح على مئات الآلاف من السكان وملاحقتهم في كل الأماكن، فإنّه عجز بالمقابل عن وضع حدّ للمقاومة وعن اختراق الجنوب واحتلاله وقد تكبّد خسائر كبيرة في الجند والعتاد. وهو بذلك يغرق في وحل لبنان مثلما غرق في تراب غزة ممّا جعله يصارع الوقت من أجل تحقيق “منجز” ما يستعمله في دعايته السافلة والكاذبة.
صحيح أن العدو الصهيوني وجّه ضربات موجعة لحزب الله من خلال اغتيال جزء من قياداته المركزية وعلى رأسها الأمين العام للحزب حسن نصر اللّه وقادة مهمّون في الجهاز العسكري للحزب، لكن المقاومة استمرت وهي توجه الضربات الموجعة للكيان الغاصب وجيشه ومراكزه العسكرية وتفرض على مستوطنيه في شمال فلسطين المحتلّة العيش تحت الأرض أو الهجرة التي شملت إلى حدّ الآن أكثر من مليون عادوا إلى مواطنهم الأصلية. وقد وصلت الضربات الموجعة إلى تل أبيب التي دكتها صواريخ المقاومة كما وصلت المسيّرات إلى غرفة نوم المجرم نتنياهو، وهو ما فرض حتى على الهيئات الحكومية الصهيونية بما فيها مجلس الوزراء ومجلس الحرب الاشتغال في الغرف ذات الحماية العالية وتحت الأرض.
إن هذا الوضع يقضّ مضجع العدو لذلك لا يريد الموافقة على أيّ التزام بإيقاف الحرب ويشترط تمتيعه بحرية العربدة في جنوب لبنان وهو ما ترفضه المقاومة اللبنانية بشكل صارم بل وهو ما لن يتحقّق له. إنّ العدو يكابر ويريد الظهور في صورة الغالب والمتحكم وهو يراهن على الوقت سواء لتحقيق إنجاز ما أو لاستغلال ما بقي من عهدة المجرم بايدن والاستعداد لطور جديد من حرب الإبادة مع المجرم الآخر، ترامب، خاصة في أفق مواصلة تطبيق “صفقة القرن” التي أعلنها في عهدته السابقة. إن الإمبريالية والصهيونية تريدان فرض طور جديد من الهيمنة على المنطقة في إطار السعي المحموم لتأبيد وضع اليد عليها. ولكنها تجد صدّا عظيما من المقاومة.
إن المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة والكيان الصهيوني التي يقودها المبعوث الأمريكي المتصهين، هوكستين، لن يحقّق بها الكيان الصهيوني ما لم يحققه بقوة السلاح مهما كان الدعم الذي يجده من أنظمة العمالة والخيانة في المنطقة التي نظمت مؤخرا المؤتمر العربي الإسلامي في السعودية (الجامعة العربيّة والمؤتمر الإسلامي) والذي أعاد نفس الخطاب السّابق، الفارغ والمتواطئ. إنّ مصلحة هذه الأنظمة هي نفس مصلحة الكيان وداعميه والمتواطئين معه وهي تكمن في ضرب المقاومة والقضاء عليها لتأبيد هيمنتها على شعوبها، هذه الشعوب التي تكمن كل مصلحتها في انتصار المقاومة لتعبيد الطريق نحو تحررها وهو ما يفرض عليها اليوم تطوير الإسناد والدعم للمقاومة لارتباط مصيريهما ببعضهما البعض.
إن حركة الإسناد ضعيفة في غالبية الأقطار العربية والإسلامية والمسؤولية كل المسؤولية تلقى على عاتق القوى الوطنية والثورية من أجل تطوير هذه الحركة ممّا يحسّن ظروف المقاومة في أيّ مفاوضات ويفرض وضع حدّ لحرب الإبادة في غزة والعدوان على لبنان. إن الشعوب هي التي تسند الشعوب ولا تعويل على أنظمة رجعية وعميلة ولا على قوى استعمارية هيمنيّة لا تهمّها إلا مصالحها ولا على مؤسسات ومنظمات دولية لا وزن لها.
الرئيسية / الافتتاحية / أمريكا والكيان الصهيوني شريكان في العدوان على لبنان، ما لم يتحقق لهما بالسلاح لن يتحقق لهما بالمفاوضات