الرئيسية / عربي / من الضّفّة الغربيّة، الرفيقة ماجدة المصري، نائبة الأمين العام للجبهة الدّيمقراطيّة لتحرير فلسطين، في تصريح لـ”صوت الشّعب”: الحوار الفلسطيني الفلسطيني هو الخيار الأفضل لخدمة القضية الفلسطينية
من الضّفّة الغربيّة، الرفيقة ماجدة المصري، نائبة الأمين العام للجبهة الدّيمقراطيّة لتحرير فلسطين، في تصريح لـ”صوت الشّعب”: الحوار الفلسطيني الفلسطيني هو الخيار الأفضل لخدمة القضية الفلسطينية

من الضّفّة الغربيّة، الرفيقة ماجدة المصري، نائبة الأمين العام للجبهة الدّيمقراطيّة لتحرير فلسطين، في تصريح لـ”صوت الشّعب”: الحوار الفلسطيني الفلسطيني هو الخيار الأفضل لخدمة القضية الفلسطينية

حاورها علي الجلولي

من قلب الضفّة الصامدة التي قُدّر لها أن تواجه بندقيّتين في الآن ذاته، بندقية جيش الاحتلال وقطعان الاستيطان من جهة وبندقية “أخوة الدم” أعوان محمود عباس الذي لم يطلق رصاصة ضد العدو الذي وصلت عربدته حدود مكتب عباس ذاته، لكنه مثل كلّ أنظمة العمالة والتطبيع يُشهر سلاحه لضرب المقاومة وحرفها عن مهمّتها الأصلية في ظرف دقيق تمرّ به القضية الفلسطينية والمنطقة عموما. لمتابعة هذه التطورات ولمجمل الأوضاع في المنطقة، كان لنا هذا الحوار مع الرفيقة ماجدة المصري، مسؤولة إقليم الضفة ونائبة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

تعيش الضفّة الغربيّة هجوما صهيونيّا من قبل جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين لأجل اجتثاث الشعب الفلسطيني. كيف تقيّمون تماسك صمود الشعب الفلسطيني في الضفة؟

على امتداد الأعوام السابقة، الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس في حالة مواجهة واشتباك مع مشروع الضمّ وحسم الصراع، الذي وضعت ملامحه في قانون الدولة القومية لليهود والذي أقرّ في الكنيست الإسرائيلي في تموز / جويلية 2018، واتضحت أهدافه في صفقة القرن (ترامب – نتنياهو) في حزيران / جوان 2019، وتمّ البدء عمليا بتطبيقه بتسارع مع مجيء حكومة اليمين الفاشي، حكومة نتنياهو – بن غفير – سموتريتش، عبر رزمة من القوانين والقرارات والإجراءات التي اتّخذتها هذه الحكومة ويجري تنفيذها في الضفة والقدس، على طريق تهويد القدس والتوسّع الاستيطاني وضمّ مناطق (ج) إلى دولة الكيان الإسرائيلي.
في هذا السياق شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة تصعيدا في حدّة المواجهة الشعبية، اتّخذ أشكالا وأساليب متعددة، في التصدي لاعتداءات المستوطنين وبطشهم وللاقتحامات الدموية للجيش والمستوطنين في المدن والبلدات والقرى والمخيّمات وللمسجد الأقصى، ولحملات المصادرة للأراضي وهدم البيوت والاعتقالات المسعورة للشباب والأطفال والأسرى المحرّرين. فإلى جانب المسيرات والاشتباكات شبه اليومية مع المستوطنين وجيش الاحتلال في مواقع التماس وعلى الطرق وفي المناطق المستهدفة بالمصادرة، انحاز المقاومون والشباب الفلسطيني نحو العمليات الفردية النوعية (طعن، دهس، إطلاق نار) أو الجماعية عبر تشكيلات مجموعات المقاومة المسلّحة العابرة للفصائل (كتيبة جنين، عرين الأسود وكتيبة بلاطة في نابلس وكتيبة جنين، طوباس، عقبة جبر وغيرها) التي ألهبت مشاعر الشباب والشارع الفلسطيني وصفحات التواصل الاجتماعي بحضورها المسلح ومقاومتها وبسالة مناضليها، وولدت حاضنة جماهيرية لهذه المجموعات عبّرت عن نفسها بمسيرات التّشييع للشهداء بعشرات الألوف من المواطنين.
بعد 7 أكتوبر تصاعدت حدّة المواجهة مع جيش الاحتلال والمستوطنين، مترافقة مع عمليات المقاومة النوعية دعما للمقاومة في غزة، وفي مواجهة اعتداءات المستوطنين الذين تمّ توزيع السّلاح عليهم وتضاعف بطشهم وعربدتهم ضدّ المواطنين على الطرقات وفي مواقع الريف المحاذية للاستيطان، وفي مواجهة عمليات التّنكيل التي لحقت بأبناء شعبنا على الحواجز وأثناء عمليات الاعتقال للمناضلين والنشطاء وللأسرى داخل سجون الاحتلال الذين زاد عددهم ما بعد 7 أكتوبر عن 10 آلاف أسير.
إلاّ أنّ هذه الحالة، المقاومة والحركة الجماهيرية نصرة للمقاومة وصمود شعبنا في غزة، افتقدت لوجود قيادة وطنيّة موحّدة، توحّد أشكال النّضال وخطط المجابهة لسياسات الاحتلال وإجراءاته، في ظلّ استمرار الانقسام الداخلي الفلسطيني الذي عكس نفسه سلبا وحال دون توحيد الحركة الجماهيرية وديمومة تحرّكها بالزّخم المطلوب، دعما لغزّة والمقاومة وتنديدا بجرائم الاحتلال التي وصلت لمستوى الإبادة الجماعية.

تعيش مدينة جنين ومخيّمها هجوما من قبل أجهزة أمن السّلطة على المقاومة المسلّحة. كيف تقرؤون هذه الأحداث سياقا وأهدافا ومآلات؟

التفاهمات الناتجة عن لقاءات العقبة / شرم الشيخ الأمنية في آذار / مارس 2023 بمشاركة مسؤولين أمنيّين وسياسيّين، أمريكان وإسرائيليّين وأردنيّين وفلسطينيّين ومصريّين، والتي جاءت بطلب أمريكي بضوء احتدام حالة الصراع بين المقاومة وجيش الاحتلال وقطعان المستوطنين، واستهدفت بشكل رئيسي تمكين السّلطة من لجم الحالة الوطنية الناهضة للمقاومة في الضفة، إذ عملت السلطة بموجبها على استيعاب عدد من المقاومين في أجهزتها، تحديدا من شهداء الأقصى، أو اعتقال وملاحقة البعض (كما تمّ في نابلس / عرين الأسود) أو القتل في حالات الاشتباك.
بعد 7 أكتوبر احتدم الصّراع بين الأجهزة الأمنية للسلطة والمقاومين، تحديدا في مخيّمات الشمال، وتواصلت عمليات المطاردة للمقاومين والاعتقال والتهديد والتشويه للسمعة، بما في ذلك مصادرة أموالهم التي يتمّ العثور عليها، وفي ظلّ وجود بعض التجاوزات لأعضاء كتيبة جنين (حادث جنين الأخير)، اتخذ قرارا من قبل رأس السلطة باجتياح المخيّم، ومطالبة المقاومين بتسليم أنفسهم وأسلحتهم، مترافقا ذلك مع حملة تحريض باعتبارهم خارجين عن القانون ومرتزقة يعملون وفق أجندة خارجيةـ (للأسف سقط حتى الآن مع بدء الحملة الأخيرة 5 ضحايا، 3 على يد الأجهزة الأمنية و2 على يد المقاومين).
تأتي هذه الحملة على مخيّم جنين، في ظلّ تحريض العدو الإسرائيلي المتواصل على السلطة باعتبارها غير قادرة على السيطرة في الضفة، الأمر الذي ساهم في تصعيد إجراءات الأجهزة الأمنية للسلطة وصولا لحملة معلن عنها تستهدف اجتثاث المقاومة من مخيّم جنين باعتبارها حالة فلتان أمني وبما يهدّد باستخدام ذات السلوك في سائر مواقع المقاومة، ذلك لتأكيد قدرتهم على السيطرة في أراضي الضفة، في ظلّ تواصل الضغط الأمريكي على الإسرائيليّين بتعزيز التنسيق الأمني مع السلطة وتزويدها بالسلاح، الأمر الذي يهدّد جدّيّا السّلم الأهلي ووحدة النسيج الوطني الفلسطيني.
هناك تحرك حيوي وضغوط من القوى السياسية (قوى اليسار وأطراف من حركة فتح) والمجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية، صدر عنه مبادرة تدعو إلى وقف الاقتتال وفتح حوار وطني مجتمعي يخرج بميثاق شرف، مع وقف حملات التّحريض ضدّ المقاومة، مترافقا ذلك مع تحرّكات ومسيرات شعبية في مختلف المدن، وفتح حوار مع حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية (م. ت. ف.).

كيف تقدّرون تداعيات التّحوّلات في سوريا على القضيّة الفلسطينّية حاضرا ومستقبلا؟

ما حدث في سوريا أقرب إلى الزلزال، له تداعياته على المنطقة وعلى الصّراعات الدّولية، وبالتأكيد سيكون له آثاره على القضية الفلسطينية. سوريا لها موقعها الكبير في المنطقة، إذ كانت تسمّى قلب العروبة النابض أو قلب الشرق الأوسط، مواقفها القومية من القضية الفلسطينية كانت دوما إلى جانب المقاومة والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، لم تطبّع مع إسرائيل ولم توقّع اتّفاقيات سلام، هذا بغضّ النظر عن موقفنا من انتهاكات النظام لحقوق الإنسان، وحقوق المواطنة وغياب الحريات العامة… الخ.
التغييرات الجديدة في سوريا تفتح على كلّ الاحتمالات، فعلى صعيد القضية الفلسطينية وبالمستوى المباشر لم يكن لسوريا خلال السنوات الأخيرة أيّ تأثير في القضية الفلسطينية ممكن أن تخسره، لكن على المدى الأبعد والاستراتيجي، الهويّة السياسيّة لسوريا الجديدة ستؤثر كثيرا على مسار القضية الفلسطينية، تحديدا بالعلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي واحتمالات التطبيع.

بلغت حرب الإبادة قرابة 15 شهرا. كيف تقيّمون الوضع الحالي وتطوّرات مفاوضات إيقاف العدوان وعدم اتّفاق فصائل المقاومة مع سلطة رام الله على أوضاع ما بعد العدوان؟

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، منذ الشهر الأول لطوفان الأقصى قدّمت رؤية لمجابهة التحديات التي فرضتها تداعيات 7 أكتوبر على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، دعت فيها إلى تشكيل هيئة فلسطينية موحّدة من جميع القوى الوطنية والإسلامية، تفتتح الطريق لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، بما في ذلك تشكيل هيئة موحّدة للمفاوضات تحت راية م. ت. ف. سواء على مستوى مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار أو المفاوضات للمسار السياسي الذي فتح بعد 7 أكتوبر.
في ذات السياق لعبت الجبهة دورا مهمّا للخروج بنتائج اتّفاق بكين، وواصلت المطالبة بعقد اجتماع للإطار القيادي الموحّد المؤقت الذي يقوده الرئيس ويشارك في عضويته الأمناء العامون إلى جانب أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وفقا لاتفاق بكين، إلى جانب تشكيل حكومة توافق وطني تدير الأوضاع في غزة والضفة في اليوم التالي للحرب، للأسف، حتى الآن، لم يتمّ التعامل مع ما اتّفق عليه في بكين ووقّع عليه 14 فصيلا، رغم مواصلة مطالبتنا وآخرين بذلك بما في ذلك المجتمع المدني والحركات الشعبية.
كما قدّمت الجبهة مبادرة عشية الاجتماع الثنائي بين فتح وحماس في القاهرة لمناقشة الورقة المصرية المقترحة حول تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي في غزة، حذّرت فيها الجبهة من الوقوع في مطبّ الانزلاق لتشكيل لجنة إدارية بمعزل عن مرجعية م. ت. ف. وحكومة التوافق الوطني، لأنها عمليا ستؤسّس لفصل قطاع غزة عن الضفة وفقا للمشروع الأمريكي الإماراتي، الذي وفقا للأوراق التي قُدّمت يسعى إلى تشكيل إدارة مدنيّة مستقلة في غزة بوصاية أمريكية وإقليمية.
الجبهة الديمقراطية ترى أنّ حكومة التوافق الوطني وبمرجعية م. ت. ف. هي التي يمكن أن تشكّل لجنة في غزة من ذوي الاختصاص في الوزارات المختلفة للقيام بالمهام المطلوبة، ما بعد وقف الحرب وتضمن وحدة الأراضي الفلسطينية والمصالحة الوطنية.

إلى الأعلى
×