الرئيسية / الافتتاحية / ترامب رئيسا: المزيد من العدوان والعنصرية والتفقير وتدمير الطبيعة
ترامب رئيسا: المزيد من العدوان والعنصرية والتفقير وتدمير الطبيعة

ترامب رئيسا: المزيد من العدوان والعنصرية والتفقير وتدمير الطبيعة

انتظم يوم 20 جانفي حفل التسليم والتسلّم للرئاسة الأمريكية الذي عاد بمقتضاه كرسي الإدارة الأمريكية إلى دونالد ترامب. هذا الشعبوي اليميني الذي ملأ الدنيا وشغل الناسحين ترأّس الولايات المتحدة في 2017 وعندما سقط في الانتخابات في نهاية تلك العهدة الأولى وحين عاد إلى البيت الأبيض. ملأ وشغل بتصريحاته وتصرفاته وأيضا قراراته التي أمضى منها 78 في يومه الأول بعد خطاب التسلّم الذي لخّص فيه أهمّ توجهاته في السياسة المحلية والدولية.

لقد لامست المراسيم الأولى التي وقّعها ترامب حقيقة توجهاته الفكرية والسياسية فضلا عن شمولها أهم الواجهات. لقد حاز الملف الاقتصادي والمالي نصيبا وافرا من الإجراءات من خلال الإعلان عن الترفيع في الأداءات الجمركية على الدول والمؤسسات التي تصدّر للسوق الأمريكية والإعلان عن قرار تجميد المساعدات الخارجية لمدة ثلاثة أشهر للنظر في جدواها أولا ودعم الاستفادة الأمريكية منها ثانيا. كما أعلن ترامب إعلان الطوارئ الطاقية بتوسيع التنقيب عن الطاقة في أفق التحوّل إلى دولة مصدّرة إلى كل العالم، ويهمّ الأمر إلغاء قرار قديم بمنع التنقيب في المناطق المتاخمة للمتجمّد الشمالي حفاظا على الخصائص الطبيعية والبيئية، وتعهّد بدعم قطاع صناعة السيارات لضرب احتكار الدول الصاعدة. كما أمضى على الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ وهو قرار يهمّ كبار الصناعيين كي يتصرّفوا دون قيود بيئية تهمّ التلوث وتصاعد ثاني أكسيد الكربون الذي تتحمّل الصناعة الأمريكية نصيبا هاما في انتشاره ممّا يهدّد الوجود الطييعي والبشري. وقرّر ترامب الانسحاب من منظمة الصحة العالمية أولا بسبب قربها من الصين وترويج مقاربتها حول جائحة كورونا وثانيا بسبب ضخامة مساهمة بلاده في ميزانية المنظمة. وسياسيا أعلن بكل وضوح أنّ الجيش الأمريكي سيعود ليكون الأقوى ليفرض إيقاف الحروب مركزا على الحرب الروسية الأوكرانية التي يروج اتجاهه لإنجاز صفقة مع بوتين على حساب حلفائه الأطلسيين الذين دعاهم إلى المزيد من الدفع لتأمين أمنهم. ولوّح باعتماد الحصار والعقوبات لمن لا يقبل بمنطق أمريكا، ولم يفته طبعا تأكيد العلاقة مع الكيان الصهيوني الذي رفع العقوبات عن مستوطنيه الذين اعتدوا على الفلسطينيين. وكما كان منتظرا فقد أعاد كوبا إلى قائمة الدول الداعمة للإرهاب ستة أيام فقط بعد سحبها من قبل سلفه. وإذ أعلن تسمية خليج المكسيك خليج أمريكا وأنه ينوي استعادةجزيرة غرينالد من الدنمارك، فإنّ ذلك يتنزّل في سياق تنامي النزعة العسكرية التوسعية كحل لا ترى الامبريالية غيره للتعاطي مع أزمتها والتي يعتبر وصول ترامب إلى الحكم في حدّ ذاته دليلا على عمقها. إنّ وصول ترامب يعني تحوّل اللوبيات الاقتصادية والمالية من تسمية رؤساء/وكلاء للتعبير عن مصالحهم إلى الحكم بأنفسهم وترامب يرمز اليوم لظهور الدولة العميقة على السطح ومسكها بدواليب الحكم بأيديها وهو ما تعكسه جملة الإجراءات الخارجية والداخلية ومنها العمل على طرد آلاف العمال والمستخدمين، واستهداف الأجانب والمجنّسين بما يمسّ من الدستور أصلا الذي يمكّن كل من يولد على الأرض الأمريكية تلقائيا من جنسيتها. إنّ ترامب يتجه إلى طرد ملايين من المهاجرين غير النظاميين الذين وصمهم بالإرهابيين وكرّر أنه سيغلق الحدود مع المكسيك ويكهرب الأسلاك الشائكة.

وحتى يكتمل المشهد اليميني المحافظ كرّر ترامب أنه سيطرد متغيّري الجنس من الجيش والأمن وسيلغي كل القوانين الفيدرالية التي تتسامح أو تعطي بعض الحقوق لهذه الفئة.

إنّ وصول ترامب إلى البيت الأبيض الذي يتزامن مع وضع دولي متوتر تتصاعد فيه نزعات الحروب والصراع الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي والاستخباري بين القوى التقليدية التي تتزعمها الولايات المتحدة والقوى الصاعدة وأهمّها الصين وروسيا. كما يتزامن مع أزمة اقتصادية واجتماعية تضرب دول المركز واحتكاراتها الأبرز والتي يعبّر عنها صعود التيارات الشعبوية اليمينية في أغلب دول الغرب ممّا سيغذي كل مظاهر الصراع الخارجي والاتجاه إلى تصفية كل المكاسب الاجتماعية والسياسية وهو ما يطرح مهمات عاجلة وأكيدة على الطبقة العاملة والقوى الثورية والتقدمية في بلدان المركز والبلدان التابعة، مهمات الدفاع عن الحقوق والحريات ومناهضة الحروب والعدوان وعولمة الخيارات النيوليبرالية ممّا يطرح جدّيا أهمية بعث الجبهة الأممية المعادية للامبريالية والصهيونية والمدافعة عن الشعوب والطبقات المضطهدة.

إلى الأعلى
×