بقلم منذر خلفاوي
أثارت التصريحات الوقحة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال الندوة الصحفية التي عقدها أمس مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني ناتن ياهو موجة إدانة واسعة في الأوساط السياسية خاصة وأنها جاءت بعد إعلانه في وقت سابق نواياه ضم كندا وبنما وقرين لاند إلى الولايات المتحدة.
لقد أعلن بكل وقاحة عن عزمه استعمار قطاع غزة وإدارتها لتكون ملكية طويلة الأمد لأمريكا وجعلها منتجعا سياحيا أو “ريفيرا الشرق الأوسط“. قال “سنعمل على إزالة الركام وتفكيك القنابل الخطيرة ونصلح الأضرار وننمّي الاقتصاد ونخلق الوظائف لسكان القطاع ونبني المساكن الجميلة بالتبرّعات اللازمة التي علينا جمعها وسننقل السكان إلى مناطق أخرى وسيكون هناك سلام…” وقد اعتبر المجرم ناتن ياهو أن ترامب رفع الأمر لمستوى أعلى وأنّ الفكرة جديرة بالاهتمام وبإمكانها تغيير التاريخ وقال لترامب “أنت ترى أمورا لا يراها غيرك وسيتفطنون إليها بعد وقت طويل ليعبّروا عن سداد رأيك …الخ“.
ردود الفعل في “دولة” الكيان الصهيوني حكومة ومعارضة كانت مرحّبة بالفكرة التي أعلنها ترامب وهم يشعرون بنشوة كبيرة للزيارة التي قد فاقت كل التوقعات والأحلام والمخططات الصهيونية ولها آثار عظيمة على أمن ومستقبل “إسرائيل” كما أعادت اللحمة بين أجنحة حكومة ناتن ياهو.
إنّ الخطة الامبريالية الأمريكية الجديدة تأتي ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد وهو الاستحواذ على غزة التي تحتوي على ثروات هائلة من الغاز لنهبها خاصة في الفترة المقبلة التي بدأت بتصعيد الحرب الاقتصادية بين القوى الامبريالية وهي تريد استعمارها وتهجير أهلها بمسوغات إنسانية وحيل وأكاذيب من قبيل “كفى غزة دمارا وكفى دما وكفى ألما …الخ، سياسات خبرها الشعب الفلسطيني ولن تنطلي عليه فتاريخ العرب والفلسطينيين مع الحلول المغشوشة والمؤقتة عديدة فهي في الحقيقة حلول قديمة من وعد بلفور إلى حرب 48 وجرح النكبة وإنشاء مخيمات اللاجئين خارج فلسطين أكبر دليل على ذلك . لن تنطلي إذن سياسات المجرم ترامب بأنّ الحل وقتي لإتمام عملية إعادة الإعمار وغيره.
ردود الفعل الفورية من القوى الشعبية والأحزاب الديمقراطية حتى داخل أمريكا هي اعتبار هذه التصريحات مخالفة للقانون الدولي وضد الحل السياسي الدائم المتمثل في “حل الدولتين” بينما أصيبت الأنظمة في الأردن ومصر بالإحراج حين تحدث ترامب عن قبولهما إلى جانب بعض الدول العربية الأخرى بتهجير الفلسطينيين إليها وكان ردّهما محتشم وديبلوماسي موجه للاستهلاك الداخلي فقط وهو أمر طبيعي من أنظمة عميلة متواطئة ومطبّعة مع الكيان الصهيوني من مصلحتها قبر القضية الفلسطينية نهائيا.
لقد أعلنت فصائل المقاومة أنّ فكرة التطهير العرقي وتهجير أهالي غزة والقضاء على المقاومة وإقامة دولة بدون أهلها هي جريمة حرب كبرى تنمّ عن جهل عميق للوقائع خاصة بعد أن صمدت وحققت انتصارا تاريخيا على تحالف عالمي استعمل الأسلحة المتطورة والقنابل لمدة خمسة عشر شهر ورغم ذلك لم تحقق إسرائيل أيّ من أهدافها (استرجاع الأسرى، القضاء على المقاومة، تهجير السكان…) ولم تنجح إلّا في تدمير المساكن وقتل الأبرياء أطفالا ونساء وشيوخا وفي النهاية عاد الأهالي إلى ديارهم شمال غزة برغم الدمار وسيقوم شعب الجبارين مرة أخرى بتسفيه أحلام المجرم الفاشي ترامب وإدارته وجيشه وسيفشل مخططات التهجير القسري، كما ستنهض المقاومة من جديد موحدة لتجعل من غزة مقبرة للغزاة الأمريكان وستتصدى الشعوب العربية لإرادة أنظمة الخيانة العربية لتوطين أهالي غزة كما ستتضامن شعوب العالم ضد توحش وتهوّر مجرمي الحرب.