الرئيسية / صوت الشباب / وفاة الطالب محمد عزيز المعراجي تشعل فتيل الاحتجاج بالقيروان
وفاة الطالب محمد عزيز المعراجي تشعل فتيل الاحتجاج بالقيروان

وفاة الطالب محمد عزيز المعراجي تشعل فتيل الاحتجاج بالقيروان

بقلم سناء بعزاوي

عاشت القيروان احتجاجات طلابية واسعة إثر وفاة الطالب محمد عزيز المعراجي القاطن بمبيت صبرة بالحي الجامعي رقادة.
وقد أرجع الطب الشرعي سبب الوفاة إلى إصابة عزيز بمرض التهاب السحايا البكتيري.

وكان أصدقاء الفقيد قد طلبوا نقله إلى المستشفى صبيحة يوم وفاته ولكن الإدارة رفضت متعللة بعدم تجديد تعاقدها مع سيارة إسعاف ممّا اضطر أصدقاءه للاتصال بالحماية المدنية وأخّر نقله. كما أن المستشفى الجهوي ابن الجزار اشترط بعد وصوله أخيرا حمله لوثيقة تثبت أنه طالب ليتلقى العلاج اللازم وهو ما لم يكن متوفرا لحظتها باعتبار أنّ إدارة المبيت لم تمكنه من وثيقة مغادرة للمبيت ولم ينتبه أصدقاؤه وسط حالة الفزع التي كانوا عليها لضرورة حمل بطاقة هوية، ما اضطر مرافقه للعودة إلى المبيت الجامعي الذي يبعد حوالي 14 كم عن المستشفى للبحث عن هذه الوثيقة. وقد يقدر البعض أن المسافة قريبة ولكن الوضعية المزرية للنقل العمومي في القيروان تجعل هذه المسافة ذهابا وإيابا تستغرق أكثر من ساعة، وهو ما أدّى إلى مزيد تأخير العلاج ليموت الطالب بعد ساعات من نقله إلى المستشفى.
أشعل هذا الحادث فتيل الاحتجاجات الطلابية في كامل الأجزاء الجامعية بولاية القيروان التي عرفت في اليوم الموالي للوفاة إضرابا عاما دعت إليه وساهمت في تأطيره هياكل الاتحاد العام لطلبة تونس بالجهة للمطالبة أساسا بمحاسبة كل المسؤولين عن وفاة زميلهم. وقد تحوّل هذا الإضراب في جزئي كلية الآداب والعلوم الإنسانية والمعهد العالي للدراسات التكنولوجية إلى مسيرة جابت الحي الجامعي برقادة وتحوّلت إلى غلق الطريق الوطنية على مستوى مفترق الكلية، أمّا الأجزاء الجامعية بالقيروان المدينة فقد تحول طلبتها في مسيرات اتجهت نحو ديوان الخدمات الجامعية.
وكشفت هذه الاحتجاجات ارتباك مختلف السلط الجهوية من الوالي إلى معتمد القيروان الجنوبية إلى الإدارة الجهوية للنقل… فمن لم يزر الحي الجامعي برقادة يوما جاءه صاغرا ليحاول امتصاص غضب الطلبة الذين أغلقوا الطريق الوطنية ولم يفتحوه إلا بعد برمجة اجتماع مع وزير التعليم العالي ووفد مرافق له في مقر الولاية مع ممثلين عن الطلبة انتهى إلى الاتفاق على فتح تحقيق إداري وأمني في الحادثة وعزل وقتي لمدير المبيت الجامعي صبرة إلى حين انتهاء التحقيقات، وسحب التكليف من المدير الجهوي بالنيابة للخدمات الجامعية.
كما عرّت هذه الاحتجاجات أيضا رداءة الخدمات الجامعية في الجهة، وخاصة في الحي الجامعي رقادة، فالمبيتات الجامعية تفتقر لأبسط مقومات الحياة من شدة اهتراء التجهيزات كالأسرة والمرتبات والطاولات والنوافذ المكسورة… ومن غياب الحمامات (الأدواش) في بعضها أو فتحه مرة أسبوعيا للطلبة وهو ما يحول دون تمكنهم جميعا من الاستحمام بسبب الاكتظاظ ونفاذ المياه الساخنة من الخزانات، هذا إلى جانب تراكم الأوساخ وسط المبيتات وفي محيطها المليء أيضا بكلاب سائبة… هذه المبيتات التي لم تشهد الصيانة الضرورية منذ بنائها في الثمانينات، بل إنّ بعض الأجنحة التي سبق غلقها لأنها غير مؤهّلة للسكن في انتظار استكمال صيانتها اضطرت الإدارة لفتحها بسبب الاكتظاظ الكبير في صفوف الطلبة المتمتعين بالسكن الجامعي مقابل طاقة استيعاب ضعيفة بالجهة.
ونشير هنا إلى أن مغازة أحد المبيتات كانت مليئة بعشرات الأسرّة والخزائن الجديدة لكن الإدارة رفضت كل طلبات الطلبة بتغيير الغير صالح منها في غرفهم منذ بداية السنة وأثبتت الصور أنهم كانوا ينامون على أسرّة مكسورة ومرتبات بالية.
الأكلة الجامعية أيضا تجاوزت الحد المقبول من الرداءة فإلى جانب وجود نوع واحد من اللحوم وهو الديك الرومي فإن الكميات محدودة وحتى من حيث الجودة فقد أدّت الأكلة إلى نقل عدد من الطلبة إلى الإسعاف طوال الأشهر الماضية، دون الحديث عن الخدمات الصحية الشبه منعدمة.
لم يكن الوضع خفيا عن المسؤولين ففي يوم 10 فيفري 2025 نظم الاتحاد العام لطلبة تونس ممثلا في عضوي مكتب تنفيذي وأعضاء عن المكاتب الفدرالية للأجزاء الجامعية الراجعة بالنظر لديوان الوسط تحركا بولاية سوسة في الإدارة العامة للخدمات الجامعية بالوسط انتهى إلى جلسة تفاوض عرضت فيها جملة هذه المشاكل موثقة بالصور والفيديوهات، وتعهّد المدير العام في نهاية الجلسة بالتدخل السريع لحلها ولكن كلامه بقي حبرا على ورق.
إشكالات بالجملة تتحمل مسؤوليتها منظومة الحكم الحالية التي تعمّدت عبر سنوات ضرب التعليم العمومي خاصة في المناطق الداخلية التي لا تقارن الاعتمادات فيها بما يقع رصده لمناطق أخرى، وحتى داخل نفس الولاية هناك تمييز تتعدد أسبابه: فمن جهة يوجد تمييز على أساس التخصصات الدراسية والفئات الاجتماعية للطلبة ومن جهة أخرى عدم جدارة المسؤولين الذين لا يعنيهم سوى الحفاظ على كرسي المدير والسيارة الإدارية دون المطالبة بأيّ تحسين، فمثلا يتمتع مبيت ابن رشيق في الحي الجامعي رقادة بميزانية قدرها 500 ألف دينار سنويا وعدد القاطنين فيه 600 طالب وطالبة بينما لا تتجاوز ميزانية المبيت الجامعي “رقادة” الذي تسكنه أكثر من 1200 طالبة، الـ 240 ألف دينار.
هذا الواقع الذي يعانيه الطلبة يوميا لا يمكن أن يستمر طويلا، فما على الحركة الطلابية إلا أن تنظم صفوفها وأن تتجهز للدفاع عن كرامة الطلبة وحقوقهم.

إلى الأعلى
×