الرئيسية / عربي / من إدوارد سعيد إلى محمود خليل
من إدوارد سعيد إلى محمود خليل

من إدوارد سعيد إلى محمود خليل

بقلم عمر حفيّظ

في صيف 2000 زار إدوارد سعيد الجنوب اللّبنانيّ بعد خروج الصّهاينة منه وقد دام احتلالهم له 18 عاماً. وفي صبيحة يوم الزّيارة دخل سجن الخيام القاتم، الذي كان يجري فيه التّحقيق مع المعتقلين الفلسطينيّين وتعذيبهم. وفي الظّهيرة، توقّف عند “بوّابة فاطمة” في قرية كفر كلا المحرّرة حديثاً، وفي بادرة احتفاليّة، التقط حجراً صغيراً ورماه عبر سياج من الأسلاك الشّائكة على الحدود، في اتّجاه برج مراقبة للعدوّ على بعد نصف ميل. سقط الحجر دون إحداث أيّ أذى، بعيداً مئات الأمتار عن الموقع العسكريّ.
والتقط مصوّر في وكالة الأنباء الفرنسيّة تلك الصّورة، وفي صباح اليوم التّالي، التقطت وكالة “يونايتد برس” العالميّة، تلك الصّورة التي نشرت في الصّحف في جميع أنحاء العالم تحت عناوين بارزة: أستاذ جامعة كولومبيا يقذف الجنود “الإسرائيليّين” بالحجارة. وراحت الصّحف تدين إدوارد سعيد وتصفه بأنّه “أستاذ في الإرهاب”… وانطلقت دعوات تطالب بطرده من جامعة كولومبيا، ومن “جمعيّة اللّغات الحديثة” المرموقة، التي كان رئيسَها ذات يوم.
وواصلتْ صحيفة “نيويورك تايمز” تشنيعها على إدوارد سعيد بشأن الحادث نحو ثمانية أشهر، وذكرت مبتهجةً في مارس 2001، أنّ جمعية فرويْد في فيينا، ألغت محاضرة كان من المقرّر أن يلقيها سعيد، بسبب “معاداته للسّامية”. وردّ سعيد بحِدّة قائلاً: “لقد طورِد فرويْد وأُخرِج من فيينا؛ لأنّه كان يهوديّاً. وأنا أطارَد الآن لأنّي فلسطيني.”
واليوم يخرج ترامب بقضّه وقضيضه ليطالب بطرد الطّالب الفلسطينيّ محمود خليل من أمريكا لأنّه يدافع عن فلسطين وحقّ الفلسطينيّين في العيش فوق الأرض وتحت السّماء،،،
ويهدّد الطّلبة العرب جميعا بالطّرد إذا ما ’’’’ارتكبوا‘‘‘‘ الجرم نفسه.
هكذا ببساطة ،،،،،،،،،،، والأنظمة العربيّة تتفرّج، بل إنّ بعضها إذا صادف أن تناظرت مع أمريكيّ في العمل لديه فإنّه يقبله الأمريكيّ ويرفضك أنت وإذا قبلكما الاثنين معا فإنّه يجعل أجره ضعف أجرك مرّة أو مرّتين.

إلى الأعلى
×