بقلم ظافر الصغير
منذ مدّة تصدّعت رؤوسنا بجملة من الخطب السياسية الهادفة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وإنهاء عقود الشغل العبودية والدفاع عن كرامة عمال وآخرها المجلس الوزاري المنعقد يوم 13 مارس 2025 والذي أشرف عليه أعلى هرم في السلطة والذي تمّ خلاله عرض مجموعة من مشاريع القوانين من بينها تنقيح مجلة الشغل.
فبعد سرد أهمّ التنقيحات التي شهدتها مجلة الشغل خلال سنوات التسعينات مرّ رئيس مجلس الوزراء إلى تلك الجمل الرنانة التي تعودنا عليها في أغلب التصريحات حيث أكد على ضرورة وضع حدّ لجراح وآلام الشعب التونسي من خلال التنقيحات التي ستشهدها مجلة الشغل كما لم يخل هذا الخطاب من التهديدات المعتادة في كل المناسبات حيث أكد أنّ القانون فوق الجميع ومن يسعى إلى المساومة بحقوق العمال هناك أحكام جزائية بانتظاره.
إنّ المتتبع لمثل هذه التصريحات يعتقد أنّ السلطة السياسية جادة في إنهاء المناولة هذه الشعارات الرنّانة قد تغالط جزءا من الشعب التونسي وهي فعلا بصدد مغالطة جزء كبير من الشعب التونسي.
في الوقت الذي نسمع فيه هذه الخطب حول إنهاء العمل بالمناولة فإن بلدية بن عروس تستعدّ لعرض صفقة بـ 800 ألف دينار على اللجنة الجهوية للصفقات وذلك لتمكين إحدى المقاولات للقيام بأشغال الكنس وذلك بتخصيص 70 عاملا للقيام بهذه الأشغال لمدة سنة.
فمجرّد القيام بعملية حسابية فإن أجرة العامل ضمن هذه الشركة ستكون تقريبا 952 دينارا خاما وإذا أخضعناها إلى جملة الأداءات فستكون في حدود 666 دينارا كأجر صاف وإذا طرحنا منها مرابيح المقاولة فإن أجرة العامل لن تتجاوز الأجر الأدنى المضمون والذي يساوي 494 دينارا شهريا.
علما وأنّ العامل المترسم في البلدية يتقاضى تقريبا 1150 دينارا كأجر صاف شهريا دون احتساب بقية الامتيازات كزيّ الشغل والزيّ الواقي والمنح بمناسبة الأعياد والعودة المدرسية.
إذا كان الدفاع عن كرامة وحقوق العمال يؤدي إلى التخفيض في الأجر إلى أقل من النصف فبئس الدفاع هذا. إنّ الخطاب السياسي في واد والواقع في واد آخر فهذا ليس بجديد في واقعنا اليوم.
إنّ ما ستقدم عليه بلدية بن عروس، فإلى جانب أنه متناقض مع الخطاب السياسي الرسمي فهو يندرج في باب التحيّل في تقديم المعطيات فبدلا من أن تقوم البلدية بانتداب عملة ويدرج هذا في الميزانية في باب التأجير فإنه بهذا الإجراء سيدرج في باب النفقات وبالتالي فإن الأرقام التي ستقدّم ستشهد ظاهريا انخفاضا في كتلة الأجور وهو المطلوب من طرف المؤسسات النقدية العالمية هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنه سيغلق الباب أمام الانتداب في الوظيفة العمومية في بلد ترتفع فيه نسبة البطالة يوميا إلى جانب انتهاك حقوق العمال وكرامتهم.
ظافر الصغير
الكاتب العام للنقابة الأساسية
للتعليم الأساسي ببن عروس