يحيي اليوم الجمعة 16 ماي 2014 معطّلات ومعطّلو العالم، اليوم العالمي للنّضال ضدّ البطالة والإقصاء الاجتماعي، في واقع دولي وعالمي تميّز بحدّة استغلال القوى الماليّة العالميّة وصناديق النقد الدّولي ومن ورائهم البلدان الرأسمالية الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي لشعوب العالم الثالث وخاصّة شعوب شمال إفريقيا والشرق الأوسط الذي رغم الموجة الثورية التي عرفتها المنطقة في السنوات القليلة الفارطة، لم تتمكّن هذه الأخيرة من قطع تبعيّة بلدانهم الاقتصاديّة والسياسيّة، بل على العكس تماما، فقد كرّست حكومات بلدان الرّبيع العربي تعليمات وإملاءات الغرب بحذافيرها ممّا ساهم في تعميق الأزمة الاجتماعيّة بنسق متسارع (ارتفاع نسبة البطالة، ارتفاع نسبة الفقر، غياب التنمية الخ..)
تاريخيّة اليوم العالمي للنّضال ضدّ البطالة والإقصاء الاجتماعي
يعود اليوم العالمي للنّضال ضدّ البطالة والإقصاء الاجتماعي إلى حادثة يوم 15 ماي 1993 حيث تمّ اعتقال مناضل الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب “مصطفى حمزاوي” على خلفيّة نشاطه الاجتماعي ودفاعه المستميت عن قضايا التّشغيل وقضايا شعبه الوطنيّة والطبقيّة، وقد تمّ تعذيبه والتّنكيل به حتى الاستشهاد في ساعة متأخّرة من نفس الليلة، على يد مفتّش شرطة يدعى “ايت اوكرين محمد” بمركز شرطة بإقليم زاكورة بالجنوب المغربي، وهنا يجب الإشارة أنّ قتلة الشهيد مصطفى لازالوا يتمتعون بحريّتهم دون محاسبة وعقاب بتواطؤ حكومي وقضائي، وفي هذا الإطار وتخليدًا لذكرى شهيد النّضال الاجتماعي “مصطفى حمزاوي” أعلنت جمعيات ومنظّمات ونقابات المعطّلين المناضلة في العالم إلى جانب الحركات الاجتماعية والثورية، 16 ماي يومًا عالميًا للنّضال ضدّ البطالة والإقصاء الاجتماعي.
اتّحاد أصحاب الشّهادات المعطّلين عن العمل و16 ماي
يحيي مناضلات ومناضلي اتّحاد أصحاب الشّهادات المعطّلين عن العمل وعموم المعطّلات والمعطّلين في تونس اليوم العالمي للنّضال ضدّ البطالة والإقصاء الاجتماعي بعد مرور 3 سنوات على ثورة “الشغل والحريّة والكرامة الوطنية” ونسبة البطالة في ارتفاع متواصل حيث بلغ مجموع المعطّلين حسب الأرقام الرّسمية حوالي 800 ألف أي ما يعادل أكثر من 20 % من مجموع اليد العاملة النشطة، وهي من النّسب الأعلى بالمنطقة، كما أنّ عدد المعطّلين عن العمل الحاملين للشّهادات العليا قد فاق 350 ألف، ممّا جعل نسب المعطّلين من فئة الشباب تفوق 30 % وهو المعدّل الأعلى في العالم.
إنّ عجز الاقتصاد على تلبية طلبات الشغل ليس مجرّد أزمة عابرة أو ظرفيّة استثنائية، بل هي نتيجة لخيارات اقتصادية واجتماعية معادية للشّعب ولطبقاته الكادحة وهي الابن الشّرعي للنّظام الاقتصادي الرأسمالي المتوحّش، هذا النظام الذي فتحت له أبواب البلاد منذ بداية السبعينات، وهو ما جعل الدّولة تسرع في التّخلّي عن دورها في الاستثمار المباشر ويتقلّص بذلك إنتاج الثروة الوطنية في مقابل توسّع مجال فعل رأس المال وخاصّة الأجنبي الذي يستغلّ ثروات البلاد ولا يساهم في حلّ مشاكلها. ولقد بدأت الأزمة الهيكلية الفعلية للاقتصاد الوطني بداية الثمانينات، وبالتّحديد سنة 1985 تاريخ الشّروع الفعلي في تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي المفروض من طرف صندوق النّقد الدّولي، هذا البرنامج الذي بدأت فيه الدّولة في بيع مؤسّسات الدّولة للرّأسمال الأجنبي وفتح البلاد للمنتوجات الأجنبيّة وأصبح المنتوج الوطني غير محمي، فأغلقت العديد من المصانع وفقدت الآلاف من مواطن الشّغل ممّا عمّق معضلة البطالة التي تفاقمت بتقدم تطبيق هذا البرنامج، لترتفع نسبة البطالة من 7.5 %سنة 1984، إلى 18 % سنة 2010.
كما تزامن إحياء اليوم العالمي للنّضال ضدّ البطالة والإقصاء الاجتماعي مع الحوار الوطني الاقتصادي الذي دعت إليه ونظّمته حكومة “المهدي جمعة” دون تشريك الممثّل الشّرعي للمعطّلين “اتّحاد أصحاب الشّهادات المعطّلين عن العمل” وحرمان الفئة التي كانت المحرّك الأساسي للثّورة من التّعبير عن التّوجّهات الاقتصاديّة التي تعتبرها تضع البلاد على الطّريق الصّحيح نحو الحد من البطالة والقضاء عليها تدريجيّا، كما أنّ حسب تصريحات المتابعين، أنّ حكومة “الكفاءات الوطنية” أقدمت على تنظيم هذا الحوار فقط لإضفاء صفة التوافقيّة على قرارات وتوجّهات اقتصاديّة خطيرة مقرّرة سلفًا ولتمرير إملاءات صندوق النّقد الدّولي. وهنا لا بدّ من الإشارة أنّ اتّحاد أصحاب الشّهادات المعطّلين عن العمل لن يتوانى في فضح هذه المناورة والتصدّي لكلّ التّوجّهات والسّياسات التي من شأنها تجويع الشعب أكثر وتفقيره.
كما قرّر مناضلات ومناضلي اتّحاد أصحاب الشّهادات المعطّلين عن العمل إحياء اليوم العالمي للنّضال ضدّ البطالة والاقصاء الاجتماعي أمام سفارة المغرب تخليدا لذكرى شهيد جمعية المعطلين بالمغرب “مصطفى حمزاوي” وأيضا للضغط على الحكومة المغربية لمحاسبة القتلة والتصدّي لظاهرة الإفلات من العقاب.
أيمن مراد عضو الهيئة التقريرية الوطنية
لاتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل